بعد حلق رأس فتاة بسبب الحجاب.. الإفتاء: يجب نُصحها بتلطف ولا يجوز إيذاؤها نفسيًّا ولا بدنيًّا لإجبارها عليه
ADVERTISEMENT
تداول رواد السوشيال ميديا منشورًا لفتاة تُعاني من العنف الأسري، حيث حلق أسرتها شعرها لأنها خلعت الحجاب والنقاب، وأثارت جدلا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي بسبب ما حدث لها من ضرب وإهانة من والدها.
فتاة تستنجد لصديقتها من العنف الأسري
وكتبت فتاة تدعى علياء نبيل منشورًا عبر حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «دي صاحبتي كلمتني النهاردة بتستنجد بيا من أبوها وأخوها اللي ضربوها ضرب موت لدرجة غالبا عندها نزيف داخلي دلوقتي لأنه مسك راسها هبهدها في الحيطة شوهوهها زي ما في الصور وحلقولها شعرها كل ده لأنها قلعت النقاب والحجاب وحاليا حابسينها واخدين كل حاجتها اللابتوب بتاعها موبايلها».
هل يجوز ضرب الزوجة أو البنت لعدم اتداء الحجاب؟
قالت دار الإفتاء، إن الزوج كما هو مسؤول عن رعاية مصالح أهله الدنيوية، مسؤول كذلك عن رعاية مصالحهم الدينية؛ وذلك بأمرهم بطاعة الله تعالى ونهيهم عن معصيته، بالموعظة الحسنة والإرشاد وتوفير السبل لهم لتحقيق ذلك، والحجاب حق من حقوق الله يجب على كل امرأة مسلمة القيام به، فإن لم تفعل وجب على زوجها أن يأمرها به ويتلطف معها بالنصح ويذكرها بفرضيته ويحثها عليه، ويداوم على ذلك، ولا يجوز إيذاؤها نفسيًّا ولا بدنيًّا لإجبارها على الحجاب؛ إذ لم يأمر الله أحدًا أن يجبر الناس على طاعته، بل أمر بالأمر بها على جهة التذكير والحث، فإن قام الزوج بذلك فلا إثم عليه في تركها الحجاب.
مسؤولية الزوج والأب عن حجاب زوجته
أوضحت دار الإفتاء، أن الحجاب فريضة على كل امرأة مسلمة عاقلة، ويتحقق بأن تلبس ما يستر كلَّ جسمها ما عدا وجهَها وكفيها؛ أيًّا ما كانت هذه الملابس؛ بحيث لا تصف ولا تكشف ولا تشف؛ امتثالًا لقوله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: 31].
واستدلت بما روي وعن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وأشار إلى وجهه وَكَفَّيْهِ. أخرجه أبو داود في "سننه"، والطبراني في "مسند الشاميين"، وابن عدي في "الكامل"، والبيهقي في "السنن الكبرى" و"الآداب" و"شعب الإيمان".
وأكملت: فإن لم تكن الزوجة ترتدي الحجاب الشرعي فإن مسؤولية الأمر به والحث عليه داخلة في نطاق مسؤولية زوجها عنها في رعاية مصالحها الدينية، ويجب عليه حينئذ أمرُها به، أمرَ إرشادٍ وترغيب، لا أمرَ إجبارٍ وترهيب، فعن دِحية الكلبي رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَأْمُرِ امْرَأَتَكَ أَنْ تَجْعَلَ تَحْتَهُ ثَوْبًا لَا يَصِفُهَا» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود في "السنن".
الصبر عليها مع المداومة على النصح والترغيب
وأفادت: فإن قام الزوج بمسؤوليته في نصح زوجته وحثها على الحجاب، ولكنها مع ذلك لم تتحجب، فعليه أن يصبر عليها مع المداومة على النصح والترغيب؛ إذ نص الشرع على وجوب أمر الأهل بالصلاة والصبر عليهم في أدائها وإقامتها، مع كون الصلاة عماد الدين وأول ما يسأل عنه المرء يوم القيامة، فلأن يصبر الزوج على امرأته في الالتزام بفريضة الحجاب من باب أولى.
واستطردت: قال تعالى: «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا» [طه: 132]. وقد جاء التعبير القرآني بالأمر بالاصطبار لا الصبر؛ لبيان أن الرجل مطالب بقدر زائد على معنى الصبر العادي؛ ليشمل كل حال يستدعي الضجر والشدة، فيكون مطالبًا حينئذٍ بتكلُّف الصبر وتَعَمُّده، دون ملل أو ضجر باعثين على النفور والإيذاء، وقال العلامة الطاهر بن عاشور في "التحرير والتنوير" (27/ 200، ط. مؤسسة التاريخ العربي، بيروت): [والاصطبار: الصبر القوي، وهو كالارتقاب أيضًا أقوى دلالة من الصبر، أي اصبر صبرًا لا يعتريه ملل ولا ضجر] .
وأبانت: فمسؤولية الزوج عن زوجته في القيام بحقوق الله تعالى مسؤولية دفع وتذكير ونصح وترغيب واتخاذ كافة الوسائل الممكنة المعينة لها على طاعة الله تعالى، فإن كانت الزوجة ممن يمتثل بالتلطف وجب عليه التلطف معها، وإن كانت ممن يمتثل بالزجر اتخذه وسيلة لذلك بشرط ألا يصل زجره لها إلى الإيذاء النفسي أو البدني.
وواصلت: نص الشرع الشريف على أن الأصل في الدعوة إلى الله تعالى أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، فإذا كان ذلك لعموم الناس أو لأصحاب العداوات من المعارضين للحق؛ فلأن يكون بين الزوج وزوجته أولى، قال تعالى: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» [النحل: 125]، وقال تعالى: «وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» [فصلت: 34].
