بعد هجومها المسلح على السودان .. تسلسل زمني يكشف مطامع أثيوبيا في السيطرة على مياه نهري النيل وعطبرة (تفاصيل)
ADVERTISEMENT
تدخل قضية سد النهضة مرحلة جديدة منذ أن أعلن الجيش السوداني أمس الهجوم العسكري على حدوده من الجانب الأثيوبي، وتعدي السلطات الأثيوبية على مياه نهر عطبرة، تزامنا مع وضع حجر الأساس لسد "كازا" الأثيوبي الجديد، ولا سيما الإعلان عن ملء سد النهضة يوليو المُقبل.
حرب "مُصغرة" لكنها شرسة، قادتها مليشيات أثيوبيا، قتلت على إثرها طفل وإصابة 9 أشخاص بينهم 6 من جنود الجيش السوداني، وذكر بيان الجيش أنه عند "الساعة 8:30 صباحا بالتوقيت المحلي، وصلت إلى الضفة الشرقية لنهر عطبرة قوة من الجيش الإثيوبي تقدر بسرية مشاة، واشتبكت مع قواتنا غرب النهر، ونتج عن ذلك مقتل ضابط برتبة نقيب وإصابة 6 أفراد منهم ضابط برتبة ملازم، وعلى ضوء ذلك تم تعزيز موقع بركة نورين بقوات مناسبة.. واستمرّت الاشتباكات بصورة متقطعة واستَخدمت فيها القوّات الإثيوبية الرشاشات والبنادق القناصة ومدافع الآر بي جي".
أكد الجانب السوداني أن الهدف من الهجوم المتكرر من ميليشيات أثيوبيا السيطرة على الموارد المائية للسودان، تحديدا نهر عطبرة، وهو النهر الذي ستعتمد عليه أثيوبيا في ملء سدها الجديد "كازا".
تسلسل زمني لمفاوضات سد النهضة
كان الاتفاق الذي أوشك على حسم مفاوضات سد النهضة، بين مصر وأثيوبيا والسودان، والذي عُقد في فبراير الماضي برعاية وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشن، وبحضور ممثلي البنك الدولي، بمثابة ختام لجولات استمرت أربعة أعوام واتفاق دولي على بنود ملء وتشغيل سد النهضة.
لكن الجانب الإثيوبي كان الدائم على عرقلة المفاوضات، والتنديد بالدعوات الدولية في أحقية الدولة المصرية لحفظ حقوقها من مياه النيل الأزرق، مُعلنا بدء ملء خزان السد في شهر يوليو المُقبل، كما سعى خلال الشهرين الماضيين للتخطيط بإنشاء نهر "كازا" الجديد معتمدا على ميا نهر عطبرة في حدوده مع دولة السودان.
في 29 أكتوبر الماضي، بدأت الوساطة الأمريكية في مفاوضات سد النهضة، وعقد اتفاقا منصفا وعادلا يحقق مصالح الدول الثلاث، ويحيد بعيدا عن أي محاولات لفرض الإرادة وأمر الواقع.
بعدها عقدت واشنطن عدة اجتماعات في نوفمبر وديسمبر، لمناقشة مراحل تخزين سد النهضة، وفقا لهيدروليجيا النيل الأزرق، بحيث تراعي الجفاف والجفاف الممتد، الذي يشهده الحوض خلال الفيضان السنوي.
طرحت هذه الاجتماعات رؤية محددة لتشغيل الخزان، تتوافق مع السدود في مصر والسودان، تتوافق مع التي يجرى تنفيذها في أحواض الأنهار المشتركة في العالم.
التزمت مصر بالتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن ملء وتشغيل السد، تأكيدا لما اتفقت عليه القيادة السياسية المصرية، وقبل نهاية العام الماضي، تم الاتفاق على استمرار المشاورات والمناقشات الفنية، حول المسائل الخلافية بين الدول الثلاث. وتشغيل السد بطريقة لا تسبب ضررًا لمصر، وتمد إثيوبيا في الوقت ذاته بالكهرباء اللازمة لها.
