أيهما أفضل عند الله العشر من ذي الحجة أم الأواخر من رمضان؟ عالم أزهري يجيب
ADVERTISEMENT
هل العشر من ذي الحجة أفضل من العشر الأواخر في رمضان؟ الأيام العشر من ذي الحجة مباركات، لها فضل عظيم عند الله تعالى والعمل الصالح فيها أكثر أجراً من غيرها، ويستحب فيها الإكثار من الطاعات، وأما التفضيل بين العشر الأواخر من رمضان، والعشر من ذي الحجة، فقد اختلف العلماء في ذلك، ولعل أفضل الأقوال ما ذهب إليه بعض العلماء كون العشر الأوائل من ذي الحجة أفضل بنهارها، والعشر الأواخر من رمضان أفضل بليلها، لكونها فيها ليلة القدر.
العشر من ذي الحجة أفضل من العشر الأواخر في رمضان
قال الدكتور محمد أبو هاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، إن أهل التفسير أكدوا أن العشر أيام التى أقسم الله بها فى القرآن «والفجر وليال عشر»، هى العشر الأوائل من ذى الحجة، وهى أفضل أيام الله على الإطلاق وهى أفضل من العشر الأواخر فى شهر رمضان.
تجديد نية العمل الصالح في العشر من ذي الحجة
وأوضح في تصريح له: أن «العمل فى هذه الأيام مبارك العشر من ذي الحجة، له فضل كبير عند الله، فلابد أن تكون النية متجددة للعمل الصالح، لأن النية ركن كبير من العبادة».
وتابع: «النية يتوقف عليها قبول العمل، ولذلك مهم إننا ننوى وليس شرطًا بالتلفظ، وإن كان يحضر الإنسان، والنية تجعل بعض العادات والمباحات أعمالا، فإذا قرنتها بنية، إنك تأكل وتشرب لتكون مسلم قويا، أو رياضيا، أو رفع أعلام بلدى فى المحافل الدولية لو قرنتها بنية تثاب، وللك عندما تدخل أى مسجد قول نويت سنة الاعتكاف حتى لو 10 دقائق، حتى تفوز بثواب العبادة والصلاة والاعتكاف».
ماذا تفعل في العشر من ذي الحجة
ووردت العديد من الأحاديث النبوية التي تُبين فضل العمل في العشر من ذي الحجة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، ومنها: قَوْله: «ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ»؛ إذ دل الحديث على أن العَشر من ذي الحِجة أفضل أيام السنة.
أعمال العشر من ذي الحجة
1- أداء شعائر الحج والعُمرة، وذلك أفضل ما يُؤدى من العبادات في ذي الحِجة؛ إذ ثبت في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي-عليه الصلاة والسلام- قال: «العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ».
2- الصيام، ويُخَص منه صيام يوم عرفة، وقد ورد في فَضل صيامه قَول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ».
3- التكبير، والتحميد، والتهليل، والذِكر؛ فهي الأيام المعلومات التي ورد الحض فيها على ذلك.
4- التوبة، والاستغفار، والإقلاع عن الذنوب والمعاصي.
5- التقرُب إلى الله بالصلاة، والدعاء، والأمر بالمعروف، والنهي عن المُنكَر.
6- الأُضحية؛ اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ ثبت أن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا».
7- الحرص على أداء صلاة العيد.
8. أداء مختلف الأعمال الصالحة؛ من الصدقات، وقراءة القرآن، وإكرام الضيف، وصِلَة الرحِم، وحِفظ اللسان، وبِر الوالدين، والدعاء لهما، والحرص على صلاة السُّنَن الرواتب، وإدخال السرور على قلوب الآخرين، وغير ذلك من صالح الأعمال.
الأعمال المستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة
كشف مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، عن 8 عبادات مستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة، وذلك عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك».
وبين « البحوث الإسلامية» أن هذه الأعمال هي: « بر الوالدين، صلة الأرحام، التوبة والاستغفار، قراءة القرآن، الأضحية، الصدقة، الصلاة لوقتها، الحج والعمرة».
