روسيا والصين وإيران.. ملفات ساخنة أمام بايدن «كيف ينجزها»؟
ADVERTISEMENT
إجراءات "انتقامية" ضد روسيا.. والصين تطور أسلحة قد تهدد الولايات المتحدة.. فضلا عن تطورات الملف النووي الإيراني، كلها ملفات ساخنة على مكتب الرئيس الأمريكي جو بايدن في انتظار حسمها.
فهل يتخذ بايدن موقفًا أشد مع روسيا، عما كانت عليه العلاقات الأمريكية الروسية إبان حكم الرئيس السابق دونالد ترامب؟.. بينما يتخذ موقفًا أقل مرونة مع الملف النووي الإيراني، لكن ماذا سيفعل أمام التحدي الصيني الكبير؟.
التحدي الصيني
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن الصين تعمل على إنتاج أنظمة أسلحة متقدمة من شأنها تهديد الولايات المتحدة، مستخدمة تكنولوجيا الرقائق الإلكترونية الأميركية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين سابقين ومحللين غربيين، أنه تم رصد منشأة عسكرية سرية في جنوب غربي الصين لتجربة أنظمة صاروخية تفوق سرعتها سرعة الصوت، وحذروا من إمكانية أن تستهدف تلك الصواريخ ذات يوم حاملة طائرات أميركية أو تايوان.
وقال محللون، إنه يتم تشغيل أنظمة كمبيوتر ضخمة تستخدم في تشغيل تلك الأسلحة بواسطة رقائق صغيرة صممتها شركة صينية تدعى "فيتيوم تكنولوجي" باستخدام برامج أميركية، تم بناؤها في مصنع الرقائق الأكثر تقدماً في العالم في تايوان، والذي يحاكي دقة الآلات الأميركية.
وتقول الصحيفة إن شركة "فيتيوم" تصور نفسها على أنها شركة تجارية تطمح لأن تصبح عملاقاً عالمياً للرقائق مثل "إنتل"، لكنها لا تعلن عن صلاتها بأذرع البحث للجيش الصيني.
وتقع منشأة اختبار المعدات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت في مركز أبحاث الديناميكا الهوائية الصيني، والذي يحجب أيضاً علاقاته العسكرية على الرغم من إدارته من قبل لواء في الجيش الصيني، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن وثائق عامة، ومسؤولين سابقين ومحللين تحدث الكثير منهم شريطة عدم الكشف عن هوياتهم.
تكنولوجيا مدنية لأغراض عسكرية
وتقول الصحيفة إن شراكة "فيتيوم" مع مركز الصين لبحوث الديناميكا الهوائية والتنمية، تقدم مثالاً رئيسياً على كيفية تسخير الصين بهدوء للتقنيات المدنية لأغراض عسكرية استراتيجية، بمساعدة التكنولوجيا الأميركية.
وأشارت إلى أن هذه التجارة ليست غير قانونية، ولكنها تعد رابطاً حيوياً في سلسلة التوريد العالمية عالية التقنية التي يصعب تنظيمها لأن رقائق الكمبيوتر نفسها التي يمكن استخدامها لمركز بيانات تجاري يمكنها تشغيل كمبيوتر عسكري عملاق.
وأشارت الصحيفة إلى أنه كان من المقرر أن تدرج إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب شركة فيتيوم وعدداً من الشركات الصينية الأخرى على قائمة سوداء للتصدير أواخر العام الماضي "لكن الوقت نفد"، وفقاً لمسؤولين أميركيين سابقين.
وكان من شأن مثل هذا الإدراج أن يمنع التكنولوجيا ذات الأصل الأميركي من التدفق إلى تلك الشركات. ويقول الخبراء إن ذلك كان سيبطئ تقدم برنامج الأسلحة الصينية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، بالإضافة إلى أسلحة متطورة أخرى وقدرات المراقبة الأكثر قوة.
إضرار بالأرباح
وتقول الشركات الأمريكية عموماً، إن فرض ضوابط على التصدير يضر بأرباحها بينما سيشجع ذلك الصين على إرسال أعمالها إلى مكان آخر وتطوير صناعاتها الخاصة.
لكن المحللين يشيرون إلى أن سياسة الولايات المتحدة هي أن التكنولوجيا الأميركية لا ينبغي أن تساعد الجيش الصيني، وأنَّ تحجيم تطور الجيش الصيني يستحق تكبد تكلفة خسائر في بعض الأعمال التجارية.
أشباه الموصلات
وبحسب الصحيفة، تعد أشباه الموصلات بمنزلة أدمغة الإلكترونيات الحديثة، ما يتيح التقدم في كل شيء من الطاقة النظيفة إلى الحوسبة الكمومية. وهي الآن تشكل أكبر واردات الصين، وتقدر قيمتها بأكثر من 300 مليار دولار سنوياً، وتمثل أولوية رئيسة في أحدث خطة خمسية للصين للتنمية الوطنية.
