عاجل
الخميس 04 يوليو 2024 الموافق 28 ذو الحجة 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

كفارة من حلف على فعل شيء ثم تراجع عنه .. اعرف آراء الفقهاء

كفارة من حلف على
كفارة من حلف على فعل شيء ثم تراجع عنه

حكم من حلف على عدم فعل شيء ثم فعل ؟ إذا خالف الشخص ما حَلَف عليه عامدًا: فقد اتفق الفقهاء على أنه يحنث في يمينه، وتجب عليه الكفارة، وهي على المعمول به الآن: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فمَن عجز عن ذلك وجب عليه صيام ثلاثة أيام، وإن خالف ما حلف عليه ناسيًا: فقد ذهب جمهور الفقهاء، من الحنفية والمالكية والشافعية في قولٍ، والحنابلة في روايةٍ إلى أنَّه يحنث.

 

وذهب متأخِّرو المالكية، والشافعية في الأظهر، وهو المذهب عند الحنابلة: إلى أنَّه لا يحنث من فعل المحلوف عليه ناسيًا.

 

كفارة من حلف على فعل شيء ثم تراجع عنه


قال الشيخ إبراهيم عبد السلام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية،  إن من يحلف على يمين في المستقبل أن هو سوف يعمل كذا، وبعدين لم يكن أو لم ييسر له ذلك فيجوز أنه يسغفر إذا لم يستطع أن يحقق أو رأي الحاجة التي هيعملها ليست في المصلحة أو ربما تعمل ضرراً من قطيعة الرحمة بينه وبين أخيه أو كذا فليس عناك مشكلة إن هو لا يعملها، ويعمل كفارة يمين إطعام 10 مساكين أو كسوتهم أو صيام ثلاثة أيام".

 

معنى النذر وحكمه

 

النذر في اللغة: بمعنى النَّحْب والإيجاب، وقيل لَهُ (نَذْر)؛ لأَنه نُذِرَ فيه أَي: أَوجب، من قولك نَذَرتُ على نفسي أَي: أوجبت؛ كما في "لسان العرب" للعلامة جمال الدين ابن منظور، وفي الشرع: عبارة عن إِيجاب المرءِ فِعْلَ الْبِرِّ على نفسه؛ كما في "الاستذكار" للإمام ابن عبد البر.

حكم النذر في الإسلام 

وأوجب الشرع الشريف على المُكلَّف أن يفي بنذر الطاعة عند القدرة عليه، وشدد على الوفاء به، وعلى ذلك تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة، فمن الكتاب: قول الله تعالى: «وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ» [البقرة: 270]، وقوله تعالى: «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ» [الحج: 29]، وقوله تعالى في بيان صفات الأبرار: «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا» [الإِنسان: 7].

 

ومن السنة: ما أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ».

 

وأخرج الإمام البخاري في "صحيحه" عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ».

 

قال الإمام ابن بطال في "شرحه على صحيح البخاري" (6/ 156-157، ط. مكتبة الرشد) عند شرح حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: [النذر في الطاعة واجب الوفاء به عند جماعة الفقهاء لمن قدر عليه، وإن كانت تلك الطاعة قبل النذر غير لازمة له فنذره لها قد أوجبها عليه؛ لأنه ألزمها نفسه لله تعالى فكل من ألزم نفسه شيئًا لله فقد تعين عليه فرض الأداء فيه، وقد ذم الله من أوجب على نفسه شيئًا ولم يف به؛ قال تعالى: «وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ» الآية].

 

ولا خلاف أنَّ النذر بالطاعة يلزم الوفاء به ولا كفارة فيه، واتفقوا أنَّ من نذر معصية فإنه لا يجوز له الوفاء بها"؛ كما قال الإمام ابن القطَّان في "الإقناع في مسائل الإجماع".

 

ما هي اليمين الغموس

اليمين الغموس حرام شرعًا، وهي من الكبائر باتفاق الفقهاء، والأحوط الأخذ بمذهب مَن يرى فيها الكفارة خروجًا من الخلاف، وتمشيًا مع أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، ومقدار الكفارة إطعام عشرة مساكين لكلِّ مسكينٍ، وأما قبول التوبة فإنها على حد اليقين لمَن طلب مِن الله تعالى المغفرة بصدقٍ وإخلاصٍ؛ حيث قال تعالى: «وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ» [الشورى: 25].

 

حكم الحلف بالله كذبا


اليمين الغموس حرامٌ -وهي كبيرة من الكبائر- باتفاق الفقهاء، من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، كما في "بداية المبتدي" للمرغيناني (ص: 96، ط. صبح)، و"الفواكه الدواني" للنفراوي (1/ 412، ط. دار الفكر)، و"أسنى المطالب" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (4/ 241، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"المغني" لابن قدامة (9/ 496، ط. مكتبة القاهرة).

وذلك لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ» أخرجه البخاري.

قال الإمام ابن الجوزي في "كشف المشكل" (4/ 121، ط. دار الوطن): [اعلم أنَّ المذكور من الكبائر في هذا الحديث كأنَّه أمَّهات الكبائر].

 

 كفارة في اليمين الغموس


قد اختلف الفقهاء حول وجوب الكفارة في اليمين الغموس: فذهب جمهور الفقهاء، من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى عدم وجوب الكفارة في اليمين الغموس؛ إذ هي أعظم من أن تُكَفَّر.

ذهب الشافعية والظاهرية إلى وجوب الكفارة في اليمين الغموس، وهو قول الإمام الأوزاعي والحسن بن حيٍّ.

قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (3/ 11): [فإن حَلَف على ماضٍ كاذبًا وهو عالم، فهو اليمين الغموس، سُمِّيت غموسًا؛ لأنَّها تغمس صاحبها في الإثم أو في النار، وهي من الكبائر، وتتعلَّق بها الكفارة].

 

أفادت دار الإفتاء: بناءً على ذلك: فإن اليمين الغموس من الكبائر، والأحوط الأخذ بمذهب مَن يرى فيها الكفارة خروجًا من الخلاف، وتمشيًا مع أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، ومقدار الكفارة إطعام عشرة مساكين لكلِّ مسكينٍ، وأما قبول التوبة فإنها على حد اليقين لمَن طلب مِن الله تعالى المغفرة بصدقٍ وإخلاصٍ؛ حيث قال تعالى: «وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ» (الشورى: 25).

 

 


 

تابع موقع تحيا مصر علي