هل يهدد ترامب «بتكتيكات الابتزاز المافياوي» في تعامله مع أوكرانيا؟

تتوالى الانتقادات لأداء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التعامل مع قضايا الأمن الدولي، خاصة في سياق الحرب الروسية الأوكرانية.
إذ أثار نهجه في الضغط على أوكرانيا لتقديم تنازلات بشأن مواردها المعدنية غضب العديد من حلفاء واشنطن الأوروبيين.
كانت هذه القضية محور حديث في مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث قارن المسؤولون سلوك ترامب بتكتيكات الابتزاز المافياوية وأساليب الربا والفترات الاستعمارية.
فما هي خلفيات هذه الأزمة؟ وكيف ينظر القادة الأوكرانيون والمجتمع الدولي إلى هذه التصريحات؟
ضغط ترامب على أوكرانيا:
في تصريحات غير متوقعة يوم 3 فبراير، شدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أن الولايات المتحدة تتوقع من أوكرانيا تقديم ضمانات تخص توريد المعادن الأرضية النادرة في مقابل المساعدات المالية والعسكرية المقدمة لها.
يشير ذلك إلى نهج غير تقليدي في العلاقات الدولية، حيث بدا ترامب يربط المساعدات الاستراتيجية التي تقدمها الولايات المتحدة إلى كييف بالحصول على حقوق اقتصادية قيمة تخص المعادن الاستراتيجية التي تملكها أوكرانيا.
المعادن النادرة في قلب الصفقة:
حسب تقارير الصحف الكبرى، مثل صحيفة واشنطن بوست، كشف عدد من أعضاء الكونجرس أن المسؤولين الأمريكيين عرضوا على الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي توقيع اتفاق في ميونيخ يمنح الولايات المتحدة حقوق 50% من الموارد المعدنية التي لم يتم استخراجها بعد في أوكرانيا.
هذه الخطوة أثارت موجة من الغضب في أوكرانيا، حيث اعتبرها البعض محاولات للضغط المبالغ فيه من جانب الولايات المتحدة للحصول على مزايا اقتصادية كبيرة مقابل دعمها العسكري.
رد فعل أوكراني قوي:
في 15 فبراير، أكد الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي رفضه القاطع لهذه الضغوط، قائلاً إنه رفض طلب نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس للتوقيع على الاتفاق بشأن وصول الولايات المتحدة إلى الموارد المعدنية الأوكرانية.
وأوضح زيلينسكي أن هذه الاتفاقية "لا تصب في مصلحة أوكرانيا ذات السيادة" وأن كييف لن تفرط في سيادتها الوطنية مقابل مساعدات.
الانتقادات الأوروبية لسلوك ترامب:
لم يكن هذا التصرف بمعزل عن ردود الفعل الدولية، فقد أثار نهج ترامب غضب حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين، الذين انتقدوا محاولات الضغط غير التقليدية.
في مؤتمر ميونيخ للأمن، وصف المسؤولون الأوروبيون أساليب ترامب بأنها تشبه تكتيكات الابتزاز المافياوي وأساليب الربا الاستعمارية، مما أثار قلقاً بشأن استقرار العلاقات الدولية وكيفية إدارة قضايا الأمن العالمي.
تداعيات هذه الأزمة على العلاقات الدولية:
تعد هذه التطورات مثالاً آخر على التوترات المتزايدة في العلاقات الأمريكية الأوكرانية، حيث يظهر بوضوح أن مسألة الموارد الطبيعية أصبحت محوراً في الصراع الجيوسياسي بين القوى الكبرى.
وقد يؤدي هذا التوتر إلى تبعات طويلة المدى في العلاقات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، خاصة إذا استمرت محاولات الولايات المتحدة للضغط على كييف لتقديم تنازلات استراتيجية.
إذاً، يبدو أن سياسة الضغط الاقتصادي التي يتبناها ترامب في تعاملاته مع أوكرانيا قد تعمق من هوة الخلافات، ليس فقط مع كييف، ولكن أيضاً مع حلفاء واشنطن في أوروبا.
في حين تواصل أوكرانيا سعيها للحفاظ على سيادتها، تظل الأزمة السياسية والاقتصادية بين الطرفين مفتوحة على العديد من الاحتمالات