وفي يناير 2019 ، زار الرئيس الصيني شي جين بينغ، تيانجين، التي تبعد 70 ميلاً عن بكين وموطن شركة فيتيوم ، ونوّه بأهمية الشركة لجهود "الابتكار المحلي" في البلاد.
واليوم ، تفتخر "فيتيوم" بأنها "شركة رائدة في توفير الرقائق الأساسية المستقلة في الصين". وتقوم الشركة بتسويق المعالجات الدقيقة للخوادم وألعاب الفيديو، لكن المساهمين والعملاء الرئيسيين هم الدولة والجيش الصيني، وفقاً لسجلات الحكومة الأميركية التي نقلت عنها الصحيفة.
وتأسست فيتيوم في أغسطس 2014 ، وتم إنشاؤها كمشروع مشترك بين المجموعة المملوكة للدولة China Electronic Corp، والمركز الوطني للحوسبة الفائقة في تيانجين، وسلطات بلدية تيانجين، وفقاً للسجلات.
والمركز الوطني للحوسبة الفائقة، بحسب الصحيفة، هو عبارة عن مختبر تديره الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع، وهي مؤسسة أبحاث عسكرية رائدة كان رئيسها الحالي ورئيسها السابق المباشر جنرالين بالجيش.
في عام 2015، وضعت وزارة التجارة الأميركية المنظمتين على قائمتها السوداء للتجارة، للمشاركة في النشاط النووي، وهو تصنيف تمنع بموجبه صادرات الولايات المتحدة للشركات إلا بعد الحصول على التنازل.
وقال إريك لي، وهو باحث مشارك في معهد "بروجيكت 2049"، وهو مؤسسة بحثية في شمال فيرجينيا، إن شركة "فيتيوم"، "تتصرف مثل شركة تجارية مستقلة ويرتدي مسؤولوها التنفيذيون ملابس مدنية، لكن معظمهم من ضباط الجيش السابقين".
قلق كبير
وتعد الاستثمارات الصينية الكبرى في مجال الأسلحة التي تفوق سرعة الصوت مصدر قلق كبير لدى وزارة الدفاع الأميركية، وفقاً للصحيفة.
وقال مارك لويس، مدير أبحاث وتكنولوجيا الدفاع في البنتاغون سابقاً، إن الأسلحة الأسرع من الصوت هي تقنية عسكرية ناشئة وحاسمة. وقال إن الصين يمكن أن تستهدف السفن البحرية والقواعد الجوية في المحيط الهادئ، مضيفاً أن صاروخ كروز التقليدي سيستغرق ساعة أو ساعتين للوصول إلى هدفه بينما يمكن لصاروخ يفوق سرعة الصوت القيام بذلك في دقائق. وأضاف: "إنه مصدر قلق كبير".
التحدي الروسي
قالت وكالة "بلومبرغ" الأميركية، إن الإدارة الأميركية أكملت مراجعة استخباراتية للتجاوزات الروسية المزعومة من قبيل التدخل في الانتخابات، والهجمات الإلكترونية، وذلك تمهيداً لإعلان "إجراءات أميركية انتقامية" في القريب العاجل.
ونقلت الوكالة عن مصادر وصفتها بالمطلعة، أن الخطوات المرتقبة قد تشمل عقوبات، وطرد ضباط استخبارات روسيين، ممن يقيمون في الولايات المتحدة تحت غطاء دبلوماسي.
وأشارت الوكالة إلى أنه من المتوقع أن يجتمع كبار المسؤولين الأميركيين الأربعاء، لتحديد الخطوات التي سيتم اتخاذها بهذا الخصوص.
ونقلت الوكالة عن مصدر مطلع على هذه المداولات قوله، إن "الرد الأميركي سيتألف من عدة عناصر، بما في ذلك عقوبات تطال أشخاصاً مقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأجهزةً ذات صلة بالتدخل في الانتخابات الأميركية".
ولفتت الوكالة إلى أن هذه الإجراءات تأتي كنتيجة للمراجعة التي وجه الرئيس الأميركي جو بايدن بإجرائها في أول يوم له بالبيت الأبيض بخصوص روسيا، والتي تشمل أربعة مجالات: التدخل في الانتخابات الأميركية، والتقارير الإعلامية عن مكآفات روسية لاستهداف الجنود الأميركيين في أفغانستان، وهجمات "سولار وايندز" الإلكترونية، إضافة إلى تسميم زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني.
وأعلنت الإدارة الأميركية الشهر الماضي عقوبات ضد مسؤولين روسيين على خلفية تسميم نافالني، لكنها لم تتخذ حتى الآن، بحسب الوكالة، أي إجراءات في المجالات الثلاثة الأخرى.
