ياسر حمدي يكتب: الازدواجية الأمريكية في القضية الفلسطينية!!
ADVERTISEMENT
استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية، الثلاثاء الماضي حق النقض «الفيتو» ضد مشروع قرار قدمته الجزائر في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، ويعد «الفيتو الثالث» الذي تستخدمه واشنطن ضد قرار للأمم المتحدة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر الماضي، لوقف طلب إعلان هدنة إنسانية فورية، وفي 12 من أكتوبر 2023، فشل مجلس الأمن في إصدار قرار بشأن وقف فوري لإطلاق النار في غزة بسبب «الفيتو» الأمريكي، وفي الـ16 من ديسمبر 2023، فشل المجلس في إصدار قرار بإرسال بعثة تقصي حقائق للتحقيق في دعاوى بارتكاب إسرائيل «جرائم حرب» في غزة.
والحقيقة التي باتت مؤكدة هي أن الازدواجية الأمريكية في القضية الفلسطينية أصبحت علانية وبشكل متبجح، فهي تدعم الفلسطينيين بـ«الكلام» وتساند مجازر إسرائيل بالسلاح! ولا يخجل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من ممارسة «ازدواجية المعايير» علنًا، فيما يخص موقف إدارته تجاه الحرب الإسرائيلية الحالية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، المستمرة منذ أكثر من أربعة أشهر.
وفي أي من خطاباته الرئاسية، يحاول «بايدن» أن يروج لكونه يمسك العصا من المنتصف، بل وأنه ينظر بعين الرحمة إلى معاناة المدنيين الفلسطينيين داخل غزة جراء السلوك الإسرائيلي الغاشم، رغم أن إدارته هي الداعم الأول والأكبر لهذا السلوك، وتحديدًا على الصعيد العسكري، ويدعي أنه وإدارته يدعمان حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وأن مبدأ «حل الدولتين» هو الواقع الوحيد الذي يمكن تنفيذه لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى الأبد.
وما أن ارتفعت حدة المظاهرات والغضب ضده بسبب دعمه لما ترتكبه إسرائيل من إبادة علنية ضد الفلسطينيين العزل في غزة، مع قرب الإنتخابات الرئاسية، أدرك «بايدن» أنه يواجه عاصفة أثرت بشكل كبير على فرصه في تلك الإنتخابات، وهو ما دعاه الأسبوع قبل الماضي إلى الحديث عن أن سلوك إسرائيل خلال حربها في غزة «تجاوز الحد»، وشدد على أن إدارته تدفع بقوة من أجل التوصل إلى إتفاق يضع حدًا للقتال، ويتيح إطلاق سراح المحتجزين.
وبالنظر إلى التعامل والخطوات الفعلية التي تتخذها إدارة «بايدن» تجاه إسرائيل في ذلك الصدد، نجد أن واشنطن في الأساس تدعم تل أبيب عسكريًا بكميات ضخمة من الأسلحة والذخائر منذ اندلاع الحرب، ومنذ بدء التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة، خصصت إدارته نحو ١٤ مليار دولار للمساعدات العسكرية لإسرائيل، إضافة إلى ١٠ مليارات دولار لأسلحة الدفاع الجوي.
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، في تقرير نشرته خلال ديسمبر الماضي، أن واشنطن أرسلت طائرات وسفن شحن عملاقة تحمل كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر لدعم إسرائيل، ما يؤكد الدعم العسكري غير المشروط الذي تقدمه إدارة «بايدن» إلى تل أبيب، كما فتحت الولايات المتحدة الأمريكية جسرًا جويًا عسكريًا مع إسرائيل، أرسلت من خلاله نحو ٢٣٠ طائرة أمريكية و٢٠ سفينة شحن، تحمل مساعدات عسكرية بلغت أكثر من ١٠ آلاف طن.
وأمام لحظة الحقيقة نسفت الإدارة الأمريكية باستخدامها «الفيتو» للمرة الثالثة كل خداعها بتصريحاتها المعسولة بخصوص عدم رضاها عن تعنت نتنياهو وعن حرصها على حماية المدنيين، والحقيقة كنت أظن أن إسرائيل ولاية أمريكية فاتضح أن الولايات المتحدة الأمريكية هي ولاية إسرائيلية!.
كل تصريحات الولايات المتحدة الأمريكية بلوم إسرائيل، وسعيها حول إقامة دولة فلسطينية، ورفضها للهجوم البري على مدينة رفح هو تضييع للوقت، وامتصاص للغضب الشعبي المتصاعد ضد إدارة «بايدن» الداعمة للإبادة الجماعية للمدنيين في غزة حتى الوصول للإنتخابات الرئاسية القادمة، لكن كل المؤشرات تؤكد خسارتهم للإنتخابات، وهذا لا يعنينا في شئ، لكن ما يهمنا هي الازدواجية الواضحة في التعامل مع القضية الفلسطينية بخلاف ما يقوم به الرئيس الأمريكي من دعم غير مشروط لأوكرانيا مثلًا!.
الخلاصة: من يصدق أمريكا ففي عقله خلل وفي تفكيره خبل وفي نفسه هبل.. لا تصدقوا أمريكا ولا الأمريكان عمومًا، ولا يكون لديكم أي أمل في الموقف الأمريكي، فهي تعوق كل الجهود لوقف إطلاق النار وتستخدم حق «الفيتو» رافضة وقف إبادة الشعب الفلسطيني في غزة، وتساند الكيان الصهيوني بكل قوة وتمنحه الحصانة ليستمر في تنفيذ مجازره النازية ضد الأطفال والنساء، فهناك أكثر من ٢٩ ألف شهيد في القطاع ضحايا سلاحهم، فهي شريكة في الإبادة الجماعية بمساعدتها للإحتلال، وتستخدم مجلس الأمن أداة لدعم جيش إسرائيل المجرم، وهو ما يؤكد سقوط الولايات المتحدة الأمريكية أخلاقيًا وإنسانيًا!!.