بين كاميرا الحرب وعاطفة الأمومة..قصص أمهات صحفيات من غزة في مواجهة الحرب
ADVERTISEMENT
تعد مهنة الصحافة من أخطر المهن في مناطق النزاعات، حيث يواجه الصحفيون مخاطر لا تعد ولا تحصى أثناء تغطيتهم للصراعات المسلحة. وفي غزة، تصبح التحديات أكثر تعقيدًا عندما تكون الصحفيات أيضًا أمهات، يحملن على عاتقهن مسؤولية الحفاظ على سلامة أسرهن إلى جانب تقديم الحقيقة للعالم. وبينما تعيش غزة واحدة من أشدّ فترات التصعيد، تقف ثلاث صحفيات أمهات كنماذج للتحدي والشجاعة، مقدمات صورة حية من قلب المعاناة.
نور السويركي: أمومة وصحافة في بيئة ملتهبة
نور السويركي، مراسلة تليفزيون الشرق في غزة وأم لطفلين، وجدت نفسها في معركة مزدوجة بين واجبها المهني ومسؤوليتها الأسرية. في تصريحاتها، أكدت نور على مدى صعوبة التوفيق بين دورها كأم ومهامها الصحفية، قائلة: "لم يكن سهلاً أبدًا أن أكون أمًا وصحفية في ظل حرب قاسية كهذه". كانت تعمل في بيئة خطيرة جدًا، حيث أصبح من الصعب توفير الاحتياجات الأساسية لأطفالها مثل الطعام والمياه، مما أضاف عبئًا نفسيًا فوق عبء العمل في الميدان.
اتخذت نور قرارًا صعبًا بإجلاء طفليها إلى القاهرة خوفًا على سلامتهما، بينما استمرت هي وزوجها - وهو أيضًا إعلامي - في تغطية الأحداث من غزة. رغم التحديات، أعربت نور عن فخرها بقدرتها على ممارسة الصحافة خلال أصعب فترات الحرب، قائلة: "كان شرفًا لنا كصحفيين فلسطينيين أن ننقل الرواية الحقيقية".
إسراء العرعير: التحديات الشخصية والمهنية في قلب الميدان
إسراء العرعير، صحفية مستقلة من غزة، تعرضت لصدمات متتالية منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث فقدت زوجها في قصف إسرائيلي. ومع أنها كانت تتوقع أن تؤدي دورًا صحفيًا فاعلًا، وجدت نفسها في موقف شديد الصعوبة حيث اضطرت إلى العمل برفقة ابنتها الصغيرة عبير، التي تعاني من نوبات خوف بسبب القصف المستمر.
ورغم المصاعب النفسية والجسدية التي تواجهها كأم وصحفية، تواصل إسراء القيام بعملها، محاولةً توثيق الأحداث المروعة التي تشهدها غزة. تصف إسراء عملها في هذه الظروف بأنه "مهمة ثقيلة جدًا"، ولكنها تؤكد أن وجود ابنتها معها يخفف من وطأة الوحدة.
نور حرازين: صحفية تعمل بالقرب من أطفالها لتضمن سلامتهم
نور حرازين، مراسلة قناة CGTN الصينية في غزة، أم لطفلين توأم يبلغان من العمر 6 سنوات. على الرغم من خبرتها الطويلة في العمل الصحفي، لم تجد نور نفسها قادرة على التكيف بسهولة مع الوضع الميداني خلال هذه الحرب. أحد أبرز التحديات التي واجهتها كانت فكرة أنها قد تفقد أطفالها أثناء عملها في الميدان. ولذلك، كانت تحرص على إبقائهم في مكان قريب منها أثناء التغطيات الصحفية.
اتخذت نور قرارًا بترحيل طفليها إلى خارج غزة في يناير 2023 بعد أن أصبحت الظروف أكثر صعوبة. وتصف تلك اللحظات بأنها كانت من أصعب لحظات حياتها المهنية والشخصية، قائلة: "كان القرار صائبًا لكن الفراق كان مريرًا". وتشير إلى أنها شعرت أنها كانت أمًا لكل أطفال غزة، وليس فقط لأبنائها، حيث كانت مهمتها الأساسية نقل معاناة الأطفال والعائلات إلى العالم الخارجي.
استهداف الصحفيين: المخاطر في كل زاوية
على الرغم من حماية الصحفيين وفقًا للقانون الدولي الإنساني، تتعرض الصحفيات في غزة لاستهداف مستمر من القوات الإسرائيلية. ووفقًا لتقارير متعددة، بما في ذلك ما صرحت به منظمة "مراسلون بلا حدود"، فإن الجيش الإسرائيلي يستخدم تكتيكات لفرض تعتيم إعلامي على غزة من خلال استهداف المكاتب الصحفية ومنع دخول الصحفيين الأجانب.
يقول جوناثان داغر، رئيس مكتب الشرق الأوسط في المنظمة، إن الصحفيين في غزة يعانون من استهداف مباشر بهدف منعهم من تغطية الحرب ونقل معاناة السكان المحليين. رغم ذلك، فإن الصحفيات الأمهات في غزة يواصلن العمل بشجاعة في مواجهة هذه التحديات، مقدمات للعالم صورة غير مفلترة عن واقع الحياة في القطاع.
الصحفيات الأمهات في غزة.. بين مسؤولية المهنة وأعباء الأمومة
التحديات التي تواجهها الصحفيات الأمهات في غزة لا تقتصر فقط على المخاطر الأمنية والصعوبات المهنية، بل تشمل أيضًا الأعباء العائلية والنفسية المرتبطة بحماية أطفالهن وسط القصف والدمار. ومع ذلك، تبقى هؤلاء الصحفيات رمزًا للشجاعة والإصرار، حيث يواصلن تغطية الأحداث الصعبة وتوثيق المعاناة رغم كل الصعوبات. وبينما يتزايد استهداف الإعلاميين، يظل دورهن حاسمًا في نقل الحقيقة وكشف الواقع المرير للعالم.