النائب محمد فؤاد يتقدم بملاحظات حول تعديل قانون العقوبات
ADVERTISEMENT
قدم الدكتور محمد فؤاد عضو مجلس النواب، بملاحظات حول مشروع قانون بتعديل المادة 293 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 المقدم من جانب الحكومة ويأتي المشروع في صورة إستبدال بعض النصوص والعبارات القائمة وإضافة أحكام للقانون.
وذكرت الملاحظات، أنه من المقرر دستوريا أنه يجب أن يقتصر العقاب الجنائي علي أوجه السلوك التي تضر بمصلحة إجتماعية ذات شأن لا يجوز التسامح مع من يعتدي عليها، ذلك أن القانون الجنائي وإن أتفق مع غيره من القوانين في سعيها لتنظيم علاقات الأفراد فيما بينهم وعلي صعيد صلاتهم بمجتمعهم؛ الا أن هذا القانون يفارقها في إتخاذه الجزاء الجنائي أداه لحملهم علي إتيان الأفعال التي يأمرهم بها أو التخلي عن تلك التي ينهاهم عن مقارفتها.
وأشارت، أن النطاق الحقيقي لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات إنما يتحدد علي ضوء عده ضمانات يأتي علي رأسها وجوب صياغة النصوص العقابية بطريقة واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض؛ فلا تكون هذه النصوص شباكا يلقيها المشرع متصيدا بإتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها؛ وهي ضمانات غايتها أن يكون المخاطبين بالنصوص العقابية علي بينة من حقيقتها فلا يكون سلوكهم مجافيا لها بل إتساقا معها ونزولا عليها.
أوضحت، أن الأصل في العقوبة هو تفريدها لا تعميمها؛ لذا فإن تقرير إستثناء من هذا الأصل أيا كانت الأغراض التي يتوخاها مؤداه التسليم بأن ظروف الجناة قد تماثلت بما يقتضي توحيد ما يحقق بهم من جزاء وهو الأمر الذي يخل بتناسب العقوبة مع قدر الجريمة وملابساتها وسمات الجاني الشخصية، وإذا كانت أهم عناصر مشروعية العقوبة من الناحية الدستورية أن يباشر كل قاض سلطته في مجال التدرج بها وتجزئتها في الحدود المقررة قانونا فإنه لا مجال لحجب القاضي عن ممارسه هذه السلطة التقديرية وحرمانه من مباشره حقه في الحكم بالبدائل العقابية التي يري ملائمتها لكل حالة علي حده.
أضافت، أنه إذا كان المشرع قد حجب القاضي عن مباشرة سلطاته والأخص منها سلطه القاضي التقديرية فإنه بذلك يكون قد أخل بأهم خصائص الوظيفة القضائية وهي تقدير العقوبة التي تناسب الجريمة محل الدعوي الجنائية، وحيث أنه لا يجوز للدولة في مجال مباشرة سلطاتها في فرض العقوبة صونا لنظامها الإجتماعي أن تنال من الحد الأدني لحق المتهم في محاكمة قانونية يطمئن خلالها الي توافر الضمانات المقررة بالمادة 96 من الدستور، ومن بينها شخصية العقوبة وتناسبها مع الجريمة وإرتباطها بشخص الجاني ونيته والضرر الناجم عنها حتي يرد الجزاء موافقا لما قارفه؛ وكان تقدير هذه العناصر جميعها يتولاها القاضي منفردا بمقتضي سلطته في مجال تفريد العقوبةوبالتالي فإن حرمانه من ذلك يخل بالضمانات المشار إليها ويؤدي بالغاية من النصوص العقابية.
أكدت، أن نص الفقرة موضوع المشروع المقدم يكون قد أهدر من خلال إلغاء سلطه القاضي في توقيع العقاب وتفريد العقوبة جوهر الوظيفة القضائية وجائت منطوية علي التدخل في صميم شئونها ونائية عن ضوابط المحاكمة المنصفة فنري مخالفة لأحكام المواد (186،184،96،92،54) من الدستور.