حكم حرمان الزوجة من حقوقها الأساسية لعدم ارتدائها الحجاب
وأردفت: الإيذاء النفسي بحرمان الزوجة من حقوقها الأساسية كالنفقة، أو البدني كالتعدي بالضرب عليها؛ لأجل أن تتحجب: ليس من الحكمة في شيء، بل ربما أدى إلى نقيض المراد منه، وهو النفور مما كان سببًا لتعرضها للإيذاء النفسي أو البدني، كما جبل على ذلك البشر، وقد نص الفقهاء على أنه ليس للزوج إيذاء زوجته بالضرب لإجبارها على الإتيان بحقوق الله تعالى، وإنه إنما يكتفي في ذلك بالوعظ والإرشاد، فإن لم يُفِدْ: جاز له زجرها بما لا يؤذيها إن غلب على ظنه إفادةُ ذلك؛ لأن منفعة قيامها بحقوق الله تعالى تعود إليها لا إليه.
قال العلامة الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (4/ 77-78، ط. دار الفكر): [(ويعزر المولى عبده والزوج زوجته) ولو صغيرة لما سيجيء (على تركها الزينة) الشرعية مع قدرتها عليها (و) تركها (غسل الجنابة، و) على (الخروج من المنزل) لو بغير حق (وترك الإجابة إلى الفراش) لو طاهرة من نحو حيض.. (لا على ترك الصلاة)؛ لأن المنفعة لا تعود عليه بل إليها].
وقال العلامة الزرقاني المالكي في "شرح مختصر خليل" (4/ 105، ط. دار الكتب العلمية): [(ووعظ) الزوج أي: ذكر بما يلين القلب من ثواب وعقاب يترتبان على طاعته ومخالفته (من نشزت) أي: خرجت عن طاعته بمنع وطء أو استمتاع أو خروج بلا إذن، أو عدم ما أوجبه الله تعالى عليها من حقوق الله أو حقوق الزوج..(ثم هجرها) أي: تجنبها في المضجع من الهجران وهو البعد وغايته شهر أي الأولى له ذلك..(ثم ضربها) ضربًا غير مبرح.. ومثل غير المبرح اللكزة، فلا يضربها ضربًا مبرحًا وإن غلب على ظنه أنها لا تترك النشوز إلا به؛ لأنه تعزير لها قاله في "الجواهر" ثم قيد الضرب الجائز دون الأمرين قبله لشدة إيذائه دونهما وإن اقتضى تعليله الآتي أنهما مثله فقال (إن ظن) أي غلب على ظنه (إفادته) فإن لم يغلب على ظنه إفادته بأن شك لم يجز؛ لأنه وسيلة إلى صلاح الحال والوسيلة عند عدم ظن مقصودها لا تشرع ومر أن الأمرين قبله لا يعتبر فيهما ظن الإفادة بل يكفي شكها] .
نصائح لارتداء الحجاب
ونصحت دار الإفتاء: فعلى الزوج أن يديم النصح لزوجته في كل ما فيه طاعة ربها، ومن ذلك: فريضة الحجاب؛ بأن تستر جسمها ما عدا وجهها وكفيها، ولكن لا علاقة لذلك بإنفاقه عليها ما دامت غير ناشر؛ فالمعصية لا تمنع النفقة، كما أن عدم لبسها الحجاب ليس مبررًا له أن يمنعها من ممارسة حياتها، إلّا إذا علم انحرافها فعليه حينئذٍ أن يمنعها بسلطته من الانحراف قدر ما يستطيع.
فإذا قام الزوج بمسؤوليته في النصح والترغيب، مع المداومة على ذلك، فقد قام بما أمره الله تعالى به، ولا يأثم حينئذٍ عن معصية زوجته بتركها الحجاب، بل يقع إثم ذلك عليها وحدها؛ إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا يأثم المسلم على معصية أهله إن نهاهم عنها فلم ينتهوا، قال تعالى: ﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: 164].
7 نصائح لارتداء الحجاب
حدد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، 7 نقاط للإجابة عن حكم حجاب المرأة المسلمة، وهي:-
1:- حِجاب المرأة فريضة عظيمة، وهو من هدي أمَّهاتنا أمَّهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهنَّ زوجات سيِّدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
2:- فرضية الحجاب ثابتة بنصِّ القرآن الكريم، والسُّنة النَّبوية الصَّحيحة، وإجماع الأمة الإسلامية من لدن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-إلى يومنا هذا.
3- احتشام المرأة فضيلة دعت إليها جميع الشَّرائع السَّماوية، ووافقت فطرة المرأة وإنسانيتها وحياءها.
4-حجاب المرأة لا يُمثِّل عائقًا بينها وبين تحقيق ذاتها، ونجاحها، وتميُّزها، والدعوة إليه دعوة إلى الخير.
5-لا فرق في الأهمية بين أوامر الإسلام المُتعلقة بظاهر المُسلم وباطنه؛ فكلاهما شرع من عند الله، عليه مثوبة وجزاء.
6- حِجاب المرأة خُطوة في طريقها إلى الله سُبحانه، تنال بها أجرًا، وتزداد بها قُربى، والثَّبات على الطَّاعة طاعة.
7- لا يعلم منازل العِباد عند الله إلَّا الله سُبحانه، ولا تفاضل عنده عزّ وجلّ إلا بالتقوى والعمل الصَّالح، ومَن أحسَنَ الظَّنَّ فيه سُبحانه؛ أحسَنَ العمل.