عاجل
الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق 16 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

أزمة زيادة الإيجارات.. هل هناك حل؟

مع تزايد الجدل في مصر بشأن ارتفاع أسعار إيجارات الوحدات السكنية أو ما اصطلح على تسميته بـ "الإيجار الجديد"، بات الكثيرون يتحدثون عن ضرورة وجود آلية للسيطرة على هذه الزيادات، والتي أصبحت تفوق القدرات المالية لكثير من الأسر، ولن أتطرق كثيرًا للآثار الاجتماعية السلبية الناتجة عن ارتفاع أسعار الإيجارات بعد تزايد أعداد الوافدين، خاصة من السودان الشقيق، والتي دفعت كثيرًا من الملاك لفسخ التعاقد مع المستأجر المحلي في مقابل فرصة تأجيرها لوافد بمبلغ يساوي ثلاثة أضعاف على الأقل، لأن لكل من المالك والمستأجر وجهة نظره وظروفه الخاصة، والتي تدفع الأول للبحث عن أعلى عائد استثماري لوحدته لإعانته على مواجهة ظروف الحياة والمعيشة، أما الثاني فلا قدرة له على تحمل مزيد من الضغوط التضخمية التي تتحالف كلها ضد مرتب ضئيل، بالكاد يؤمن له ولأسرته أبسط متطلبات الحياة.

والسؤال: هل التدخل الحكومي بوضع سقف لزيادة الإيجارات سنويا أو وضع حد أقصي للإيجار حل لهذه المشكلة؟ الفكرة تبدو جذابة، فهي تهدف إلى حماية المستأجرين من الزيادات المفرطة وتوفير استقرار لهم، ولكن هل هذا التدخل الحكومي في سوق حرة تخضع للعرض والطلب حل أمثل؟

هنا سنعرض لتجربتين؛ الأولي تتعلق بنموذج هولندا، والتي قررت وضع حد أقصى لأسعار الإيجارات بهدف حماية ذوي الدخل المنخفض والمتوسط من الزيادات المتوالية في الإيجارات، وضمان استقرار السوق من وجهة نظرها، لكن ما حدث أن شريحة كبيرة من ملاك العقارات توجهت إلى بيعها بدلًا من استئجارها، لأن عائد البيع أصبح أكثر ربحية لهم، وهذا بالتأكيد ساهم في حدوث نقص شديد في الوحدات المتاحة للإيجار، ما أدى إلى تفاقم المشكلة وليس حلها، كما أن الملاك أصبحوا يفضلون التعامل مع المغتربين لإمكانية زيادة الإيجارات عليهم خارج النسب الحكومية.

التجربة الثانية، التعديلات التي أجراها رئيس الأرجنتين عندما قرر إلغاء كافة القوانين التي تضع سقفًا للإيجارات، وبرغم الطفرة التي حدثت في أسعار الإيجارات بعد القرار وتأثيراته على التضخم في البلاد، إلا أنه على التوازي حدث نشاط كبير في سوق البناء.

توجد دول كثيرة في آسيا وأمريكا وأوروبا تضع قواعد للتحكم في الإيجارات ونجحت في ذلك لأسباب عدة، منها أن السوق منظم ومراقب بشكل كبير، وأيضا  تصميم سياسات لمراقبة الإيجارات تراعي ظروف السوق المحلية، وخضوعه لتعديلات مستمرة لتحقيق التوازن بين الأطراف، مالك الوحدة والمستأجر، وضمان استقرار السوق والحفاظ على نموه.

وفي الحالة المصرية، فإن قانون الإيجار الجديد ينص على زيادة قيمة الإيجارات سنويا بحد أقصى 15%  لمدة خمس سنوات هي مدة التعاقد، لكن ما يحدث أن السوق كله يعمل على عقود (سنة أو سنتين) على الأقصى كي يكون لدى المالك مرونة لوضع سعر جديد وفقا لمتغيرات السوق..

بالتأكيد الأمر شديد التعقيد ويحتاج حلولًا للحفاظ على هؤلاء المستأجرين، ولكن بشرط ألا تؤدي تلك السياسات إلى سوق سوداء جديدة يتم فيها إيجار الوحدة بسعر حقيقي مرتفع وآخر أقل في العقد.

تابع موقع تحيا مصر علي