خاص|النيجر والاستعمار الاقتصادي.. لماذا تحظى الدولة الأفقر في القارة السمراء باهتمام عالمي؟
ADVERTISEMENT
في 26 يوليو أعلن بشكل مفاجئ عزل محمد بازوم رئيس النيجر من الحكم، وجاء ذلك بعد أن قام الحرس الجمهوري بإحتجازه داخل القصر الجمهوري هو وأسرته، هذا التغيير المفاجئ في المشهد السياسي داخل النيجر أثار حالة من ردود الفعل الدولية والأفريقية متفاوتة وطالبت بشكل فوري بالإفراج عن محمد بازوم وبدون شروط، واستخدمت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) والاتحاد الأوروبي وأمريكا سلاح العقوبات للضغط على قادة التي أطاحت بالرئيس محمد بازوم من الحكم بإعادته إلى الحكم وعودة الاستقرار في البلاد، وإلى جانب فرض مجموعة من العقوبات الاقتصادية التي تشكلت في وقف المساعدات المالية والتعاون الأمني مثل الاتحاد الأوروبي، هددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) باستخدام القوة العسكرية لإعادة بازوم إلى الحكم وأعطت مهلة لتحقيق ذلك، وهذا التهديد الذي أطلقته مجموعة (إيكواس) أظهر انقسام داخل المجموعة الافريقية التي انقسمت بين مؤيد ومعارض لها وعلى رأسها نيجيريا التي رفضت هذا الخيار وفضلت الحل الدبلوماسي لإنهاء أزمة النيجر،فيما رحبت السنغال وساحل العاج بالخيار العسكري.
تحيا مصر
أمريكا والخيار الدبلوماسي لإنهاء أزمة النيجر
وإلى جانب تهديد إيكواس بالتدخل العسكري لإنهاء الأزمة وهو لم يحدث رغم انتهاء المهلة التي اعطتها، فكانت الولايات المتحدة لها وجهة نظر أخرى في التعامل مع أزمة النيجر وفضلت الخيار الدبلوماسي وهو ما جاء على لسان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي أكد أن الخيار الدبلوماسي و التفاوضي أفضل من الخيار العسكري.
ومع عدم وجود رؤية دولية موحدة بشأن كيفية حل أزمة النيجر، برزت فرنسا وروسيا على قائمة الأزمة وتردد اسمها بين المحتجين داخل النيجر بين مؤيد لفرنسا ومعارض لروسيا أو العكس، وكان هناك انقسام داخل صفوف شعب النيجر فالداعم لروسيا يرى أنها ستنقذ البلاد من الاستعمار الفرنسي (الاقتصادي) والطرف الداعم لفرنسا يرى أنها ملاذ لاستقرار الدولة، لكن في الواقع إذا وضعنا الأمور في نصابها الصحيح سيكون كلا البلدين مستعمرين بنكهة التحرير والازدهار والاستقرار، لكن يبقى السؤال الأهم لماذا تحظى النيجر الدولة الأفقر في القارة الإفريقية وفي العالم على اهتمام عالمي وفرنسي بشكل أخص؟
أهمية النيجر للقارة العجوز
بداية النيجر يوجد بها قواعد عسكرية للتكتل الغربي، ففرنسا لديها 3 قواعد عسكرية ويوجد فيها 1500 جندي، وأمريكا أنشئت قواعد عسكرية في منطقتي أغاديس ونيامي وفيها نحو 1100 جندي، كما أن هناك اتفاقية شراكة عسكرية مع الاتحاد الأوروبي في 2022 من أجل دعم النيجر ضد الجماعات المسلحة، أنشئت بموجبها مراكز تدريب "فنر" للجيش النيجري، وتضمنت الاتفاقية إنشاء كتيبة للاتصالات ودعم القيادة.
لكن بشكل عام تحظى النيجر بأهمية خاصة لدى فرنسا، فهي تحظى بمكانة استراتيجية وحيوية بالنسبة لباريس ومما لا شك فيه ما يحدث في النيجر يؤرق قصر الإليزيه، ففرنسا تعتمد على النيجر في الحصول على 35 % من احتياجاتها من اليورانيوم لعمل محطاتها النووية وتساعدها في توليد 70 من الكهرباء، كما تمتلك النيجر معادن استراتيجية مثل الفحم والقصدير والنحاس والفضة، وفي عام 2021 زودت النيجر الاتحاد الأوروبي نحو 25 % من إمدادات اليورانيوم مما ساعد على توفير الكهرباء لملايين الأسر.
رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية: التدخل العسكري في النيجر خيار ضعيف
ويقول د. رائد العزاوي رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية في تصريحات خاصة لـ "تحيا مصر" بشأن أزمة النيجر و السيناريوهات المتوقعة لإنهاء هذه الأزمة التي تؤرق الغرب وحول عدم تدخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) إلى النيجر حتى الآن رغم انتهاء المهلة التي اعطتها للقادة التي أطاحت بالرئيس محمد بازوم قائلاً أنه: " لا يمكن التدخل عسكرياً في النيجر، ويجب أن يكون هناك توافق وإجماع دولي بخصوص هذا الأمر ورؤية دولية موحدة، دون ذلك لن يكون هناك تدخل عسكري في النيجر"
و بشأن الاتهامات التي تتعلق بوقوف روسيا ومجموعة فاجنر وراء اشتعال أزمة النيجر يقول الباحث والمحلل السياسي أنه:" حتى الآن لا يوجد إثبات يؤكد بمسؤولية فاجنر حول ما يحدث في النيجر.. حتى أمريكا نفسها لم تؤكد صحة هذه المعلومات رغم ما لديها من إمكانيات استخباراتية".
رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية: المنطقة الأفريقية عبارة عن برميل بنزين وأي تدخل عسكري سيكون كارثي
وعن سبب رفض الولايات المتحدة الأمريكية اللجوء إلى الخيار العسكري لإنهاء أزمة النيجر وتفضيل الخيار الدبلوماسي، يقول المحلل السياسي د. العزاوي أن" من المؤكد الولايات المتحدة سترفض ذلك فالمنطقة الأفريقية عبارة عن برميل بنزين وأي تدخل عسكري سيكون كارثي وهو بالتأكيد ما ترفضه واشنطن ولذلك تفضل وتدعم الخيار الدبلوماسي" .