في بدايات يناير الماضي، تراجع الموقف الأثيوبي مُخلا بكافة الاتفاقات التي عُقدت على 4 اجتماعات برعاية واشنطن، وضربت بأحقية الجانب المصري في مياه النيل عرض الحائط، وأصدرت الخارجية الأثيوبية بيانا "تلوي" به أذرع الدولة المصرية مُعلنة توقيت ملء السد.
أصدرت وزارة الخارجية المصرية في نفس اليوم بيانا ترفض خلاله جُملة وتفصيلا ما جاء ببيان أثيوبيا، وذكر البيان: توضح مصر أنّ هذه الاجتماعات الوزارية الأربعة لم تفض إلى تحقيق تقدم ملموس بسبب تعنت إثيوبيا وتبنيها لمواقف مغالى فيها، تكشف عن نيتها في فرض الأمر الواقع وبسط سيطرتها على النيل الأزرق وملء وتشغيل سد النهضة دون أدنى مراعاة للمصالح المائية لدول المصب وبالأخص مصر".
وفي منتصف يناير عاودت المفاوضات من جديد، حيثُ دعت الولايات المتحدة مصر وإثيوبيا والسودان لبحث ما جرى التوصل إليه في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، بمشاركة ممثلين عن البنك الدولي والولايات المتحدة الأمريكية ووزراء الخارجية والري بالدول الثلاثة.
توالت المفاوضات الجديدة خلال شهري يناير وفبراير، لعمل إقرار الصيغة النهائية، لاتفاق شامل حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة. والتوصل إلى اتفاق نهائي بحضور بين وزراء خارجية الدول الثلاثة، مع كل من وزير الخزانة الأمريكي، ورئيس البنك الدولي.
اقرأ أيضا: وقعوا في بعض.. داعش يهدد قطر ويصفها بـ "الطواغيت" .. ومصادر تمويل التنظيم تتراجع
أثيوبيا تعرقل مفاوضات سد النهضة
سعت أثيوبيا أبريل الماضي في وضع خطة لبناء سد جديد "كازا" لتحسين منظومة الري في بلادها.. على فرع من نهر "عطبرة" الذي يمتد من أثيوبيا إلى السودان، وليس له علاقة بالنيل الأزرق، لكنه ضمن 3 أنهار تتأثر بهم مصر وهم النيل الأزرق وعطبرة والسوباط.
لا شك أن هُناك مخاوف مصرية من اتجاه إثيوبيا لبناء 3 سدود خلف سد النهصة على النيل الأزرق، وبناء سد تكيزي 2 على نهر عطبرة الذي أنشأت إثيوبيا عليه سد تكيزي 1 في عام 2009.
ولتحقيق هذا المشروع الضخم، اتفقت إثيوبيا مع 3 شركات أعمال بناء وتشييد، لأعمال خاصة ببناء مشروع سد تكازا وأعمال أخرى ذات صلة، على أن يتم الانتهاء من سد الكازا وتطوير الري في غضون أربع سنوات، بينما من المتوقع أن يستغرق مشروع تنداهو -وهو مشروع السد الثالث- مدة تصل إلى عام واحد.
وفي أول مايو الجاري، أعلنت إثيوبيا تنفيذ خطتها لبدء عملية ملء السد الإثيوبي الكبير وذلك في شهر يوليو المقبل، إذ أكدت الحكومة الإثيوبية على إعداد وثيقة رد مناسب بشأن شكوى مصر إلى مجلس الأمن الدولي، وكان ذلك في اجتماع اللجنة الفنية لسد النهضة ترأسه رئيس الوزراء أبي أحمد، وكبار المسؤولين الحكوميين.
بينما الجانب المصري تمسك بموقفه ورفضه ممارسات أثيوبيا في قضية النهر الحساسة للثلاث دول، حتى تم الهجوم المسلح على الحدود السودانية لسرقة مواردها المائية. هنا تكشفت نوايا أثيوبيا في رغبتها على السيطرة على مياه نهري النيل الازرق وعطبرة، لتأخذ القضية منحى لم تتكشّف نتائجه بعد.