هل تمهد الحكومة الموازية في السودان لتقسيم البلاد أم إنها محاولة لإنهاء الحرب؟

أثار الإعلان عن الميثاق التأسيسي لتشكيل حكومة مدنية موازية في السودان جدلًا واسعًا بين القوى السياسية والمدنية، حيث يرى مؤيدوه أنها خطوة ضرورية لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة، بينما يخشى معارضوه من أن يؤدي ذلك إلى تعقيد المشهد السياسي وزيادة الانقسام الداخلي.
وتسعى المجموعة الداعمة للميثاق إلى إقامة حكومة تحت اسم "حكومة السلام والوحدة"، تهدف إلى إزالة أسباب الحرب، وضمان وحدة السودان، وتفكيك سيطرة الإخوان المسلمين على مؤسسات الدولة، وفقًا لتصريحات قادتها.
شخصيات بارزة تدعم الميثاق.. وانقسام في التحالفات السياسية
حصلت الخطوة على دعم كبير بمشاركة شخصيات سياسية بارزة مثل فضل الله برمة ناصر، رئيس حزب الأمة القومي، وعبد العزيز الحلو، رئيس الحركة الشعبية شمال، والتي تسيطر على أجزاء واسعة من إقليمي كردفان والنيل الأزرق.
لكن في المقابل، واجهت الخطوة رفضًا قويًا من حلفاء سابقين داخل تحالف "تقدم"، الذي كان يمثل القوى المدنية الساعية لإنهاء الحرب، والذي انقسم لاحقًا إلى تحالفين متعارضين:
تحالف "صمود" بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، والذي يرفض تشكيل أي حكومة جديدة ويرى الحل في العمل المدني الديمقراطي.
المجموعة المؤيدة لتشكيل الحكومة الموازية، والتي اجتمعت في نيروبي لمناقشة تفاصيل الميثاق.
ما الذي يتضمنه الميثاق التأسيسي؟
بحسب التسريبات، فإن الميثاق يتكون من 30 بندًا، ويتضمن:
وقف الحرب ومعالجة جذور الأزمة السياسية.
التأكيد على وحدة السودان كدولة ديمقراطية.
إعادة بناء جيش موحد وإنهاء سيطرة المليشيات.
وضع أسس وهياكل لتشكيل حكومة مدنية يكون مقرها الخرطوم.
وأكد رئيس الجبهة الثورية، الهادي إدريس يحيى، أن التحضيرات اكتملت للتوقيع على الميثاق، مشيرًا إلى حصولهم على ضمانات من عدة دول للاعتراف بالحكومة الجديدة بعد إعلانها رسميًا.
رفض واسع وتحذيرات من تفتيت السودان
أثار تشكيل الحكومة الموازية رفضًا واسعًا داخل تحالف "صمود"، حيث أعلنت 60 جهة سياسية ومهنية رفضها للمقترح، معتبرة أنه:
يهدد وحدة السودان، في ظل سيطرة الجيش في بورتسودان وقوات الدعم السريع في الخرطوم.
يؤدي إلى مزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية، التي تُعد واحدة من الأسوأ عالميًا حاليًا.
يمنح فرصة لعناصر النظام السابق لإعادة الهيمنة على السلطة.
وجاء في بيان تحالف "صمود":
"نرفض أي خطوة من شأنها أن تزيد من تشرذم البلاد، ونؤكد أننا سنظل على الحياد، ولن نشارك في أي حكومة جديدة طالما استمرت الحرب."
هل يقود السودان إلى التقسيم؟
مع استمرار الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يخشى مراقبون من أن تشكيل حكومة موازية قد يؤدي إلى واقع سياسي جديد يشجع على تقسيم السودان، خاصة في ظل تقاسم النفوذ العسكري بين طرفي الصراع في الخرطوم وأقاليم أخرى.
وفي محاولة لطمأنة المخاوف، قال إبراهيم الميرغني، عضو اللجنة المنظمة للميثاق، خلال افتتاح مؤتمر التوقيع في نيروبي:
حكومتنا ستعمل على توحيد السودان وليس تقسيمه، والميثاق جاء كاستجابة ضرورية لإنقاذ الدولة من الانهيار.