ونبه مجمع البحوث بالأزهر أن الْعَشْر الأُوَل من ذي الحجة أيام مباركات، لها فضل عظيم، ففيها تَكْثُرُ الخيرات، وتتضاعف الحسنات، ويستحب فيها الإكثار من الطاعات، وأقسم ربنا بها في كتابه؛ وذلك لعظم شأنها، وتنويهًا لفضلها؛ لأنه لا يقسم إلا بشيء عظيم، فقال- عز وجل -: {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2]
فضل العشر من ذي الحجة
1- أقسم الله -عز وجل- بها في القرآن الكريم، والله -تعالى- لا يُقسم إلا بشيء عظيم؛ قال الله -تعالى-: «وَالْفَجْرِوَلَيَالٍ عَشْرٍ»، والمقصود بالليالي العَشر؛ العشر من ذي الحجة على الصحيح مما ورد عن المُفسرين والعلماء.
2- تشمل الأيام العشر من ذي الحجة أفضل الأيام، مثل: يوم عرفة؛ وهو يوم الحَج الأكبر الذي تُغفَر فيه الذنوب والخطايا، وتُعتَق فيه الرِّقاب من النار، ومنها أيضًا يوم النحر؛ لقَول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ».
3- تُؤدى فيها فريضة الحج التي تُعَد من أعظم الفرائض.
4- شهِد لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنها أعظم أيام الدُّنيا؛ إذ قال: «ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَمَلِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ، فأكثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ».
5- تجتمع فيها أمهات العبادت فيها؛ كما أخرج الإمام البخاريّ عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: «ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ».
6- تُعد الأيام العشر من ذي الحجة الأيام المعلومات الواردة في قَوْل الله -تعالى-: «وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ».
حكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجة
حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على بذل الأعمال الصالحة في الأيام العشر من ذي الحجة؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» رواه البخاري.
فالحديث أطلق هذه الأعمال الصالحة ولم يقيدها بعمل صالح معين، فتشمل قراءة القرآن والذكر والتسبيح وصلة الرحم والصيام؛ قال الحافظ ابن حجر: «والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتّى ذلك في غيره».
ويستدل من حديث ابن عباس السابق أيضًا ورود لفظة الأيام، واليوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ومعلوم أن أفضل عمل النهار الصوم، كما أن أفضل عمل الليل القيام، ولذلك سن قيام الليل في العشر الأواخر من رمضان، فيكون صيام العشر الأوائل من ذي الحجة مندوباً قياساً على ذلك.
صيام العشر الأوائل من ذي الحجة
وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم هذه العشر ويحافظ على صيامهن؛ فعن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» رواه أحمد والنسائي وابن حبان وصححه، وقد تكلم المحدثون في أسانيد أحاديث فضل صوم الأيام العشر من ذي الحجة، فلم يثبت فيها شيء صحيح،ولكن ذلك لا يمنع فضل صوم هذه الأيام؛ لدلالة حديث البخاري رحمه الله السابق على عموم فضل الأعمال الصالحة فيه ومنها الصيام.
وأما ما رواه مسلم بإسناده عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ»، فقد أجاب عنه العلماء، قال الإمام النووي: "قول عائشة: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط»، وفي رواية لم يصم العشر، قال العلماء: هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة، قالوا: وهذا مما يتأول فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحباباً شديداً، لاسيما التاسع منها وهو يوم عرفة، فيتأول قولها لم يصم العشر أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائماً فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر، ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر الاثنين من الشهر والخميس. ورواه أبو داود وهذا لفظه وأحمد والنسائي".
وقال ابن حجر في [فتح الباري 2/ 460]: "لاحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله؛ خشية أن يفرض على أمته".
صيام العشر من ذي الحجة
وعليه؛ فيندب للمسلم أن يصوم هذه الأيام العشر بقدر استطاعته؛ لأن أجر صيام التطوع عظيم عند الله تعالى، فإن اجتمع الصيام مع فضيلة الأيام العشر صار أجره مضاعفاً، وعلى فرض عدم ثبوت حديث صحيح في صيام النبي صلى الله عليه وسلم لعشر من ذي الحجة، فلا يستلزم عدم فضل صوم هذه الأيام.