ما حكم كفالة اليتيم وفضلها وحكم أكل ميراثه؟
ADVERTISEMENT
قال الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن كفالة اليتيم تُعتبر من الأمور المهمة التي يحث عليها الشرع، لافتا إلى أن كفالة اليتيم في الشريعة الإسلامية تُصنف كفرض كفاية.
كفالة اليتيم واجبة على المجتمع
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن "فرض الكفاية" يعني أن كفالة اليتيم واجبة على المجتمع، ولكن ليس على كل فرد بشكل مباشر، فإذا قام بعض أفراد المجتمع أو الأسر بكفالة اليتيم، فإن التكليف يسقط عن البقية، بمعنى آخر، لا يجب على كل فرد في المجتمع أن يتولى كفالة اليتيم، ولكن إذا قام بها البعض، فقد أدوا واجبهم وسقط الإثم عن الآخرين.
ما حكم كفالة اليتيم ؟
وأوضح أن كفالة اليتيم تأتي في إطار "فروض الكفاية"، وهو مصطلح يعني أن المجتمع يجب أن يتحمل مسؤولية كفالة الأيتام بشكل جماعي، وفي حالة تقصير الجميع في كفالة اليتيم، فإن الإثم يقع على المجتمع ككل، أما إذا تولت بعض الأسر أو الأفراد هذه المهمة، فإن الثواب يُكتب لهم ويتحملون مسؤولية هذه الكفالة أمام الله سبحانه وتعالى.
وأضاف أنه إذا كانت الأسر تتوجه إلى دور الأيتام وتبدي رغبتها في كفالة اليتيم، فإن هذا يعكس التزام المجتمع بدوره تجاه الأيتام، ويُظهر تعاونهم في تحقيق هذا الواجب الشرعي. وذكر أن الكافل يلقى ثواباً عظيماً من الله تعالى على هذا العمل الصالح، شريطة أن يكون هناك نية صافية واهتمام حقيقي برعاية اليتيم.
ولفت إلى أن كل أسرة ترغب في كفالة يتيم يجب أن تراعي عدة أمور مهمة، منها توفير الرعاية الكاملة، والاهتمام بجوانب التربية والتعليم والصحة للطفل اليتيم، بما يضمن نموه وتطوره بشكل سليم وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية.
فضل كفالة اليتيم وتربيته
عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَنَا وَسَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ؟ قَالَ: امْرَأَةٌ تُوُفِّيَ زَوْجُهَا فَقَعَدَتْ عَلَى عِيَالِهَا).
عن مالك بن الحارث -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ -رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (من ضمَّ يتيمًا بين أبوَينِ مسلمَين إلى طعامِه وشرابِه حتى يستغنيَ عنه؛ وجبَتْ له الجنَّةُ، ومن أعتقَ امرءًا مسلمًا؛ كان فَكاكَه من النَّارِ، يجزي بكل عضو منه عضوا منه).
ورد فى السّنّة النّبوية بعض الأحاديث التي تتحدث عن الرحمة باليتيم منها : أنَّ أبا الدَّرداءِ كتبَ إلى سلمانَ: (أنَّ رجلًا شَكا إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قَسوةَ قلبِهِ، فقالَ: إن أردتَ أن يُليَّنَ قلبُكَ فامسَح رأسَ اليتيمِ وأطعمهُ)
تحريم أكل مال اليتيم
قال تعالي : "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا(عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إجتنبوا السبع الموبقات،" قيل : يا رسول الله ، وما هن ؟ فقال صلي الله عليه وسلم : "الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".
وعن أبي شريح العدوي خويلد بن عمرو، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اللَّهمَّ إنِّي أحرِّجُ حقَّ الضَّعيفينِ اليتيم والمرأة ) ، ومعني ( أحرج ) أي (أحذر)من الوقوع في ظلمهم.
كيفية كفالة اليتيم
كفالة اليتيم هي رعايته وتعهده بما يُصْلِحُهُ في نفسه وماله، قال الحافظ ابن الجوزي الحنبلي في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (2/ 282، ط. دار الوطن): [معناها: القيام بأمره وتربيته] اهـ.
وقال الإمام النووي في "رياض الصالحين" (ص: 116، ط. مؤسسة الرسالة): [كافِل اليتيم: القائمُ بأموره] اهـ. قال شارحه العلامة ابن علان الصديقي الشافعي في "دليل الفالحين" (3/ 81، ط. دار المعرفة): [دينًا ودنيا، وذلك بالنفقة والكِسوة، والتربية والتأديب، وغير ذلك].
وقد وَسَّع الفقهاء معناها حتى جعلوها شامِلةً لكُلِّ مَصلحةٍ لليتيم صغُرَتْ أم كَبُرَت؛ قال العلامة الزرقاني في "شرح الموطأ" (4/ 534، ط. مكتبة الثقافة الدينية): [مِن جملة كفالة اليتيم إصلاح شعره، وتسريحه، ودهنه].
والكفالة على نوعين: ماليةٌ، وأدبية، وهي بنوعيها من أنواع التبرع، وهو: بَذْل الْمُكَلَّفِ مَالًا أَوْ مَنْفَعَةً لِغَيْرِهِ فِي الْحَالِ أَوِ الْمَآلِ بِلا عِوَضٍ، بِقَصْدِ الْبِرِّ وَالْمَعْرُوفِ غَالِبًا، وفي الكفالة المتعارَف عليها بين مؤسسات المجتمع المدني -والتي تقوم بها دُور الأيتام عمومًا- يبذل الكافل للمكفول المالَ والمنفعةَ معًا، فهي مُتَحَقِّقَةٌ شرعًا ويترتب عليها الثواب بحصول أَحَدِ نوعيها أو كليهما -الماليِّ منها والأدبيِّ-؛ قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (18/ 113، ط. دار إحياء التراث العربي): [وهذه الفضيلة تحصل لمَن كفله من مال نفسه أو من مال اليتيم بولايةٍ شرعية].
إنَّ الشريعةَ قصدت بكفالة اليتيم رعايتَه في جميع شؤون حياته ومعيشته مأكلًا ومشربًا وملبسًا ومسكنًا وتأديبًا وتعليمًا وتثقيفًا وزواجًا، وغير ذلك من ضروريات الحياة وحاجيَّاتها؛ كما يصنع الوالدان بولدهما سواءً بسواءٍ؛ حتى يصل إلى مرحلة الاستقلال التامة نفسيًّا واجتماعيًّا وماليًّا بحيث يكون قادرًا على بناء أسرته قائمًا بشؤونه مُنفِقًا على نفسه وعلى مَن يعول.