الإفتاء توضح كيفية التقرب إلى الله بالدعاء وسؤاله من خير الدنيا والآخرة
ADVERTISEMENT
ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية، يقول السائل فيه: كيف يكون التقرب إلى الله تعالى في الدعاء وسؤاله من خيري الدنيا والآخرة؟ وهل يكون الأفضل الاقتصار على الدعاء بخير الآخرة فقط؟
الناس بالنسبة لدعاء الله وذكره قسمين
وأوضحت دار الإفتاء، أن الله سبحانه وتعالى بينّ في القرآن الكريم أنَّ الناس بالنسبة لدعائه وذكره ينقسمون إلى قسمين؛ أما القسم الأول: فقد عبَّر عنه سبحانه بقوله: ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ [البقرة: 200]. أي: فمن الناس مَن يقول في دعائه: يا ربنا آتنا ما نرغبه في الدنيا فنحن لا نطلب غيرها، وهذا النوع من الناس ليس له في الآخرة أيّ نصيب أو حظ من الخير.
وأما القسم الثاني فقد عبَّر عنه سبحانه بقوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار﴾ [البقرة: 201]. أي: ومن الناس نوع آخر قد بلغ الغاية في قوة اليقين وسلامة العقل فهو يقول في دعائه: يا ربنا امنحنا حالًا حسنة في الدنيا تكون معها أبداننا سليمة ونفوسنا آمنة ومعيشتنا ميسرة بحيث لا نحتاج إلى أحد سواك، وامنحنا أيضًا حالًا حسنة في الآخرة بأن تجعلنا يوم لقائك ممَّن رضيت عنهم وأبعدنا في هذا اليوم عن عذاب النار.
كلام العلماء على أفضل الناس في الدعاء
وأشارت دار الإفتاء، إلى أن الله تبارك وتعالى لم يذكر قسمًا ثالثًا من الناس وهم الذين يطلبون الآخرة فحسب؛ لأنَّ شريعة الإسلام تحب لأتباعها أن يكون منهجهم في هذه الحياة قوله تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ [القصص: 77].
وقد أجمع العلماء على أنَّ هذه الآية الكريمة من جوامع الدعاء، وأنَّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يكثر من الدعاء بها؛ فقد أخرج البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» [البقرة: 202].
ثمَّ بيّن سبحانه حسن ثواب هذا القسم الثاني فقال: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وٱللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [البقرة: 202] أي: أولئك الذين جمعوا في دعائهم بين طلب حسنيي الدنيا والآخرة لهم نصيب جزيل وحظ عظيم من جنس ما كسبوا من الأعمال الصالحة، والله تعالى سريع الحساب والعطاء؛ لأنَّه عليم بأحوال عباده لا يخفى عليه شيء من حركاتهم، والمتأمل في هذه الآية الكريمة يرى أنَّها قد بشَّرت المؤمنين بأنهم متى تضرعوا إلى الله تعالى بقلب سليم وبدعاء حكيم أجاب سبحانه سؤالهم وغفر لهم ما فرط منهم.