من حليف واشنطن إلى العدو الأول.. كيف صنع بن لادن اسمه بين الأكثر رعبًا في التاريخ؟
ADVERTISEMENT
كانت العلاقة بين أسامة بن لادن والولايات المتحدة معقدة ومتشابكة على مدى عقود. فقبل أن يصبح العدو الأول لأمريكا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، كان بن لادن حليفًا غير مباشر للولايات المتحدة أثناء الحرب ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان. كيف تحولت هذه العلاقة من التحالف إلى العداء؟ وما هي الدوافع التي جعلت من بن لادن زعيمًا لتنظيم القاعدة ومخططًا للهجمات الإرهابية الأكثر تدميرًا في التاريخ الحديث؟
الأصول والنشأة: ثروة وتأثير
ولد أسامة بن لادن في عام 1957 لأسرة سعودية ثرية. كان والده، محمد بن لادن، أحد أشهر رجال الأعمال في السعودية، وقد كوّن ثروته من مشاريع بناء ضخمة، منها مشاريع للحكومة السعودية. والدته، حميدة العطاس، سورية الجنسية، انفصلت عن والده بعد فترة قصيرة من ولادة أسامة. ورث بن لادن ثروة تقدر بما بين 25 و30 مليون دولار، والتي استغلها لاحقًا في تمويل نشاطاته.
ورغم ترفه المادي، كان بن لادن مهتمًا بالدراسات العسكرية والتاريخية، وقرأ أعمال المارشال برنارد مونتغومري والجنرال شارل ديغول، مما ساعد في تشكيل فكره الاستراتيجي والعسكري الذي انعكس لاحقًا في قيادته لتنظيم القاعدة
التحول إلى حليف غير مباشر: حرب أفغانستان ضد السوفييت
بدأ التحول الأول في حياة أسامة بن لادن عندما غزا الاتحاد السوفيتي أفغانستان في ديسمبر 1979. حينها، قرر بن لادن أن يساهم في "الجهاد" ضد السوفييت. توجه إلى باكستان وأصبح داعمًا للمجاهدين الذين كانوا يقاتلون السوفييت في أفغانستان. بفضل ثروته، كان يمول المجاهدين بشكل مباشر عبر دعم الجماعة الإسلامية في باكستان، كما أقام علاقات مع قادة المجاهدين في أفغانستان.
وفي تلك الفترة، كانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) تدعم المجاهدين ضد السوفييت كجزء من جهودها في الحرب الباردة. ورغم عدم وجود تعاون مباشر بين بن لادن وCIA، كان الطرفان في مواجهة مشتركة ضد عدو واحد، ما جعل بن لادن حليفًا غير مباشر للولايات المتحدة في ذلك الوقت.
من حليف إلى عدو: بداية الصدام مع الولايات المتحدة
بعد انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان، تحول أسامة بن لادن من مقاتل ضد الشيوعية إلى زعيم لتنظيم القاعدة الذي استهدف الولايات المتحدة وحلفاءها. بدأت العلاقة المتوترة مع الولايات المتحدة بعد تواجد القوات الأمريكية في السعودية خلال حرب الخليج عام 1991، وهي الخطوة التي اعتبرها بن لادن تدنيسًا لأرض الحرمين الشريفين.
وفي عام 1993، نفذ تنظيم القاعدة أول هجوم كبير له ضد الولايات المتحدة، حيث قاد اثنان من عناصره شاحنة مليئة بالمتفجرات إلى مركز التجارة العالمي في نيويورك. الهجوم أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من ألف آخرين، وكان بداية لسلسلة من الهجمات التي جائت زروتها في 11 سبتمبر.
هجمات 11 سبتمبر: نقطة التحول الأكبر
في صباح 11 سبتمبر 2001، نفذ تنظيم القاعدة هجومًا إرهابيًا باستخدام طائرات مدنية مختطفة ضربت برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، إضافة إلى البنتاغون في واشنطن العاصمة. الهجمات أسفرت عن مقتل أكثر من 3000 شخص وتسببت في دمار واسع. وكانت تلك الهجمات النقطة التي جعلت من أسامة بن لادن العدو الأول للولايات المتحدة، حيث شنّت أمريكا بعدها حربًا عالمية على الإرهاب، استهدفت تنظيم القاعدة وحركة طالبان التي كانت تأوي بن لادن.
العلاقة المعقدة: ماذا تحقق من التحالف السابق؟
تظهر قصة أسامة بن لادن تحولًا جذريًا في العلاقات الدولية، حيث تحول من حليف غير مباشر في الحرب ضد السوفييت إلى أكبر عدو للولايات المتحدة. استغل بن لادن ثروته وعلاقاته التي بناها خلال فترة الجهاد في أفغانستان لتأسيس تنظيم القاعدة، الذي استمر في تهديد الاستقرار العالمي لعقود. ورغم أن الحرب الأمريكية ضد الإرهاب نجحت في القضاء على بن لادن عام 2011، إلا أن إرثه يستمر في التأثير على السياسة العالمية.