"زغلول" تناقض نفسها.. إسعاد يونس تقع في فخ "العنصرية الجاهلية" ضد خادمة فقيرة
ADVERTISEMENT
أسهل الاختبارات للإنسان الطبيعي المتحضر هو التعايش مع بني جنسه، دون عنصرية أو إظهار كراهية فجة، ولكن ورغم مرور قرون من ترسيخ كل مايتعلق بقيم المساواة السامية والمفاهيم الحميدة عبر دعاة التنوير ونخبة المجتمع، إلا أن الصدمة تكون قوية حينما يكون داخل هؤلاء تحديدا قدر كبير من العنصرية الظالمة.
الممثلة والإعلامية إسعاد يونس، مثال حي على ماذهبت إليه السطور السابقة، حيث أثارت ضجة هائلة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد منشور طويل مفاده أنها تسخر وتتنمر على "فتاة خادمة" جاءت للعمل لديهم، وتفيض تلك السطور تجاه "الخادمة" بقدر هائل من الإشمئزاز والعنصرية، وكأنه لم تفلح الشهرة وسنوات الخبرة، وحتى تقدم الزمن وتطور المجتمعات والقوانين في تخليص البشر من النوازع الشريرة المتأصلة داخلهم.
تحيا مصر رصد ردود فعل المنشور الذي سارعت يونس بحذفه، اتضح أنه جزءا من مقالا مطولا، أحتوى على مايفوق الوصف في الإيذاء المعنوي والبدني، والسخرية من "شكل الرأس" الذي يبدو كقالب الطوب الأحمر، والشعر الذي أشبه بفروة تحتاج إلى "تسليك"، وأنها مؤسسة مدرسة "العفانة"، وهو نص تقريري طويل، ومبذول فيه مجهود يعود للعام 2013، فقط للتعبير عن كل ماهو فج وعنصري بحق فتاة حمل إسمها المقال تدعى "فتزحية"
والمؤسف في هذا الشأن، أن من مارس هذه العنصرية وصدر تلك الطاقة من الكراهية، هي ممثلة لطالما جسدت أدوارا فنية تؤدي فيها دور الخادمة "زغلول"، ولديها منصات إعلامية تخاطب من خلالها ملايين البيوت المصرية، لتثبت أنه ليس بالضرورة أن تكون ممثلا قديرا وإعلاميا بارزا، تنتمي إلى مجتمعات مهنية راقية ومنطورة، لكي تتخلص من هذه الأمراض الاجتماعية المزمنة حتى يومنا هذا.
نكاد نجزم بأن منشور يونس، ومعاملة ذويها لتلك الطفلة في السابق لن يجعل تلك الخادمة قادرة على التغلب على عقدتها حتى اليوم، وأنها باتت تكره المجتمع منذ سنوات، وإن انخرطت بين أفراده فإنها تسارع إلى عزلة لاتذكرها بأصلها وفصلها وحالتها الاجتماعية.
هذه العنصرية الجاهلية والدونية التي نظرت بها يونس إلى فئة عريضة من المجتمع، حيث "عاملات" في المنازل وخادمات، لم يهضمها المتابعون وتمر عليهم مرور الكرام، حيث أمطروها بوابل من التعليقات الغاضبة وردود الفعل، والتي لقنت يونس درسا مهما مفاده "أن العنصرية هي الاعتقاد الخاطئ بأن هناك فروقاً موروثة بطبائع الناس وقدراتهم لانتمائهم لجماعة أو لعرق ما، موجيه لها رسالة تحذيرية بأنها فقدت مصداقيتها مسبقا قبل الدخول مستقبلا في أي حملات إعلامية لمناصرة ربات البيوت أو الدفاع عن المستضعفين والخادمات كما دأبت منذ سنوات.
كما أن ماجرى أفقد يونس القدرة على الإقناع مستقبلا بأنها قادرة على ممارسة دور لتصحيح الميراث السئ في الثقافة العربية، والذي يحمل الفقراء وداكني البشرة مدلولات سلبية وقبيحة ومتشائمة، ولن يمكنها من ممارسة دورها كإعلامية يجب عليها نفي ارتباط الغنى و اللون الأبيض بالنقاء والجمال والتفاؤل، فلن تتمكن أبدا من محاربة أي ثقافة عنصرية سلبية في المجتمع، لأن فاقد الشئ بالضرورة لايعطيه.
منشور إسعاد يونس والتي تربعت فترة طويلة على شاشات التليفزويون لنشر البهجة والتسامح في كل البيوت المصرية، سيكون له تداعيات طويلة لن تقف عند حد قيامها بحذف المنشور، لأن الخلل لديها كاشف وزائد عن الحد، أظهر جبلا من العنصرية المختبئة.