عاجل
الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

خلافات تهز أركان «الحركة المدنية».. الانتخابات المقبلة تكشف عن انقسامات عميقة

أحد اجتماعات الحركة
أحد اجتماعات الحركة المدنية

تجدد الصراع الحاد وغياب التوافق حول التحالفات الانتخابية

انقسامات الحركة المدنية تهدد مستقبلها وتعصف بأدوارها


تُعاني الحركة المدنية من آفة مزمنة تتمثل في الانقسامات الحادة والتناحر المستمر بين مختلف التيارات والأحزاب، فالحركة المدنية، التي يُفترض بها أن تكون صوتًا موحدًا للمواطن، تعيش حالة من التشرذم والتنافس الأعمى على المصالح الضيقة. هذا الصراع الأيديولوجي المستحكم يعرقل أي محاولة جادة لإحداث تغيير حقيقي في الواقع السياسي، ويُبقي البلاد أسيرة لمشكلات متراكمة.

كشفت الأحداث الأخيرة عن عمق الشرخ القائم داخل الحركة المدنية، حيث برزت خلافات حادة حول التحالفات الانتخابية المرتقبة. فقد تفجرت صراعات بين قيادات بارزة داخل الحركة، مثل الخلاف الذي نشب بين هشام قاسم وبعض التيارات الأخرى، كما أن التباينات التاريخية بين التيارات الناصرية والليبرالية زادت من تعقيد المشهد، مما يهدد بعرقلة أي مسار نحو توحيد الصفوف داخل هذه الحركة.

صراع الأيديولوجيات يشل الحركة المدنية

إن هذا الانقسام المستمر ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة تراكمات سياسية عميقة بين أعضاء الحركة، غياب الرؤية المشتركة والأهداف الواضحة، بالإضافة إلى غلبة المصالح الشخصية على المصلحة العامة، أدت إلى تآكل الثقة بين مختلف القوى داخل الحركة المدنية

ولا يزال تصدع الواجهة الموحدة للحركة المدنية، حديث الخبراء والمراقبون فبدلاً من أن تساهم الانتخابات المقبلة في توحيد الصفوف وبناء جسور التواصل بين التيارات السياسية المختلفة، فإنها قد كشفت عن هوة سحيقة من الخلافات والانقسامات. فبينما يرى البعض في هذه الانتخابات فرصة سانحة لإعادة تشكيل المشهد السياسي، يخشى آخرون من أن تؤدي إلى مزيد من التشرذم والتفتت داخل الحركة

تكمن جذور هذه الانقسامات في اختلافات أيديولوجية عميقة تعود إلى شهور مضت، وتتجدد مع كل منعطف تاريخي. فالتيارات السياسية المختلفة داخل الحركة، وإن كانت تتفق على بعض الأهداف العامة، إلا أنها تختلف جذريًا في رؤيتها للمستقبل وتصورها للكيفية التي يجب أن تسير بها البلاد. وقد أدت هذه الاختلافات إلى تكوين تحالفات متغيرة ومتحركة، مما جعل من الصعب بناء تكتلات سياسية مستقرة وقادرة على الصمود أمام التحديات داخل أروقة الحركة المدنية.

تهدد الانقسامات وحدة الحركة المدنية، وتطرح تساؤلات جدية حول قدرة القوى السياسية المصرية على التوافق على رؤية مشتركة للمستقبل بعيون قادة الحركة المدنية، فغياب الثقة المتبادلة بين هذه القوى، وتراكم الخلافات الحادة يجعل من الصعب بناء دولة مدنية قوية مؤسساتها. ولذلك، فإن تجاوز هذه الأزمة يتطلب جهدًا مضاعفًا من جميع الأطراف، وحوارًا مفتوحًا وصريحًا، وقبولًا بالتعددية السياسية، والعمل على بناء تيارات وطنية قادرة على ضمان مصلحة الوطن والمواطن على المدى الطويل.

الحركة المدنية تعيش صراعات داخلية مستمرة

التأكيدات على ما سبق هو نشوب مشادات كلامية بين مجلس أمناء الحركة المدنية الديمقراطية داخل اجتماع مغلق لمناقشة ما ورد ببيان الحكومة عن السنوات 2024-2027 وذلك بسبب اعتراض البعض على البيان الأخير الصادر عن الحركة المدنية عما ورد ببيان الحكومة.

وكان على رأس الحضور أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين وجميلة إسماعيل رئيس حزب الدستور، وذلك قبل مؤتمر صحفى تنظمه الحركة المدنية بمقر مجلس الأمناء المؤقت لإعلان موقفها من بيان الحكومة، وقد شهدت الساحة السياسية المصرية مؤخرًا توترات داخلية عميقة أزاحت الستار عن خلافات حادة داخل صفوف الحركة المدنية، تلك القوة السياسية، هذه الخلافات تجذرت في رؤى مختلفة حول المشاركة السياسية والتكتيكات الانتخابية، باتت تشكل تهديدًا حقيقيًا لوحدة الحركة وتماسكها.

فقد أظهرت الانتخابات الرئاسية الأخيرة مدى عمق الهوة الفاصلة بين أطراف الحركة، حيث انقسمت الآراء حول المشاركة في الانتخابات ودعم مرشح بعينه. هذا الانقسام أدى إلى تجميد عضوية بعض الأحزاب، مثل حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وحزب العدل، عن الحركة.

ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والمحلية المقبلة، عادت هذه الخلافات لتتصدر المشهد من جديد، فبينما أكدت الحركة في اجتماعها الأخير على ضرورة الالتزام بموقفها الرافض لأي تحالفات انتخابية، أبدى بعض الأحزاب، مثل حزب الإصلاح والتنمية، تحفظًا على هذا القرار، كما طالب حزب الدستور بتأجيل البت في هذا الشأن إلى حين توفر معلومات أكثر دقة حول القانون الانتخابي وتقسيم الدوائر الانتخابية.

الانتخابات تكشف زيف الوحدة داخل الحركة المدنية

هذه الخلافات المتجددة، والتي تعكس تباينًا في الرؤى حول طبيعة المشاركة السياسية والتكتيكات الانتخابية الأنسب، أضفت مزيدًا من التعقيد على المشهد السياسي داخل الحركة. فمن جهة، تعكس هذه الخلافات صعوبة تحقيق الوحدة داخل التيار المدني الديمقراطي، ومن جهة أخرى، تثير تساؤلات حول قدرة الحركة المدنية على تقديم بديل سياسي حقيقي قادر على المنافسة الفاعلة في الانتخابات المقبلة.

ولا شك أن هذه التطورات سيكون لها تداعيات كبيرة على مستقبل الحركة المدنية، فإما أن تتمكن الحركة من تجاوز هذه الخلافات والتوصل إلى رؤية مشتركة، أو أنها ستظل تعاني من الانقسامات الداخلية التي تضعف من تأثيرها السياسي وتقلل من فرص نجاحها.

تابع موقع تحيا مصر علي