النائبة عفاف زهران تكتب لـ تحيا مصر: إستعادة الدور الريادي لمصر عربياً وإقليمياً
ADVERTISEMENT
شهد الدور المصري على المستوى الخارجي، منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، تطوراً ملحوظاً على كافة الأصعدة، العربية والإقليمية والدولية، حيث كان هذا الدور قد تعرض لحالة من التقزيم والتحجيم إبان العهود السابقة نتيجة لعوامل عدة، إلا أن تولي قيادة جديدة زمام الأمور قد شكل نواة لما يمكن اعتباره إعادة إنتاج لدور مصر الرائد والقائد على المستويات العربية والإقليمية والدولية، ومثَّل تحولاً كبيراً انعكست أصداؤه في مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة.
العلوم السياسية
وتُشير أدبيات العلوم السياسية إلى مدى ما يقتضيه ممارسة الدولة لدور فاعل ومؤثر على المستوى الخارجي، من ضرورة توافر مقومات داخلية قائمة على أساس قوي وراسخ، فبالإضافة إلى ما اتسمت به القيادة السياسية الحالية من تمتعها بشعبية جارفة وتأييد وثقة جماهرية واسعة بشكل أضفي شرعية شعبية على مجمل تحركاتها وقراراتها على المستويين الداخلي والخارجي، فضلاً عن امتلاكها سمات ذاتية ومكون شخصي وفكري كرجل دولة ذو خلفية عسكرية واستخباراتية، انعكست على توجهات الدولة الخارجية في تبني سياسة خارجية أكثر اتزاناً وانضباطاً على مستوى الفعل ورد الفعل.
سياسة الدولة عقب ثورة 30 يونيو
إلا أن النظر إلى سياسة الدولة المصرية خلال السبع سنوات الماضية، يُشير بوضوح إلى الربط العضوي والتفاعل المتبادل بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، فقد حرص النظام المصري بقيادة الرئيس السيسي على العمل على تماسك الجبهة الداخلية وهو الأمر الذي وقف حائطاً سداً أمام بعض المواقف الإقليمية والدولية والتي اتخذت مواقف معادية للترتيبات الوطنية التي أعقبت ثورة 30 يونيو 2013، فضلاً عما تم تحقيقه من إنجازات وطنية ضخمة تتمثل في إنشاء بنية تحتية قوية وتحقيق كفاية الطاقة والنهوض بالتعليم ومكافحة الفقر وزيادة الاستثمارات الخارجية والنمو الاقتصادي المستدام، وغير ذلك.
صندوق النقد الدولي
وبناء على ذلك، فقد حقق اكتشاف حقل "ظُهر" الغازي العملاق في أغسطس 2015، توصل مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في أغسطس 2016، كما أدى إلى استضافة القاهرة لمقر أول تنظيم دولي إقليمي جديد للغاز في شرق المتوسط، وهي نجاحات لم تكن لتتحقق لولا سلسلة من الإجراءات والتدابير الداخلية التي استهدفت خلق المقومات الضرورية لتحويل البلاد إلى مركز إقليمي حقيقي للطاقة، خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية في هذا المجال والاستفادة من موقع مصر الجغرافي وقناة السويس، بالإضافة لما أسفر عنه ذلك التحرك من تحول مصر لرقم فاعل في منطقة شرق المتوسط على مختلف الأصعدة. كما حرصت الدولة المصرية على امتلاك وتحديث أدوات الردع العسكري، وتنويع مصادر التسليح وامتلاك وتوطين التقنيات العسكرية والدفاعية، وهو الأمر الذي ساهم في فرض مصر لرؤيتها بما يحافظ على أمنها القومي، وليس أدل على ذلك من موقفها من لأزمة الليبية ورسم مصر لخطوط حمراء في ليبيا لا يمكن تجاوزها من قبل أي من الأطراف.
الملفات العربية والاقليمية
وقد تبنت مصر سياسة خارجية أكثر فاعلية تجاه أبرز القضايا والملفات العربية والإقليمية، حيث تبنت القاهرة، ونتيجة لانتشار ظاهرة الإرهاب عبر الإقليم وفي العالم، وصعود النموذج المليشياوي وانهيار مؤسسات الدول الوطنية، إلى مقاربة مفادها العمل على ترسيخ الدولة الوطنية ومؤسساتها، واحترام السيادة الإقليمية للدول، وإنهاء الصراعات المسلحة ومنع تجددها، وقد بدا ذلك جلياً في الأزمة الليبية والتي شاركت مصر بنشاط في الدفع نحو التوافق بين الأطراف الليبية وإنهاء المرحلة الانتقالية التي تستهدف إجراء الانتخابات هذا العام، وكذلك المواقف المصرية تجاه الصراعات الأخرى في المنطقة.
