عاجل
الإثنين 23 ديسمبر 2024 الموافق 22 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

الطبيب أدوارد يوسف جبرائيل.. قصة بطل عاصر انتصارت أكتوبر وشاهد على انتصارات الحالي

تحيا مصر

حكايات الابطال لا تنتهى فبرغم مرور حوالى ثمانية وأربعون عاما على تلك الحرب المقدسة الا أن هناك المزيد من الحكايات نسمعها لاول مرة من احد المعاصرين لتلك الحرب المجيدة عن قرب ، تلك الحكايات التي توضح لنا كيف صمد الأبطال امام العدو الغادر الذى حاول ان يسلب النصر باحتلال مدينة السويس الباسلة فانتفض أبطال تلك المدينة العريقة يحملون مسئوليتهم تجاة وطنهم، فاستطاعوا ان يحولوا ذكرى الحصار الى قصص وحكايات يفتخر بها الاحفاد نستمع الى تلك الحكايات من الدكتور ادوارد يوسف لـ تحيا مصر.  

هو الدكتور أدوارد يوسف جبرائيل ولد فى ١٦ أكتوبر ١٩٤٨ في حي الظاهر بالقاهرة قضي دراسته بمراحلها الثالثة في كلية دي ال سال الفرير بالظاهر و تخرجت منها عام ١٩٦٦ و  التحق بكلية الطب قصر العيني و تخرج منها في يونيو ١٩٧٢ و قضي سنة التدريب في مستشفيات القصر العيني و مستشفيات وزارة الصحة بالقاهرة ثم أستلم العمل بمستشفى السويس العام في عام 1973 كطبيب مقيم وتتدرج بالمناصب بالمستشغى العام حتى اصبح مديرا لها عام 2002. 

1 - حدثنا عن ذكرياتك في بداية العمل بمستشفى السويس العام ؟  

“بعد انتهاء سنة الامتياز بكلية الطب بالقصر العينى عندما طلبوا مني كتابة رغبات التوزيع كتبت السويس اول رغبة. أردت أن أشاهد على الطبيعة هذه المدينة المحفور اسمها في  ذهني منذ الطفولة و األحداث المتتالية زادت من ارتباطي بها.سخر مني زمالئي و قالوا لي رايح السويس رايح الجبهة برجليك، الفاتحة على روحك. و كان مجموع درجاتي يؤهلني للتوزيع على  الفيوم و لكنني اخترت السويس و لم أكن ادري ان هذا الاختيار سيأخذني في طريق لم اتخيله  يغير مستقبلي المهني كما سأشرح لكم فيما بعد.و حزمت حقيبتي و ودعت والدتي و كانت المرة  األولى منذ والدتي التي اتغرب فيها عنها و لكنني فارقت حضنها لتلتقطني أحضان ام أخرى هي  مستشفى السويس العام التي استقبلتني طبيبا صغيرا حديث التخرج و علمتني و اثقلت خبرتي و أدين لها بكل ما وصلت اليه مهنيا و اجتماعيا احببتها من اول مرة وقع نظري عليها و أحببت قاعاتها و ساللمها و حجراتها و حوائطها، أحببت هوائها و يشاء المولى عز وجل أن تربطني بمستشفى السويس العام حرب أكتوبر حرب تحرير االرض و صون العرض و استرجاع الكرامة وكان ذلك يوم يوم ٣ سبتمبر ١٩٧٣ اى قبل الحرب بشهر و ثالثة أيام 2 -كيف وصلت للسويس ألول مرة و ما هي مظاهر الحياة العامة خالل تلك الفترة”. 

“يوم ٢ سبتمبر ١٩٧٣ توجهت الي مدينة نصر حيث أن مديرية صحة السويس كانت توجد في  ميدان رابعة العدوية و ادخلوني لمقابلة المدير العام وقتها المرحوم الدكتور محمد أيوب و الذي استشهد فيما بعد أثناء حصار السويس نتيجة نزيف من المعدة و الذي رحب بي و تمنى لي إقامة موفقة في السويس و أعطوني خطاب استلام العمل في وظيفة طبيب مقيم عام بمستشفى السويس العام”.