تضمنت، أن نص المشروع المقدم في مادته 293 من قانون العقوبات قد نظم العقوبة التي أرتأي المشرع تقريرها جزاء إقتراف الفعل الذي آثمه وهو الإمتناع عن دفع دين النفقة مع قدرته عليه مدة ثلاث شهور وبعد التنبيه عليه بالدفع وهي عقوبة الحبس الذي يقدره القاضي بين حدين الأدني منها يوم واحد وأقصاها سنة واحدة وأجاز هذا النص إقتران الحبس بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين؛ وعلي الرغم أن الفعل المؤثم الذي نظم عقابه مشروع القانون المقدم قد سمح ببديل التصالح بين طرفي الخصومة؛ وكان المشرع بذلك توخي بالعقاب وبغير تنفيذ العقاب "حماية مصلحة" معتبره قانونا، إلا أن المشروع المقدم قد أقر عقابا تكميليا آخر مضافا للمادة 239 وعن نفس الجريمة وبغير تبرير وهي تعليق إستفادة المحكوم عليه من الخدمات المطلوب الحصول عليها بمناسبة ممارسته نشاطه المهني والتي تقدمها الجهات الحكومية والهيئات العامة ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام والجهات التي تؤدي خدمات مرافق عامة حتي أدائه ما تجمد في ذمته لصالح المحكوم له وبنك ناصر الإجتماعي علي حسب الأحوال وهو ما نراه نصا تعميميا بغير ضرورة؛ بل هو إستثناء علي الأصل حيث وجه النص توقيع عقاب تكميلي بغير قاض خرقا لمبدأ شرعية العقوبة وإخلال بأهم خصائص الوظيفة القضائية، حيث هي أدوات التشريع يتساند اليها القاضي بحسب ظروف كل دعوي تحقيقا لمبدأ تفريد العقوبة ومن ثم ففي الأحوال التي يمتنع عليه إعمال إحدي هذه الأدوات المنصوص عليها في القانون وسلبها منه أو الإنتقاص من صلاحياته بشأنها فإن الإختصاص المنوط به تفريد العقوبة يكون قد أنتقص منه بما يفتئت علي إستقلاله وحريته في تقدير العقوبة وينطوي علي تدخل محظور في شئون العدالة.
وأشارت، بناء علي ما سبق أن مشروع القانون المقدم يكون قد أهدر من خلال الإنتقاص من سلطة القاضي في تفريد العقوبة جانبا جوهريا من الوظيفة القضائية وجاء منطويا كذلك علي تدخل في شئون العدالة مقيدا للحرية الشخصية في غير ضرورة بما يمسها في أصلها وجوهرها وبعيدا عن ضوابط المحاكمة المنصفة ومخلا بمبدأ خضوع الدولة للقانون وواقعا في حماه مخالفة أحكام المواد (96،92،54،186،184) من الدستور.
وأختتمت، أنه لما كان الهدف من أي تشريع تحقيق العدالة لذا يستوجب الأمر أن ننظر الي النصوص التشريعية بشكل يحقق العدالة بين الأطراف التي يفصل بينهم القانون؛ إلا أننا نجد أن كافة التشريعات التي تستحدث علي مر الزمن بشأن الأحوال الشخصية تأتي دوما لتنصف طرفا بعينه دون الطرف الآخر ففي الوقت الذي يعرض فيه أمام البرلمان عددا من القوانين بشأن تحقيق مبدأ العدالة في قوانين الأحوال الشخصية نري تجنب المناقشة بشأنهم والإهتمام بتعديلات بعينها فقط تنصف أطرافا محددة، بالإضافة الي أننا نجد تضارب في المجتمع المدني في نظرته حول تلك القوانين فنتابع بتعجب أن الكيانات التي عارضت بشدة مشروع قانون مقدم من النائبة سهير الحادي لتعديل مادة في قانون الأحوال الشخصية لإقرار الإستضافة مستندين أن هذا تفصل للقانون والأحري يتم تعديل القانون بالكامل وعند تقديم مشروع كامل عورض بشدة ايضا، فهي ذات الكيانات التي تسعد الآن بشدة علي موافقة مجلس الوزراء علي تعديل مادة في قانون العقوبات تعديلا تفصيلا لحبس الممتنع عن دفع النفقات وأضاف بدون وجه حق أن يحرم من الخدمات المطلوب الحصول عليها والتي تقدمها الجهات الحكومية حتي أداء مما تجمد في ذمته لصالح المحكوم له وبنك ناصر الإجتماعي حسب الأحوال.