عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

ياسر حمدي يكتب: ساندويتش طعمية!

ياسر حمدي - كاتب
ياسر حمدي - كاتب صحفي

رسائل رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، للمواطنين بالأمس بعد الإنتهاء من الإجتماع الدوري للحكومة تمثلت في عدم رضاه عن الزيادة الضخمة في الأسعار، لكنه قال لا توجد خيارات بديلة، كما ركز على قرار الحكومة بوقف قطع الكهرباء، والذي يكلف الدولة حوالي 350 مليون دولار شهريًا، وأكد على حل أزمة الدواء قريبًا!.

والسؤال: هل ستفي الحكومة بوعودها هذه للمواطنين؟ في حين أن احد المصريين اعتاد أن يذهب بنفسه كل صباح إلى فرن العيش البلدي ومنها إلى محل الفول والطعمية ليشتري إفطار عائلته، رغم تقدمه في السن لا يعتمد على أبنائه الشباب، هذا الرجل استهوته عملية حسابية بسبب التغير في الأسعار بشكل شبه يومي، تذكر الأيام التي كان يشتري فيها العشرين طعمية بجنيه، والعشرين رغيفًا بجنيه!.

ثم تناقصت قيمة الجنيه فأصبح يشتري الطعمية الواحدة بجنيه مع مرور الأيام، ثم وصل به الحال ليشتري الواحدة بجنيهين والخمسة بعشرة جنيهات وإفطار العائلة بمائة جنيه بعد خمسين جنيهًا.. سأل الكاشير: بكام الساندويتش؟.. قال له: البلدي ولا الإفرنجي؟.. قال له: البلدي.. قال له: بعشرة جنيهات!.

تذكر صاحبنا أنه في أواخر الثمانينيات حسب مرتب وكيل الوزارة على أساس سعر الطعمية والفول وكم يدفع للإفطار.. وفعل الشيء نفسه في وجبة الغداء، وكانت الحسبة على أسرة مثالية فيها أب وأم وطفلان! وهكذا استمر في الحساب، فوجد العائلة تحتاج مبلغًا كبيرًا لحياة بسيطة، ليس فيها لحوم ولا أسماك ولا فسح ولا ترفيه من أي نوع!.

الآن، قفزت الأسعار بشكل خرافي، وصار المرتب لا يكفي السكن فقط زائد فواتير الكهرباء والغاز، فلا تتكلم عن مصاريف المدارس والسبلايز.. وما أدراك ما قائمة السبلايز؟ المثير أن كل طرف يطلب ما يخصه بغض النظر عن تكاليف الحياة إجمالاً، وما إذا كانت لدى الناس مقدرة على الوفاء بهذه القوائم السعرية أم لا؟.

وجدت عمليات حسابية مشابهة على «الفيس بوك».. بعضهم يحسب قيمة ساندويتشات البيض والجبنة والفينو لطفل واحد، فما بالك لو كان هناك عدة أطفال، فكم يكفيهم في اليوم من ساندويتشات وعصائر؟ خصوصًا بعد العودة للمدارس، الناس تضرب أخماسًا في أسداس، فهل الصح أن تكون مشكلة الغذاء هي أُم المشاكل!؟.

في العالم كله مهما زادت الأسعار فإنها تصبح في حدود مرتبات ودخول الموظفين.. فالجميع يأكل مهما كانت الدخول، ويلبس بنفس القدر ومن نفس الخامات وليس من البالة والاسكرتو، لا أتحدث عن الماركات ولكن الجودة عند الجميع واحدة.

زمان كانت وزارة التموين تقدم قائمة استرشادية للمحلات وتحدد الأسعار، وليس معنى حرية السوق أن تترك الحبل على الغارب وتترك الناس في مواجهة المجهول! الرقابة على الأسواق وحماية المستهلك من جشع التجار يجب أن تُفعل بشكل أقوى وأكبر وأوسع نطاقًا مما هي عليه.

وزارة البترول هي الأخرى زادت الطين مبللة وقامت لجنة تسعير المحروقات برفع سعر إسطوانات الغاز مطلع الشهر الحالي، الآن وصل سعر بيعها في كثير من الأماكن لمائتي جنيه،على الرغم من إعلان الحكومة سعرها الرسمي في مستودعات النفط والغاز، فإلى متى تترك الحكومة السوق لجشع التجار دون المحافظة على حقوق المستهلك المطحون في قفزات الأسعار المبالغ فيها!.

باختصار، نريد التوازن في حياتنا بين الدخول والمصروفات.. نريد تغيير المعادلة.. لأننا لو حسبنا على أساس ساندويتشات الفول والطعمية سنحتاج إلى مضاعفة المرتبات بنفس مقدار الزيادة على أقل تقدير!.

تابع موقع تحيا مصر علي