 

“يوم ٣ سبتمبر ١٩٧٣ استقليت أتوبيس شرق الدلتا من موقف القللي متجها الي مدينة السويس و كان الطريق هادئا الا من بعض سيارات القوات المسلحة و السيارات النقل و كان الطريق  الاسفلت حارة واحدة في الاتجاهين و عند نقطة العوايد تم إجراء التفتيش المعتاد باعتبار اننا سندخل الي منطقة عسكرية و كانت مساكن المثلث هي بداية العمران في المدينة و هالني منظر المساكن و ما بها من آثار القذائف و الطلقات لم تترك مترا واحدا منها بدون إصابات مما يدل على خسة العدو و ضربه المباني عشوائيا و كان وقتها شريط القطار يتوسط الشارع الرئيسي  بالمدينة و ينتهي اما في بور توفيق او في الزيتيات و التفريعة في ميدان الأربعين  سار الاوتوبيس الي ميدان الترعة ثم في شارع أحمد عرابي متجها الي الموقف الذي كان خلف قسم شرطة الأربعين القديم و أمام مسجد الجمعية الشرعية. و في الموقف سألت كيف اصل الى مستشفى السويس العام فقيل لي أن التف حول المدرسة فأجد المستشفى أمامي. و كان تصوري ان المستشفى في هذه المدينة الصغيرة نسبيا ستكون مستشفى صغيرة فاندهشت حين وجدتها مستشفى كبيرا ذات واجهة عريضة و تتوسط بعض المباني المتبقية من المستشفى القديمة”.

 

“و بعد استلام العمل توجهت الي سكن الأطباء المقيمين لاضع حقيبتي و كنت متشوقا ان اخرج إلي الشارع التعرف على الحياة فيها كيف تمشي و اتجهت الي شارع النمسا حيث قهوة رواش و مطعم رواش و كان في شارع السوق بعض المتاجر القليلة لخدمة المدنيين و القوات المسلحة. و من أشهر المحالت محل سوسو الحلوانى و كان في المساء ملتقى لجميع الموظفين العاملين في الخدمات المختلفة مثل ديوان المحافظة و التليفونات و كذلك ملتقى ضباط الجيش الثالث الذين يأتون لتناول سندويتشات سوسو و حلوياته و كان الملتقى يمثل شريحة من الشعب المصري و كان الضباط معظمهم من الاحتياط خريجي الجامعات و الذين لهم في الخدمة سبع سنوات فما نازل و كان من الطبيعي ان نقابل احد زملاء المدرسة أو أحد أبناء الجيران لأن معظم الشباب المصري كان يخدم في القوات المسلحة و كانت السمة العامة في حديث الجميع انهم ملوا من حالة اللاسلم و اللاحرب و كانوا كلهم متشوقين للمعركة و لذلك حين نزلت اول اجازة قلت الخوتي لو الحرب قامت ستسمعون عن معجزات و عجايب لأن الجنود و الضباط على آخرهم”.

3- كيف كان نظام الاجازات بمستشفى السويس العام آنذاك ؟ 

“كان نظام العمل في السويس وقتها بحكم انها جبهة حرب ١٥ يوم عمل و ١٥ يوم إجازة و كنا ٤ اطباء مقيمين وهم دكتور مجدي إسحق و دكتور مصطفى القوصي و دكتور زهير محمد و أنا”.

4- كيف علمت بوقوع ببدء معارك يوم السادس من أكتوبر؟

“كانت أول اجازة لي من ١ الي ١٥ أكتوبر و أثناء نزولي في الاوتوبيس الي القاهرة وجدت المرور مختلفة، فعلي جانبي الطريق و داخل الصحراء تحركات كثيفة لمعدات عسكرية و حركة غير طبيعية و قلت ذلك لاخوتي انه يبدو أن الجيش يستعد لعمل عسكري. و يوم ٦ أكتوبر الساعة الثانية بعد الظهر اندلعت الحرب فقطعت الاجازة و توجهت الي المديرية في مدينة نصر و تم نقل الذين تواجدوا من الدفعة التي كانت في الراحة الي السويس الستئناف عملهم بسبب العمليات العسكرية”. 

5 – كيف وجت المستشفى العام بالسويس يوم 6 أكتوبر 1973؟ 

“حين وصلت إلى المستشفى وجدت صورة مختلفة تماما عن الصورة التي تركتها فيها. سيارات إسعاف القوات المسلحة تنقل الجرحى الي استقبال المستشفى التي كانت كخلية النحل، رميت شنطتي في السكن و ارتديت البالطو الأبيض و أسرعت الي الإستقبال  و كانت هذه البداية”. 

 

 

“الحقيقية لحياتي العملية فقلما يبدأ الطبيب حياته العملية في ظروف حرب حقيقية بكل ما فيها من  عرق و دم و تعب و معاناة و ألم. كانت ظروف الحرب قد فرضت إزالة جميع زجاج المستشفى و استبداله بالواح خشبية بسبب القصف و كنا نستخدم اإلضاءة داخل المستشفى ٢٤ ساعة و كنا اذا نظرنا في الساعة لا نميز اذا كانت نهارا او مساءا من كثرة العمل. و كنا حين نتعب نختار اي ركن و نستلقي على األرض و نخطف بضع دقائق من النوم و كنا نصحو على صوت وقع بيادة مسعفين الجيش حاملين النقالات و هم يجرون في الطرقة المؤدية الي الاستقبال فنقوم نجري لفحص المصابين الجدد”.

تابع موقع تحيا مصر علي