عاجل
الإثنين 18 نوفمبر 2024 الموافق 16 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

تحويل الدعم في مصر من العيني إلى النقدي باستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي

شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة تحولات كبيرة في سياسات الدعم، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الاقتصاد المصري، واحدة من هذه التحولات هي الانتقال من الدعم العيني إلى النقدي، وهو ما أثار نقاشًا واسعًا بين الخبراء وصناع القرار، خاصة  مع تزايد الاهتمام بتحسين كفاءة توزيع الدعم، وهنا يأتي دور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كأدوات حاسمة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه دون إهدار للموارد.
إن التحول إلى الدعم النقدي المدعوم بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لا يسهم فقط في تحسين عدالة التوزيع وضمان وصوله إلى مستحقيه، بل يساعد أيضًا في تقليل الفساد وإهدار الموارد، هذه التحولات يمكن أن تشكل جزءًا مهمًا من إصلاحات أوسع تعزز الاستقرار الاقتصادي وتدعم الأسر الأكثر احتياجًا في مصر.

مشاكل الدعم العيني
من أبرز التحديات التي واجهتها مصر في تقديم الدعم العيني هو سوء التوزيع وهدر الموارد في النظام العيني، يتم تقديم السلع مباشرة للمستفيدين، وهو ما قد يؤدي إلى:

• حصول غير المستحقين على الدعم.
• ضعف مراقبة الكميات الموزعة.
• الصعوبات في توزيع السلع بشكل متساوٍ عبر مختلف المناطق الجغرافية.
• زيادة التكاليف اللوجستية من نقل وتخزين وتحمل الاهمال في التخزين وتلف المنتجات.
• إضافة إلى ذلك، يعتمد الدعم العيني على توزيع سلع محددة قد لا تلبي احتياجات الأسر بشكل دقيق، ما يؤدي إلى إهدار غير مباشر.

فوائد التحول إلى الدعم النقدي
التحول إلى الدعم النقدي يقدم عدة فوائد منها:

• تحقيق الكفاءة في التوزيع: من خلال تقديم مبالغ مالية مباشرة للمستفيدين، يمكن للأسر أن تختار السلع التي تحتاجها بالفعل وتوسيع الاختيارات والتنوع الغذائي امام كل اسرة.

• خفض تكاليف النقل والتخزين: بدلاً من توزيع سلع معينة، ويمكن تحويل الأموال عبر الحسابات البنكية أو المحافظ الإلكترونية، مما يقلل من التكاليف اللوجستية.

• مرونة في التحكم في مستوى الدعم: من السهل تعديل مبلغ الدعم النقدي بناءً على الظروف الاقتصادية والاحتياجات الأسرية دون انتظار نزول مكونات الدعم عبر المنافذ.

دور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
لضمان أن يصل الدعم النقدي إلى مستحقيه الفعليين، يمكن للتكنولوجيا أن تلعب دورًا حاسمًا في ذلك من خلال:

استخدام قواعد البيانات الضخمة: يمكن للجهات الحكومية جمع وتحليل بيانات حول دخل الأفراد، أوضاعهم الاجتماعية، وعدد أفراد الأسرة، وذلك لتحديد الأسر الأكثر احتياجًا دون تدخل العنصر البشري.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي: من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي، يمكن تحليل بيانات المستفيدين بدقة أكبر لتجنب تكرار حصول الشخص على الدعم أو تسريب الدعم لغير مستحقيه، كما  يمكن أيضًا استخدام هذه التكنولوجيا لتحديث بيانات المستفيدين بشكل مستمر، مما يضمن متابعة دقيقة للوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسر والتغيرات الطارئة عليها.

نظم إدارة وتوزيع متطورة: يمكن تطوير منصات إلكترونية متخصصة تدير وتحلل طلبات الدعم، وتحدد بشكل فوري المستحقين بناءً على معايير محددة مسبقًا، مما يقلل من التدخل البشري ويحد من احتمالات الفساد.

تجنب التكرار والفساد: بفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن تطوير أنظمة تمنع تكرار استفادة الأفراد من الدعم عن طريق مقارنة البيانات بين مختلف الجهات والمؤسسات، على سبيل المثال، يمكن التحقق من هوية المستفيدين من خلال رقم قومي واحد مرتبط بجميع المعاملات المالية والاجتماعية وربطه بهاتفه النقال مما يتيح للمستفيد من الحصول على بيانات سريعة.

التأثير الإيجابي على الاقتصاد
مع تحسين كفاءة توزيع الدعم وتقليل الهدر، يمكن أن يتم توجيه موارد الدولة إلى مشروعات أخرى تدعم النمو الاقتصادي، مثل تطوير البنية التحتية أو تحسين الخدمات الصحية والتعليمية، كما أن تحويل الدعم من العيني إلى النقدي يعزز الاستهلاك المحلي ويزيد من حرية المواطنين في اتخاذ قراراتهم الاقتصادية.

