عاجل
الإثنين 23 ديسمبر 2024 الموافق 22 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

ياسر حمدي يكتب: أبي أحمد.. والحرب الأهلية لتقسيم إثيوبيا

تحيا مصر

هل إثيوبيا على مشارف حرب أهلية قد تؤدي إلى تقسيمها؟، قولًا واحدًا نعم.. لقد تسببت سياسات أبي أحمد العنجهية والدكتاتورية في إحتمال إندلاع حرب أهلية مؤكدة قد تؤدي إلى نهاية إثيوبيا، خاصةً بعد فشل المفاوضات الأمريكية في وقف الصراع الدائر بين الجبهة الشعبية لتحرير التيجراي والجيش الإثيوبي المتورط في جرائم حرب في الإقليم، ورفض رئيس الوزراء المتغطرس الدخول في مفاوضات سلام مع التحالف المكون ضده.

تحيا مصر 

أبي أحمد الحاصل على جائزة نوبل في السلام هو من يأمر اليوم بحمل السلاح؛ ليس لمواجهة الأعداء؛ وإنما لنحر شعبه الثائر من أجل الحقوق الإنسانية المشروعة، وقتل الأبرياء من المدنيين، ليجر البلاد إلى حرب أهلية تخلف بحور من الدماء والدمار الشامل، والظلام الدامس على الشعب الإثيوبي كله، وذلك بدعوته سكان أديس أبابا إلى حمل السلاح لمواجهة إثيوبيين مثلهم خاصةً بعد إعلان تحالف عرقية الأورومو وجبهة تحرير التيجراي مواصلة الحرب حتى إسقاطه.

والسؤال هنا هل خدع أبي أحمد العالم؟.. نعم لقد خدع رئيس الوزراء الإثيوبي الجميع، واليوم أظهر إمبراطور إثيوبيا الجديد وجهه الحقيقي، وكان برنامج الإصلاح المزعوم والسلام مع الجارة الإريترية مجرد استعدادات لهدفه المتمثل في إعادة إقامة حكم مركزي ودكتاتوري في دولته، كيفما كان الثمن، وظل العالم صامتًا بشأن غزو تيجراي لشهور؛ لا يوجد قرار من الأمم المتحدة، ولا من الإتحاد الأوروبي، ولا حتى اعتراض من الإتحاد الأفريقي، على الرغم من دعوات عدة من منظمات حقوقية للقوى الغربية لفرض عقوبات على النظام الإثيوبي ووقف التعاون الإقتصادي معه، إلى أن تبينت لهم الحقيقة وبدأتها أمريكا بفرض عقوبات على الحكومة الإثيوبية وبعض الكيانات السياسية بأديس أبابا.

المرحلة الحالية حرجة للغاية وأحد الاحتمالات هو انهيار الدولة الإثيوبية نفسها لأن تعنت رئيس الوزراء الإثيوبي ورفضه حلول وفتح حوار أو تفاوض مع التيارات الأخرى وفشل المبعوث الأمريكي يعني أن الصدام قادم بين الطرفين لا محالة، وأن احتدام الصراع بات وشيكًا، ويبدو من المشهد أن الطرف الاضعف سيكون أبى أحمد، والدليل القاطع دعوته لجموع الإثيوبيين بالخروج بالسلاح في الشوارع دفاعًا عن العاصمة.  ما يقوم به رئيس الوزراء الإثيوبي يدل على ارتباكه وانفصاله عن الواقع كون العاصمة الإثيوبية تقع في قلب إقليم الأورومو، والمعروف أنه متحالف ويقاتل في صفوف جبهة التحرير بإقليم التيجراي، الأمر الذي دعى الجبهة إلى أن تعلن إذا لم يرحل أبي أحمد فستتقدم إلى العاصمة الإثيوبية، خصوصًا بعد سيطرتها على مدينة جربا جوراتشا، التي تبعد ١٦٠ كيلو مترًا عن أديس أبابا.

ومع التصعيد وفرض الحكومة الأثيوبية حالة الطوارئ، وزيادة حدة العنف والاحتدام والتأهب للحرب الأهلية المنتظرة، دعت معظم السفارت الأجنبية المتواجدة على الأراضي الأثيوبية رعاياها لمغادرة البلاد، ومغادرة طواقمها الدبلوماسية.

