غزة في مواجهة التهجير .. القمة العربية واختبار الإرادة والوجود
في لحظة تاريخية تحمل في طياتها تحديات مصيرية، تُعقد القمة العربية الطارئة فى مارس المقبل، وسط سؤال ملحّ: هل تستطيع الدول العربية أن تتحول من خطابات التضامن والرفض إلى أفعال ملموسة تحمي أهل غزة من التهجير؟!
القضية ليست مجرد إعادة بناء ما دمرته الحرب، بل هي معركة وجودية ضد مخططات تهدف إلى طمس الهوية الفلسطينية وتفريغ الأرض من أهلها، وفي قلب هذه المعركة، تبرز مصر بمبادرة جريئة لإعادة إعمار غزة، لكن هذه المبادرة تحتاج إلى دعم عربي حقيقي، وليس مجرد تصفيق من بعيد.
إعادة إعمار غزة ليست عملية هندسية أو مالية فحسب، بل هي معركة سياسية وقانونية وأخلاقية، كل حجر يُوضع في غزة هو رسالة مقاومة ضد مخططات التهجير التي تسعى إليها إسرائيل بدعم أمريكي.
التهجير ليس مجرد نقل قسري للسكان، بل هو محاولة لقتل الحلم الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة. لذلك، فإن أي جهد لإعادة الإعمار يجب أن يكون جزءًا من استراتيجية أوسع لصمود الشعب الفلسطيني وحماية حقوقه.
مصر، بقيادتها تدرك هذا جيدًا، ومبادرة إعادة إعمار غزة التي أطلقتها ليست مجرد رد فعل إنساني على الدمار، بل هي موقف سياسي واضح يرفض التهجير ويؤكد على حق الفلسطينيين في البقاء على أرضهم. لكن السؤال الأكبر هو: هل ستتحول هذه المبادرة إلى مشروع عربي شامل، أم ستظل حبرًا على ورق بسبب الخلافات العربية والضغوط الدولية؟
القمة العربية الطارئة تأتي في لحظة فارقة، والدول العربية مطالبة بأن تتحول من خطابات التضامن التقليدية إلى إجراءات عملية تدعم المبادرة المصرية.
اليوم، الوضع مختلف، وغزة لم تعد قضية فلسطينية فقط، بل هي قضية عربية بامتياز، وأي تهجير للفلسطينيين سيفتح الباب أمام تفكيك الحقوق العربية في المنطقة، وسيكون سابقة خطيرة تهدد استقرار الدول العربية المجاورة.
لذلك، فإن القمة ليست مجرد اجتماع دبلوماسي، بل هي اختبار لإرادة العرب..
هل يمكن أن تتوحد الدول العربية حول هدف واحد هو حماية غزة وإعادة إعمارها؟ أم أن الخلافات الداخلية والتبعية للضغوط الدولية ستقف عائقًا أمام أي تقدم؟
الفشل ليس خيارًا مطروحا، فإذا فشلت القمة في الخروج بموقف عربي موحد، فإن ذلك سيعطي إسرائيل والولايات المتحدة الضوء الأخضر لمواصلة مخططات التهجير، وتصبح غزة نموذجًا لمأساة إنسانية تكرر نفسها كل بضع سنوات: دمار، ثم وعود بإعادة إعمار، ثم دمار جديد.
هذه الحلقة المفرغة يجب أن تنتهي، والطريقة الوحيدة لكسرها هي عبر موقف عربي قوي يدعم إعادة الإعمار ويحمي الفلسطينيين من التهجير.
القمة العربية الطارئة ليست مجرد اجتماع عادي للشجب والتنديد، بل هي اختبار وجودي للأمة العربية،إما أن تثبت الدول العربية أنها قادرة على حماية مصالحها وشعوبها، أو أن تكرر سيناريوهات الفشل التي عشناها لعقود.
مصر قدمت المبادرة، والآن الكرة في ملعب الدول العربية الأخرى.. هل ستتحمل مسئوليتها التاريخية وتدعم إعادة إعمار غزة؟ أم أننا سنشهد مرة أخرى انقسامات تخدم الأعداء وتضر بالقضية الفلسطينية والأمة العربيةبأكلمها ؟