آسيا في صدارة النمو العالمي
ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي المسال| هل يتجه العالم نحو أزمة طاقة؟
ADVERTISEMENT
يشهد سوق الطاقة العالمي تقلبات حادة مع استمرار تصاعد التوترات الأمنية في الشرق الأوسط، مما ينعكس بشكل مباشر على أسعار النفط والغاز الطبيعي المسال، ومع اقتراب فصل الشتاء لعام 2024-2025، تبدو التوقعات أكثر تشاؤماً، خصوصاً مع توقعات بزيادة الطلب العالمي على الغاز المسال بنسبة ملحوظة قد تصل إلى 5% مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى 218 مليون طن متري، وفقًا لتقارير شبكة بلومبرغ.
آسيا في صدارة النمو العالمي
في ظل تراجع متوقع للطلب في أوروبا، يبدو أن آسيا ستكون القاطرة الرئيسية لنمو الطلب على الغاز المسال، بقيادة كوريا الجنوبية والصين. هذه الدول، التي تسعى جاهدة لتأمين احتياجاتها من الطاقة وسط تزايد استهلاك الكهرباء والمرافق الحضرية، تستعد لزيادة وارداتها من الغاز، مما قد يزيد من حدة المنافسة على الشحنات المتاحة.
وقد أظهر تقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في النصف الأول من 2024"، الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة، أن الصين كانت أكبر مستورد للغاز المسال عالميًا خلال النصف الأول من العام الحالي، بواردات بلغت 38.69 مليون طن (ما يعادل 52.6 مليار متر مكعب). هذه الأرقام تعكس قوة الاقتصاد الصيني وقدرته على تحمل التحديات في ظل ارتفاع الأسعار.
التحديات الأوروبية: نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار
على الجانب الآخر من العالم، تتجه أوروبا لمواجهة شتاء صعب، حيث من المتوقع أن تتراجع وارداتها من الغاز المسال، لا سيما في شمال غرب أوروبا وإيطاليا. وقد أدى هذا التراجع إلى زيادة الاعتماد على المخزونات المحلية لتلبية الطلب المتزايد، ما دفع بمخزوناتها إلى نسب تقل عن المعدلات السنوية السابقة، وفقًا لتقديرات "بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس".
وتتوقع التقارير أن تنهي منطقة شمال غرب أوروبا وإيطاليا شهر مارس/آذار 2025 بمخزونات غاز تبلغ نسبتها حوالي 40%، في حال استمر متوسط الطقس خلال العقد الماضي، مقارنةً بـ56% على مدار العامين الماضيين. هذا النقص في الإمدادات قد يدفع الدول الأوروبية إلى الدخول في منافسة شرسة لاقتناص الشحنات المتاحة من الغاز المسال، مما يعني استمرار ارتفاع الأسعار.
كوريا الجنوبية والصين: طلب متزايد وآفاق متنامية
تُعتبر كوريا الجنوبية ثالث أكبر مستورد للغاز المسال عالميًا، حيث بلغت وارداتها نحو 61 مليار متر مكعب في عام 2023، وفقًا لمنصة الطاقة المتخصصة. تسعى سول لتقليل اعتمادها على الغاز المسال في مزيج الكهرباء من 27.5% في عام 2022 إلى 9.3% بحلول عام 2036، في إطار خطتها لخفض الانبعاثات بنسبة 44% بحلول عام 2030.
وفي الوقت ذاته، تشهد الصين نموًا أبطأ في الطلب مقارنةً بالأعوام السابقة، لكن الخبراء يتوقعون أن يستمر هذا النمو حتى تصل البلاد إلى ذروة الطلب على الغاز المسال قبل عام 2040. أما اليابان، فتمثل السوق الوحيدة المتقلصة في المنطقة، نتيجة إعادة تشغيل محطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء.
جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط: أسواق متنامية وأزمات مستمرة
في جنوب شرق آسيا، تبرز الهند كسوق رئيسية لنمو الطلب على الغاز المسال، حيث ارتفعت وارداتها في النصف الأول من 2024 إلى 13.59 مليون طن، بزيادة عن 10.43 مليون طن خلال نفس الفترة من العام السابق. وتأتي هذه الأرقام لتؤكد أن الهند باتت تحتل مكانة متقدمة بين أكبر مستوردي الغاز المسال عالميًا.
وفي الشرق الأوسط، تعيش مصر أزمة حقيقية في قطاع الطاقة، حيث أدى تراجع إنتاج الغاز المحلي إلى عودتها لاستيراد شحنات الغاز المسال، بواقع أكثر من 50 شحنة حتى الآن هذا العام. ومن المتوقع أن تستمر مصر في استيراد الغاز خلال الربع الأخير من 2024 لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء.
الطقس والأسعار: مؤشرات مؤثرة على التوازن العالمي
يعد الطقس، إلى جانب الأسعار، عاملاً حاسمًا في تحديد مستقبل الطلب على الغاز المسال. ففي حال شهدت أوروبا شتاءً قارس البرودة، من المتوقع أن تستنفد مخزوناتها من الغاز، مما سيجبرها على البحث عن شحنات إضافية من السوق الفورية.
وفي الولايات المتحدة، تشير التوقعات إلى زيادة إمدادات الغاز المسال بنسبة 4% خلال الشتاء المقبل، مع دخول مشروعات جديدة حيز التنفيذ وانتهاء المشكلات في ميناء فريبورت للغاز المسال في تكساس.
بينما تستعد آسيا لقيادة النمو العالمي في الطلب على الغاز المسال، تواجه أوروبا تحديات كبيرة في تأمين إمدادات كافية لمواجهة شتاء قاسٍ. ومع استمرار تصاعد التوترات الأمنية في الشرق الأوسط، يبقى السؤال المطروح: هل نحن على أعتاب أزمة طاقة عالمية جديدة؟