عاجل
الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

عمرو عزت حجاج يكتب: إسماعيل عبد الحافظ.. الحارس الأمين للهوية المصرية  

تحيا مصر

تمكن المخرج الكبير الراحل إسماعيل عبد الحافظ (1941-2012م) من تسجيل اسمه بماء الذهب فى تاريخ الدراما المصرية، وذلك عبر مسيرة فنية تجاوزت الأربعين عاما، قدم فيها سلسلة من الروائع الدرامية التى تمثل درة كلاسكيات الدراما المصرية والعربية.

اقتسم معه معظم مراحل هذه المسيرة الإبداعية، رفيق دربه وتوأم تجربته الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة، فكان أسامة ينسج عوالمه الدرامية وشخصياتها الخالدة على الورق، فيحولها إسماعيل ببراعته الفنية ورؤيته الإبداعية إلى رؤية فنية مرئية متلفزة تنبض بالحياة، فتحتل شخوصها وجدان الناس، حتى أصبحت شخصيات كحافظ رضوان وسليم البدري وسليمان غانم وزينب جعفر وأنيسة بدوى جزء أصيل من عالم الاسرة المصرية حتى يومنا هذا.

إسماعيل عبدالحافظ.. مسكون بهوية مصر

من يدقق النظر فى أعمال إسماعيل عبد الحافظ الفلاح المصري، ابن كفر الشيخ، سوف يجده مسكونًا بهوية مصر، منشغلًا دائمًا بالتعبير عن روح بيئة المجتمع، الذى خرج منه وشكل ذاته،حريصًا على الغوص البصري والفنى فى أدق تفاصيل الحياة المصرية،سواء فى الريف كما يظهر فى أعمال الوسية وجمهورية زفتى والشراقى والوجه الاخر، وفى الحارة الشعبية كما يظهر فى أعمال ليالى الحلمية والشهد والدموع وشارع المواردى.

إسماعيل عبدالحافظ.. القارئ الدقيق للشخصية المصرية

كان دوما مهموما قلقًا بتحولات المجتمع المصري وانعكاس ذلك على الشخصية المصرية وتماسك المجتمع، فرأيناه فى أعماله يجسد بإبداع متناهى تحولات المجتمع من الملكية ذات النزعة الإقطاعية، إلى الثورة الإشتراكية، ثم انفتاح السداح مداح، وما واكب ذلك كله من انتصارات وهزائم وطموحات وإحباطات تركت آثارها العميقة فى الشخصية المصرية، فأحسن التعبير الفنى عن ملامح الحيرة والقلق والتأرجح بين القيم الثورية والطفيلية الاقتصادية فى المجتمع من خلال شخصية على البدرى "ممدوح عبد العليم" فى مسلسل ليالى الحلمية، ومظاهر الفساد والسوقية والابتذال وغلبة المال الحرام على قيم المجتمع من خلال شخصيتى سمير الدوكش "احمد راتب" فى مسلسل العائلة وبسيونى"محمد متولى" فى مسلسل ليالى الحلمية، ومظاهر العجز والتخبط وضياع البوصلة والجنوح إلى الإرهاب كما فى شخصيتى توفيق البدرى "علاء مرسي" فى مسلسل ليالى الحلمية ومصباح "طارق لطفى" فى مسلسل العائلة،وإحساس الغربة والنجاح الزائف والحنين إلى الجذور كما فى شخصية مرزوق أبوالحسن "ممدوح عبد العليم" فى مسلسل سامحونى ماكنش قصدى، كما أحسن التعبير عن قوة الشخصية المصرية ونقاء معدنها وروحها المتفانية المعطاءة من خلال شخصيتى زينهم السماحى فى مسلسل ليالى الحلمية والمقدس بشاى فى مسلسل خالتى صفية والدير والتى جسدهما الفنان سيد عبد الكريم.

إسماعيل عبدالحافظ.. الحارس الأمين للهوية المصرية

كما حرص الراحل الكبير فى أعماله على إظهار قيم الهوية المصرية كالتسامح والتعايش والاعتدال، ويتضح ذلك من خلال كادرات مسلسل خالتى صفية والدير، والتركيز على نظرة سكان القريبة للدير والتى حرص على إظهارها بمزيج من الهيبة والخشوع، وكذلك المشاهد التى أظهرت دفئ العلاقات بين أسرة زينب"عفاف شعيب" وأسرة إيفون "رجاء سراج"، وذلك بشكل بسيط وذكى دون تعقيد أو تكلف، وفى المقابل نجده يقاوم بشدة مظاهر التعصب والتطرف والإرهاب التى حاولت أن تتسلل إلى روح الشخصية المصرية وذلك من خلال مسلسل العائلة.

وسعى أيضا إلى إظهار جوهر هوية الشخصية المصرية، والتى تتجلى فى الصبر والتحميل إلى درجة أن يظن البعض أنها ألفت الظلم واستسلمت له، ثم ما تلبث أن تهب كطائر العنقاء، الذى يعود من الفناء أقوى مما كان، فقد أجاد التعبير عن قوة وصلابة الشخصية المصرية، ويظهر ذلك بشكل جلى من خلال معالجته الإبداعية لثورة 1919 فى أعماله كجمهورية زفتى والوجه الأخر والشراقى والمصراوية ج1، وكذلك معالجته لحرب اكتوبر 1973 فى مسلسلات ليالى الحلمية وأكتوبر الآخر.

هكذا نجد أن إسماعيل عبد الحافظ الفلاح المصري المبدع، قد تشربت روحه بمحبة مجتمعه، فملك تفاصيله حتى أصبح كالعازف الماهر الذي يجيد العزف على آلته الموسيقية، فيٌبدع أجمل الإلحان، الحان الهوية المصرية.. وللحديث بقية.

عمرو عزت حجاج عضو مجلس الشيوخ  تنسيقية شباب الاحزاب والسياسيين  

تابع موقع تحيا مصر علي