مكافحة الارهاب
كما اتخذ النظام المصري على عاتقه مهمة مكافحة الإرهاب سواء داخل مصر أو مساعدة الدول على التخلص من هذه الأفة الدولية، وأضحت قضية مكافحة الإرهاب من أولويات السياسة الخارجية المصرية، واعتمدت على نهج شامل في هذه المكافحة يتمثل في حشد الجهود لمكافحة أمنية وعسكرية وتنموية وفكرية، وقد ترأست مصر لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن خلال أعوام (2016- 2018)، فضلَا عن جهودها في تأسيس المركز الإقليمي لمكافحة الإرهاب لدول الساحل والصحراء 2018، والذي يتخذ من مصر مقراً له.
وعلى الصعيد العربي، فقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي على الترابط بين الأمن القومي المصري والأمن القومي العربي، ورفض محاولات بعض القوى الإقليمية التدخل في شئون الدول العربية بهدف فرض نفوذها على حساب أمن واستقرار المنطقة، ودعم الجماعات المارقة، وتغذية النعرات الطائفية والمذهبية، وقد دعا الرئيس السيسي خلال القمة العربية في مارس 2015 إلى تدشين قوة عربية مشتركة لمجابهة التحديات التي تواجه الدول العربية.
وتواصلاً مع ما سبق، فقد شهد العام 2019، تدشين آلية التعاون الثلاثي بين مصر والعراق والأردن من القاهرة، حيث عقدت القمة الأولى لزعماء الدول الثلاث في 24 مارس، والتي تم الاتفاق خلالها على دفع التعاون والتنسيق والتكامل بين الأطراف الثلاثة في مختلف المجالات.
ومن جانب آخر، قد كشفت تداعيات الحرب الأخيرة في قطاع غزة والقدس الشرقية في مايو الماضي عن استمرار محورية القضية الفلسطينية على رأس أجندة صناع القرار في القاهرة، فقد سارعت مصر بالتقدم بمبادرة لوقف وقف إطلاق النار والتهدئة بين الأطراف، وهو ما شهد به وأكّده القاصي والداني، وطرحت رؤيتها للخروج من الأزمة عبر عدد من المحاور بدءاً من تثبيت وقف إطلاق النار، ومروراً بالدفع بأفق سياسي للحل عبر المفاوضات وعملية إعادة إعمار والتي خصّصت مصر لها 500 مليون دولار.
وعلى الصعيد الأفريقي، فقد شهدت الفترة منذ تولي الرئيس السيسي تنامياً متواصلاً لروابط مصر الأفريقية، بل واهتماماً خاصاً من قبل السيد الرئيس شخصياً، وذلك في محاولة لإعادة إنتاج دور التاريخي مصر في القارة الأفريقية، والذي تراجع كثيراً في العهود السابقة، وقد تبنّت مصر عدداً من الأولويات على رأسها تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي، وتطوير آليات تعزيز السلم والأمن وإعادة الإعمار والتنمية لمرحلة ما بعد النزاعات، والإصلاح المؤسسي والمالي للاتحاد الأفريقي، وتعزيز الروابط الثقافية والحضارية بين الشعوب الإفريقية.
وتعزيزاً لهذا التوجه، فقد تم تدشين آلية جديدة مقرها القاهرة هي "مركز الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات" للتركيز على إعادة بناء الدول في مرحلة ما بعد النزاعات، وتوج الدور المصري في القارة برئاسة مصر للاتحاد الافريقي عام 2019 .
هذا وقد أولت مصر اهتماماً خاصاً بتعميق أواصر التعاون مع دول حوض النيل، على أساس من الاحترام المتبادل وتعظيم المصالح المشتركة في مياه النيل، وتحقيق التنمية في تلك الدول عبر أشكال متعددة من الدعم المادي والفني لمشروعاتها، إيماناً بوحدة المصير، وتفعيلاً لمبادئ التعاون والأخوة، سواء من خلال المبادرة المصرية لتنمية دول حوض النيل أو الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، خاصة في مجالات الطاقة والري والصحة والزراعة.
وختاماً، يمكن القول أن الدور المصري العربي والإقليمي تحت قيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد شهد مزيد من الحيوية والفاعلية غير المسبوقة، الأمر الذي أدى إلى أن تصبح مصر رقماً فاعلاً ومؤثراً في مجمل التفاعلات على الأصعدة كافة، وهو دوراً يليق بعراقة الدولة المصرية وعظمة شعبها واستثنائية قيادتها.