النائب محمد فؤاد يكتب: بروبجاندا الرقابة المالية
ADVERTISEMENT
انتظرت فترة كافية آملًا في أن ترد الهيئة العامة للرقابة المالية على الملاحظات الكثيرة على موازنتها وتعاملاتها في الفترة الأخيرة، والتي تصل إلى حد التجاوزات المالية التي تتطلب المحاسبة والتحقيق، ولكن يبدو أن الانتظار دون طائل.
فالهيئة بدلا من أن توضح أسباب المخالفات في موازنتها أو حساباتها الختامية، فضلت أن تكتفي بعملية تشويش على الأمر، من خلال بيانات إخبارية تحرص على نشرها في الصحف والمواقع للتعتيم على أزمتها.
عندما رفض البرلمان موازنة الهيئة في اللجنة الاقتصادية، استند إلى وقائع ومستندات أكدت تعمد الهيئة المغالاة في فرض الرسوم والغرامات بهدف زيادة إيراداتها، بما يخل باقتصاديات التنظيم و يسبب الإضرار المباشر بالشركات و الأسواق المالية غير المصرفية. و هو أمر تؤيده الأحكام القضائية التي تصدر بشكل دوري لتثبت بشكل نافي للجهالة تعنت الهيئة و تجاوزها في كثير من الأحيان.
وفي مذكرة مقدمة إلى رئيس اللجنة الاقتصادية، استعرضت تفاصيل المخالفات التي تضمنتها الموازنة الخاصة بالهيئة وكذلك التجاوزات المالية في تحديد رواتب رئيسها ونوابه بما يخالف الحد الأقصى للأجور، بالإضافة إلى أمثلة على التدخلات السلبية في السوق بشكل يضر الإقتصاد أكثر مما يفيد.
فقد انصب اهتمام الهيئة على تحقيق أرباح دون أي دور في تحقيق استقرار سوق تداول الأوراق المالية وجذب الاستثمارات وتشجيع البورصة و الأنشطة المالية غير المصرفية بل على العكس كانت لسياسات الهيئة نتيجة سلبية على كل ذلك رغم أنه صلب دورها.
وبالفعل رفضت اللجنة الاقتصادية موازنة الهيئة، ووجهت توصيات محددة إلى رئيس البرلمان تستعرض فيها أسانيد موقفها، و بينما تحتم الممارسات الرشيدة توضيحات عن أسباب هذه المخالفات، طالعتنا الهيئة ببروباجندا وبيانات دعائية.
فجاءت تلك المحاولات التعتيمية خالية من المنطقية غير معتمدة على أسانيد قانونية، بشكل يدين تصرفاتها أكثر مما يخلق حالة من التفهم.
وحتى أكون واضحا، تمثلت أسباب رفض موازنة الهيئة في البرلمان، في أسباب رئيسية، هي عدم دستورية مقابل الخدمات التي تحصلها الهيئة، وتجاهلها وضع حد أدنى لرسوم تلك الخدمات، بجانب التجاوزات في اللائحة وصرف رواتب لقيادات الهيئة تفوق الحد الأقصى للأجور، وحرصها على الربحية أكثر من ضبط السوق.
وعندما ردت الهيئة إعلاميا على ما تقدم، لم تأتي بجديدا واكتفت بتبرير مخالفاتها بأن باقي الهيئات تفعل ذلك، رغم أن هذه الهيئة في الأصل ليست ربحية وهدفها رقابي على السوق، لذا فإن التحجج بتحقيق إيرادات للتعتيم على المخالفات أو استخدام الفوائض للقيام بتبرعات هنا و هناك لا يغير من طبيعة الأمر شيء.
وذكرت الهيئة على لسان نائبها أنها لا تأخذ رسوم إضافية، على الرغم من عدم وجود أسانيد قانونية للكثير من الرسوم التي تحصلها الهيئة، بما يؤكد أن الهيئة تتصرف في غياب للقانون المنظم وفي حالة قد تضع الرقيب تحت تأثير الأهواء الشخصية، وهو أمر مرفوض تماما.
اقرأ ايضاً: النائب محمد فؤاد يكتب: حطب لا تحرقه نيران
إن الاعتراف بالخطأ ومحاولة إصلاحه فضيلة هامة، وربما حان الوقت لتدرك الهيئة والقائمين عليها أن دور الرقيب الرئيسي هو العمل مع السوق وليس ضده، وهو فرض التفاهم و ليس السطوة، و أن سكوت الكثير من المتعاملين مع الهيئة خشية البطش بهم لا يعني أن الهيئة على الحق المبين.
وربما لو استمع القائمون على أمر الهيئة لأصوات صغار المستثمرين و تأملوا أرقام التداول اليومي الهزيلة وقلة عدد الشركات المتداولة وإحجام الطروحات وهروب المستثمرين لتكشفت أمام أعينهم حقيقة الواقع المر الذي لا يطمسه بيان صحفي و لا يبدله مقال تطبيلي.