مقاربة مختلفة
وقالت الوكالة، إن القرار في هذا الشأن قد يكون التحدي الأكبر في السياسة الخارجية خلال الأيام الأولى لرئاسة بايدن، لافتة إلى أن الأخير حدَّد بالفعل مسار العلاقات الأميركية الروسية عندما وصف خلال مقابلة تلفزيونية مع شبكة "إيه. بي. سي. نيوز" في مارس الماضي، نظيره الروسي فلاديمير بوتين بـ"القاتل"، محذراً من أنه "سيدفع الثمن نظير التدخل المزعوم في الانتخابات".
وتمثل مقاربة بايدن تجاه روسيا، بحسب "بلومبرغ"، قطيعة مع تلك التي اعتمدها سلفه دونالد ترمب، ففي حين صعَّدت الولايات المتحدة عقوباتِها ضد روسيا، وطردت عدداً من دبلوماسييها خلال فترة ترمب، إلا أنَّ الأخير كان متردداً في الإقدام شخصياً على انتقاد بوتين، كما اعتبر أن التركيز الأكبر ينبغي أنْ يصرف للصين باعتبارها تهديداً للأمن الوطني الأميركي.
لكن سيكون على الرئيس بايدن ومساعديه، وفقاً لـ"بلومبرغ"، الموازنة ما بين الرغبة في استهداف روسيا بعقوبات قوية من ناحية، والحاجة في الاستعانة بها للتعامل مع بعض الأولويات مثل العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وبدء محادثات الحد من التسلح، ومكافحة التغير المناخي، من ناحية أخرى.
والإضافة إلى معاقبة شخصيات معينة، يمكن أن يكون هناك أيضاً طرد لدبلوماسيين روسيين، إضافة إلى محادثات خاصة مع روسيا لعرض الإجراءات الإضافية التي تُحضِّر الولايات المتحدة لاتخاذها.
وتهدف هذه الإجراءات، بحسب "بلومبرغ" إلى إرساء رادع فعَّال ضدَّ أي هجمات إلكترونية في المستقبل، من قبيل تلك التي طالت البرمجية واسعة الانتشار التابعة لشركة "سولار وايندز" التي تتخذ من ولاية تكساس الأميركية مقراً، وأفضت لاختراق عدد من الوكالات الحكومية والشركات الخاصة.
ورفضت روسيا مرات عدة الاتهامات بالتدخل في الانتخابات، وبتسميم منتقديها، كما نفت التقارير عن عرض مكافآت لقتل الجنود الأميركيين في أفغانستان.
كما أنه على الرغم من التوتر المتصاعد بين البلدين، إلا أنه من المتوقع أن ينضم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى قمة بايدن عن التغير المناخي المقرر عقدها في وقت لاحق هذا الشهر.
التحدي الإيراني
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، أن الولايات المتحدة على استعداد لرفع عقوبات لا تتسق مع الاتفاق النووي الموقع مع إيران في 2015، في وقت أكدت أنها لن تقدم أي حوافز لتشجيع طهران على العودة إلى طاولة المفاوضات.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، خلال تصريحات للصحافيين: "نحن على استعداد لاتخاذ الخطوات اللازمة للعودة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، بما في ذلك رفع العقوبات التي تتعارض مع خطة العمل الشاملة المشتركة".
وأضاف: "لست هنا في وضع يسمح لي بإعطاء تفاصيل دقيقة بشأن ما قد يعنيه ذلك".
وأجرت إيران والولايات المتحدة، محادثات غير مباشرة في العاصمة النمساوية فيينا، وصفت بأنها "بناءة"، وذلك بهدف إحياء الاتفاق النووي عام 2015 الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في 2018.
وخلص الاجتماع الأول، إلى إعلان تشكيل مجموعات عمل لمناقشة العقوبات التي قد ترفعها واشنطن، والقيود النووية التي قد تلتزم بها طهران من أجل العودة إلى خطة العمل الشاملة.
وقالت الخارجية الأميركية، في بيان، إن "فريقنا في فيينا أجرى مشاورات بشأن إيران مع حلفائنا الأوروبيين، وأيضاً مع ممثلي الصين وروسيا"، في وقت لفت مسؤول أميركي لوكالة "رويترز" إلى أن دبلوماسيين أطلعوا الولايات المتحدة على ما جرى في اجتماعات مجموعات العمل مع إيران.
وفي الإطار، قالت الخارجية الأميركية، إن المحادثات النووية الإيرانية ستكون "صعبة" لعدة أسباب، منها "الافتقار إلى الثقة" بين طهران وواشنطن.
ولا تزال المفاوضات عالقة عند نقطة من يبدأ أولاً، إذ تريد طهران من واشنطن رفع العقوبات التي فرضت بعد انسحاب ترمب من الاتفاق، قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، في وقت تريد واشنطن منها وقف انتهاكاتها لبنود الاتفاق النووي، والجلوس إلى طاولة المفاوضات قبل رفع العقوبات.