ما الذي يعطل خروج البورصة العقارية للنور؟
ADVERTISEMENT
حالة إيجابية سيطرت على أوساط السوق العقارية مع إعلان أحمد الشيخ، رئيس البورصة، في نهاية العام الماضي عن الاستعداد لإطلاق ما يسمى سوق تداول الأصول العقارية، أو ما يعرف بالبورصة العقارية، لأول مرة في مصر، وهو النظام المعمول به في العديد من الأسواق المجاورة مثل السعودية والتي قطعت فيه شوطًا متقدمًا.
والبورصة العقارية هي مرحلة متقدمة من آليات تداول العقار، وتفتح آفاقًا أوسع لراغبي الاستثمار في العقار بعيدًا عن أشكال التملك التقليدية، حيث يتم تقسيم الأصل العقاري إلى مجموعة من الوثائق يمكن تداولها بالبيع في البورصة مثل الأسهم، وتكون الملكية على المشاع، ويعد هذا هو النموذج هو الأقرب الذي تسعي مصر لتنفيذه كمرحلة أولى لبداية التداول، وبطبيعة الحال سيتركز الأمر على الاستثمار في العقارات غير السكنية بمختلف أنواعها، نظرًا لقدراتها على توليد عوائد متكررة من الإيجارات، والاستفادة من الزيادات المتوالية في سعر المتر، ويمكن بنجاح هذ النموذج تطوير المنظومة مستقبلًا لتشمل عقود الخيارات العقارية (Real Estate Option)، وتُستخدم عقود الخيارات العقارية لتمكين المستثمرين من شراء أو بيع عقار محدد في وقت لاحق بسعر محدد، ويمنح ذلك المستثمر فرصة للاستفادة من التغيرات في أسعار العقارات دون الحاجة للتملك الفعلي للعقار في البداية.
وتفعيل البورصة العقارية خطوة مهمة لتنشيط سوق صناديق الاستثمار العقاري المتداولة "REITs"، والذي يعد أداة استثمارية تسمح بجمع أموال عدد كبير من المستثمرين سواء أفراد أو شركات ووضعها في صندوق تكون مهمته اقتناص الفرص الاستثمارية من خلال شراء حصص في محافظ عقارية متنوعة، ولدينا في مصر حتي الآن صندوقان فقط، واحد منهم فقط متداول في البورصة، في حين تمتلك السعودية أكثر من 22 صندوقًا عقاريًّا حتي الآن.
وبحسب تصريحات رئيس البورصة، فإن بداية العمل ستكون خلال النصف الأول من العام الجاري، لكن حتى الآن لا نعرف على وجه اليقين ما تم من خطوات تنفيذية من جانب الجهات المعنية لتأهيل البيئة الفنية والتشريعية لاستقبال هذا النموذج المرن من التداول العقاري، وهل سيخرج للنور في الموعد المحدد أم سيتم تأجيله لفترة أخرى، فلدينا مشكلات معروفة تعرقل عمل هذه الأنظمة المتطورة، منها على سبيل المثال غياب التسجيل العقاري للوحدات، وأيضًا غياب آليات التعامل على العقارات تحت التنفيذ، وهل ستنضم لمنظومة التداول باعتبارها تمثل الشريحة الأكبر في السوق المصري أم ستكون خارجه، هذا فضلًا عن الآليات الفنية المتعلقة بالتداول والحفظ، وهل نظام التداول الحالي في البورصة هو الأفضل أم يفضل الانتظار لحين الاتفاق على نظام التداول الجديد، والذي تسعى إدارة البورصة لإدخاله بالتعاون مع ناسداك العالمية.
في النهاية، أقول إن البورصة العقارية إضافة قوية لسوق العقارات المصري الأكثر نموًا والأكبر حجمًا في المنطقة العربية، وبتواجدها ستحدث نقل كبيرة خاصة في ملف تصدير العقار، حيث ستجذب الكثير من صناديق الاستثمار العقاري العالمي للاستثمار في مصر، ما يحقق خطة الدولة في تصدير العقار، ولدينا منتجات فاخرة وجاهزة للتصدير بمئات المليارات، ولكن مطلوب الترويج لها ووضعها في إطار استثماري يخاطب عقلية ومفاهيم الصناديق العالمية، كما أن البورصة العقارية ستضفي على السوق المصري الكثير من الشفافية بفضل المعلومات الدقيقة التي ستكون متاحة حول أسعار العقار وحجم البيع والتداول والإنشاءات وهو من الأمور المطلوبة بقوة.
وختامًا، فإن إطلاق البورصة العقارية المصرية لم يعد رفاهية، بل هو أمر ضروري ومهم للاقتصاد الوطني، وبالتأكيد ستكون خطوة فاعلة على طريق تصدير العقار المصري الذي تستهدفه الحكومة من أجل جذب المزيد من العملة الأجنبية وإنعاش الاحتياطي الأجنبي، وما أطلبه حاليا هو توضيح الموقف بشكل شفاف من الحكومة فيما تم إنجازه بالفعل في هذا الملف مع العمل على سرعة إطلاقها في أقرب فرصة ممكنة.
بقلم المهندس محمود تمام