وبعد أن أعلنت واشنطن مغادرة بعض موظفي سفارتها ونصحت المواطنين الأمريكيين بمغادرة البلاد في أقرب وقت بقدر الإمكان، ومع تكرار دعوات الولايات المتحدة الأمريكية لرعاياها لمغادرة إثيوبيا لأكثر من ثلاث مرات في أقل من أسبوع وهذا الأمر لم تفعله واشنطن من قبل في أي دولة إلا ويحدث بعده كارثة حتمية بداخلها، ومع إطلاق وزارة الخارجية الأمريكية فرقة عمل جديدة للإشراف على مغادرة بعض موظفي السفارة الأمريكية والمواطنين الأمريكيين الذين يسعون لمغادرة البلاد، بحسب تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، فإن ذلك كله يؤكد أن الحرب الأهلية بإثيوبيا قادمة لا محالة.

والسؤال الآن هل ستسقط أديس أبابا في أيدي قوات التيجراي وحلفائها؟.. وبحسب وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، قامت 9 جماعات إثيوبية بالتوقيع على إتفاق لإنشاء تحالف جديد وهو «الجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية والكونفيدرالية الإثيوبية» المناهض لحكومة رئيس الوزراء الإثيوبي، ويهدف إلى فترة انتقال سياسي، ويهدد بالزحف بإتجاه العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وإسقاط أبي أحمد، الذي يتهمه التحالف بارتكاب جرائم ومجازر وإبادات جماعية تجاه شعبه.

فيما قامت قوات التحالف الشعبي من السيطرة الكاملة على مناطق إستراتيجية هامة بالقرب من العاصمة، وفي الأيام الأخيرة استولوا على عدة مدن في أمهرة، وانتزعوا أيضًا كيميس على مسافة كيلو مترات من شمال أديس أبابا، وقاموا بتحقيق إنتصارات قوية وواضحة وموجعة للجيش الإثيوبي الموالي لرئيس الوزراء.

بينما أعلن جال مارو، قائد جيش تحرير أورومو، المتحالف مع جبهة تحرير تيجراي مساء أمس، أن قواته بالقرب من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وتستعد لهجوم آخر، متوقعًا أن تنتهي الحرب قريبا جدًا بانتصارهم، وأن الحكومة تحاول فقط كسب الوقت، وهم يحاولون إثارة حرب أهلية في هذا البلد، لذا فهم يطالبون الأمة بالقتال بحسب تصريحاته الصحفية، وأعتقد بذلك فإن الإجابة على السؤال قد باتت في أيدي الجميع ونمت إلى الأذهان.

لكن الأهم أن الصراع المستمر لمدة عام نتج عنه إرتكاب أبي أحمد جرائم حرب، وهذا ما أكده التقرير الأممي والصادر عن هيئة تحقيق مشتركة أجرته مفوضية حقوق الإنسان الإثيوبية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، من بينها جرائم ضد الإنسانية، وأشار التقرير إلى توثيق جرائم قتل خارج نطاق القانون، وتعذيب، واغتصاب، وهجوم على لاجئين ومشردين وجميعها ارتكبت داخل الإقليم.

ووفق ما قالته ميشيل باشليت، المفوضة السامية لحقوق الإنسان، إن الصراع في تيجراي أتسم بوحشية مفرطة، وأن هناك قرائن منطقية على أن جميع أطراف الصراع متورطون، سواء بشكل مباشر في الهجوم على مدنيين أو منشآت مدنية مثل المنازل والمدارس والمستشفيات ودور العبادة، أو في شن هجمات عشوائية ذهب ضحيتها مدنيون وأسفرت عن تدمير منشآت مدنية، كما وثق التحقيق المشترك بين جهات إنسانية أممية وإثيوبية جرائم قتل خارج نطاق القانون، وأن هناك عنف جنسي وعمليات أغتصاب جماعي قام بها أفراد الجيش الإثيوبي تجاه المدنيين بإقليم التيجراي تم توثيقها، الأمر الذي دعاها طلب الحكومة الإثيوبية بفتح تحقيقات شاملة وموسعة وفعالة على يد جهات مستقلة ومحايدة في مزاعم تلك الانتهاكات ومسائلة مرتكبيها، وبذلك يكون قد تأكد للغرب قبل الشرق تورط أبي أحمد في جرائم حرب موثقة لابد من محاسبته عليها.. ويبقى السؤال الأهم هل سيؤثر ذلك في قضية سد النهضة؟.. هذا ما سنحاول الإجابة عليه في مقالات قادمة بحول الله وقوته.

تابع موقع تحيا مصر علي