عاجل
الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

خبيرة مصرية: فحص المومياوات يعيد كتابة تاريخ الفراعنة ويُبرز إنسانيتهم

فحص الجسم المحنط
فحص الجسم المحنط بكامل لفائفه داخل التابوت بشكل آمن (سحر سلي

قبل نحو 20 عامًا، بدأت الدكتورة سحر سليم، أستاذة الأشعة بجامعة القاهرة، رحلتها العلمية المميزة في مجال فحص "الأجسام المحنطة" بعد أن كانت أولى مهامها العلمية فحص مومياء مصرية قديمة في أحد المتاحف الكندية خلال دراستها لزمالة ما بعد الدكتوراه في جامعة ويسترن أونتاريو. منذ ذلك الحين، كرست الدكتورة سحر جزءًا كبيرًا من حياتها المهنية لفحص المومياوات باستخدام أحدث تقنيات الأشعة، مدفوعة بحبها لحضارتها المصرية وحرصها على احترام إنسانية الأجسام المحنطة.

"خبيرة مصرية" هو اللقب المفضل للدكتورة سحر سليم

العمل في مصر ميزة لا مثيل لها

عندما سُئلت الدكتورة سحر أثناء حوارها مع الجزيرة نت عن اللقب الذي تفضله، أجابت بثقة أنها تفضل أن تُعرف كـ"خبيرة مصرية". وأوضحت أن وجودها في مصر أتاح لها فرصًا نادرة لفحص المئات من المومياوات بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار المصرية، وهو ما لم يتح لغيرها من الباحثين الأجانب الذين غالبًا ما يفحصون مومياء أو اثنتين فقط في المتاحف الغربية. هذا التعاون أثمر عن العديد من الأبحاث والنشر العلمي في مجلات عالمية مرموقة.

"الأجسام المحنطة" بدلاً من "المومياوات"

إعادة إنسانية الأجساد القديمة

تفضل الدكتورة سحر استخدام مصطلح "الأجسام المحنطة" بدلاً من "المومياوات"، معتبرة أن الكلمة الأخيرة تفتقر إلى الاحترام اللازم لإنسانية هؤلاء الأشخاص الذين تم تحنيطهم. وترى أن استخدام كلمة "المومياوات" يعيدنا إلى العصر الفيكتوري عندما كانت تُقام حفلات لفك لفائف المومياوات، وهو أمر تعتبره إهانة. لهذا، حرصت خلال عملها كعضو في اللجنة العلمية للعرض المتحفي بوزارة الآثار على إضفاء لمسة إنسانية على طريقة عرض المومياوات، ليعرف الزائر أن هذا الجسد كان لإنسان له تاريخ.

انتقادات حول عرض المومياوات: ردود علمية منطقية

ردت الدكتورة سحر على الانتقادات التي وُجهت لنشاطها البحثي في فحص المومياوات، مؤكدة أن الهدف من هذه الفحوصات هو احترام إنسانية الجسد المحنط وفحصه علميًا دون إلحاق أي ضرر به. وأوضحت أن التقنيات الحديثة مثل التشريح الافتراضي تسمح بفحص الجسد دون الحاجة إلى إزالة اللفائف، مما يحافظ على الجسد بشكل كامل. وأسفرت هذه الأبحاث عن اكتشافات أعادت كتابة التاريخ، مثل كشف ظروف قتل الملك رمسيس الثالث والملك سقنن رع.
 

فحص المومياوات: إسهامات علمية وتاريخية هامة

من خلال فحص المومياوات، تمكنت الدكتورة سحر وفريقها من اكتشاف أن المصريين القدماء عانوا من أمراض كنا نظن أنها حديثة مثل تصلب الشرايين، وقد وثقت أول حالة وفاة بالسكتة القلبية منذ 3500 عام. هذه الأبحاث لا تساعد فقط في فهم التاريخ الطبيعي للأمراض، بل تسهم أيضًا في تطوير العلم الطبي الحديث. كما أكدت أن هذه الفحوصات أظهرت تقدم الحضارة المصرية القديمة في مجالات مثل التشريح والتحنيط والكيمياء، مما يثبت أن القدماء كانوا على دراية عميقة بخصائص المواد التي تحافظ على الأجساد المحنطة لآلاف السنين.

المطالبة باستعادة المومياوات والآثار المصرية

تعتبر الدكتورة سحر أن فحص الأجسام المحنطة هو حق طبيعي لمصر، وهي من المؤيدين القويين لاستعادة المومياوات والآثار المصرية من المتاحف الأجنبية، خاصة تلك التي خرجت بطرق غير مشروعة. وأوضحت أن وزارة الآثار تبذل جهودًا كبيرة لاستعادة هذه الآثار، وأنها تؤيد كل الجهود المبذولة لإعادة التراث المصري إلى موطنه الأصلي.

أبرز الإنجازات: من فحص الأجسام المحنطة إلى الطب الحديث

مسيرة علمية حافلة بالإنجازات

في مجال الطب، حققت الدكتورة سحر إنجازات كبيرة، أبرزها ابتكار أول بروتوكول لفحص قلب الجنين بالرنين المغناطيسي خلال الحمل. أما في مجال فحص المومياوات، فتفخر بأنها كانت وراء العديد من الاكتشافات، مثل الكشف عن تقنيات تحنيط غير معروفة سابقًا وتصحيح مفاهيم خاطئة حول طرق التحنيط. كما كانت جزءًا من مشاريع إعادة تركيب وجه الملكيْن رمسيس الثاني وتوت عنخ آمون باستخدام تقنيات حديثة جمعت بين الطب الشرعي والنحت.

التوازن بين الطب وفحص المومياوات: شغف لا ينتهي

رغم اهتمام الإعلام الكبير بأبحاثها على المومياوات، لم تتوقف الدكتورة سحر عن البحث في مجال الطب، حيث لا تزال تنشر أبحاثًا علمية في مجالات الأشعة العصبية وفحص الأجنة. وتحرص على الجمع بين اهتماماتها في الطب وعلم الآثار، ما يجعلها شخصية علمية فريدة تجمع بين التخصصات المختلفة.

 

تابع موقع تحيا مصر علي