كيف تعرف أنك على بصيرة من عند الله ؟ عالم أزهري يجيب
ADVERTISEMENT
أجاب الدكتور محمد مهنا، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، عن سؤال حول كيفية التحقق من صحة البصيرة.
البصيرة هي ناظر القلب
وقال أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، في تصريح له:"البصيرة هي ناظر القلب، كما أن البصر هو ناظر العقل، لكن لا يعني ذلك أن البصيرة يمكن أن تتبع الهوى أو الأماني دون ضابط، الشريعة هي الضابط الأول، فالشريعة تعالج أمور الغيب والشهادة، ولها درجات؛ أولها التسليم لحكم الله تعالى، فإذا كان ما يراه الشخص يتوافق مع أحكام الشريعة، فإن بصيرته تكون سليمة".
وأكد أن الشريعة تضبط العقائد والأحكام العملية، حيث تنظم عبادات الإنسان ومعاملاته وتحدد ما هو صحيح وما هو غير صحيح.
الفرق بين البصيرة الصحيحة وغيرها
وتابع: "إذا كانت البصيرة تتماشى مع الأحكام الشرعية والقواعد الفقهية والاعتقادية، فهي صحيح، أما إذا كانت تخالف هذه القواعد، فهي ليست بصيرة صحيحة بل قد تكون مضللة، على سبيل المثال، في التصوف، نرى أن بعض الأفراد قد يدعون رؤى أو تجارب غير متوافقة مع الشريعة، ولكن البصيرة الحقيقية هي التي تكون متوافقة مع الدين، كما حدث مع سيدنا عبد القادر الجيلاني، الذي تعامل مع الشيطان الذي ظهر له بصورة ملك وأدعى رفع التكاليف عنه، إلا أن سيدنا عبد القادر قال له: 'اخسأ، لو رفعت عني لرفعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم'".
هل المعصية تميت القلوب؟
أفاد الدكتور محمد مهنا، أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر: بأن "الحقيقة أن النور فى القلب لا ينقطع، فحتى وإن حدثت معصية أو فتور أو كسل، فإن النور قد يضعف أحيانًا أو يتوقف لحظات، ثم يعود بالتوبة، المعصية أو الفتور لا يمكن أن تقطع الأنوار تمامًا، بل قد تُضعفها مؤقتًا".
العقوق لا يخرج من النسبة
وأضاف مهنا في تصريح له، أن العقوق لا يخرج من النسبة، لأن أصل النسبة هو الإيمان، فمتى تنقطع النسبة؟ عندما يخرج الإنسان من الإيمان، لكن إيمان المؤمن دائمًا موجود ولا يمكن أن يخرج من الإيمان بمجرد المعصية، وهذا أمر مهم يجب أن نعرفه، فلا نيأس أبدًا من المعصية، كما قال مولانا الشيخ الأكبر ابن العربي رحمه الله، حتى وإن عصيته في اليوم ألف مرة، فإن المعصية لا تخرج من النسبة.
أهل القبلة ليس فيهم كافر أو مشرك
وأشار إلى أن مولانا الشيخ محمد زكي إبراهيم له رسالة بعنوان "أهل القبلة كلهم" يوضح فيها أن كل أهل القبلة ليس فيهم كافر أو مشرك، حتى وإن عصوا أو قصروا، لافتًا إلى أن المعصية أو التقصير لا تخرج من النسبة، قد يضعف النور بالمعاصي، لكن كلما استغفر الإنسان وتاب، تزول النكتة السوداء التي نكتت في القلب.
وأوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يسرق المؤمن وهو مؤمن، ولا يزني المؤمن وهو مؤمن"، أي أنه في حالة المعصية، يرتفع نور الإيمان، لأن الشهوة والهوى قد يعميان ويصمان، مما يجعل الإنسان يقبل على المعصية، وإذا كان نور الإيمان موجودًا، لما أقبل الإنسان على المعصية.
المعصية تقع وقت الغفلة
وأكد أن المعصية تقع وقت الغفلة عن الحضور مع الله سبحانه وتعالى، ولكن عند التوبة، يعود النور مرة أخرى، فلا يجب أن نيأس، فقد قال الله تعالى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}، وكل ابن آدم خطاء، والله تعالى قال: {وَعِزَّتِي وَجَلالِي لَوْ لَمْ تَذْنِبُوا لَخَلَقْتُ خَلْقًا يَذْنِبُونَ وَيَسْتَغْفِرُونَ}، فلا بد من الإقبال على الله، ولكن يجب أن نكون حذرين، فلا صغيرة إذا واجهت عدله، ولا كبيرة إذا واجهت فضله. فهذا ميزان."