فكرة تطبيق سند (براءة اختراع مصرية):

تطبيق "سند" يتكامل مع منظومة الدولة في الضمان الاجتماعي ومنظومة تكافل وكرامه ويضمن دخول التبرعات التي تتم في الشارع في الشمول المالي بشكل فعال مما يدخل هذه الموارد للوصول لمستحقيها مما يوفر مليارات لمنظومة الدعم وتخفيف العئب عن الدولة، مما يقدم نموذجاً عملياً لكيفية استخدام التكنولوجيا لضمان وصول التبرعات والدعم للمستحقين بطرق دقيقة ومباشرة، دون الحاجة إلى التعامل بالنقد الفعلي، وهو ما يعزز الشفافية ويقلل من الهدر.

الربط بين تطبيق "سند" والتحول إلى الدعم النقدي باستخدام التكنولوجيا
آلية تحديد المستفيدين: يقوم تطبيق "سند" بربط التبرعات برقم موبايل المستفيد وإرسال رسالة توجيه للجمعية الخيرية التي تقوم بدراسة حالة المستفيد، يمكن استخدام هذه الفكرة في التحول إلى الدعم النقدي، باستخدام الذكاء الاصطناعي وقواعد البيانات الكبيرة، يمكنها تحديد المستحقين للدعم بفعالية أكبر، وإرسال الدعم بشكل مباشر عبر المحافظ الإلكترونية المرتبطة بأرقام هواتفهم، مما يقلل من الأخطاء ويضمن وصول الدعم للفئات الأكثر احتياجًا.

إدارة الموارد المالية: في "سند"، المستفيد لا يحصل على نقود كاش، بل يوجه الدعم لاحتياجات محددة مثل العلاج أو السلع الأساسية، وهذا يتماشى مع فكرة التحول إلى الدعم النقدي، كما يحد من سلبيات التطبيق حيث  يمكن للحكومة استخدام نفس النهج لضمان أن الدعم النقدي يتم توجيهه لشراء الاحتياجات الأساسية فقط، مما يقلل من احتمالية التربح أو استخدام الدعم في أغراض غير مناسبة أو في سلع ترفيهية أو مستوردة قد تضر بالاقتصاد أو تسبب المزيد من التضخم.

مع سهوالة تتبع الدعم او حالات الاحتيال في صرف الدعم بالذكاء الاصطناعي وغلق المنافذ على المتحايلين.

منع تكرار الاستفادة: من خلال "سند"، إذا تلقى نفس الشخص أكثر من تبرع او دعم من أكثر من جهة، يستفيد منه بما يكفي احتياجه فقط، ويتم توجيه الدعم الزائد لمستفيد آخر، و يمكن تطبيق نفس الفكرة في التحول إلى الدعم النقدي، حيث يمكن استخدام التكنولوجيا لمنع حصول الشخص على دعم مزدوج أو غير مستحق، وضمان توزيع عادل للموارد، وسحب الدعم من المتحايلين فورا مما يرفع نزاهة وكفائة المنظومات الحكومية والتي اتهمت من سنين بالفساد بسبب تحايل الافراد او التجار.

شفافية كاملة وإشراف من الدولة: العمليات في "سند" تتم بشكل إلكتروني وتحت نظر الدولة لضمان عدم استغلال التبرعات في أنشطة غير قانونية، في حالة التحول إلى الدعم النقدي والتي قد تصل الي دعم المخربين، يمكن استخدام نفس التكنولوجيا لضمان أن الأموال المخصصة للدعم تذهب إلى الوجهة الصحيحة، وتقليل فرص الفساد أو التلاعب.

مساهمته في الأمن الاقتصادي والاجتماعي: تطبيق "سند" يضمن توجيه التبرعات نحو الأنشطة الصحيحة، مما يعزز استقرار وأمن المجتمع، وبالانتقال إلى الدعم النقدي، يمكن تحقيق نفس الهدف على نطاق أوسع، حيث يتم تحسين توزيع الموارد وتعزيز العدالة الاجتماعية، مما يساهم في استقرار المجتمع وتوجيه الدعم نحو التنمية المستدامة.

باستخدام التكنولوجيا المتطورة، مثل الذكاء الاصطناعي وتطبيقات المحافظ الإلكترونية، يمكن للنظام الاقتصادي المصري تحقيق تقدم ملحوظ في توزيع الدعم، مستفيدًا من نجاحات تطبيقات مثل "سند" لضمان الشفافية والكفاءة في الوصول إلى المستحقين وتحقيق العدالة الاجتماعية.

تابع موقع تحيا مصر علي