مفتي الجمهورية: التحرش الجنسي بالأطفال من كبائر الذنوب وانتهاك صارخ للقيم الإنسانية
ADVERTISEMENT
قال فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الإسلام حرص كلَّ الحرص على المحافظة على كرامة الإنسان وعِرضه، وجعل ذلك من المقاصد الكلية العُليا التي جاءت الشريعة بتحقيقها، وهي: حفظ النفس، والعرض، والعقل، والمال، والدين، وهي مقاصد جاءت بالمحافظة عليها كل الشرائع السماوية.
انتهاك الحرمات والأعراض من كبائر الذنوب
وأوضح مفتي الجمهورية، أن من عظمة الشريعة أنها ارتقت بـ المحافظة على كرامة الإنسان وعِرضه، من رتبة الحقوق إلى رتبة الواجبات؛ فلم تكتف بجعلها حقوقًا للإنسان حتى أوجبت عليه اتخاذ وسائل الحفاظ عليها، ثم جعلتها مقدمة على حقوق الله المحضة.
وتقرر في قواعد الشريعة: أنَّ حقوق الله مبنيَّة على المسامحة، وحقوق العباد مبنية على المُشَاحَّة؛ فلا يبرأ الإنسان من عهدتها حتى يؤدي الحقوق لأصحابها، وجعلت الشريعة انتهاك الحرمات والأعراض من كبائر الذنوب، كما أفردت الحفاظ على الأعراض بمزيد احتياط، فلم يكتف الشرع بتحريم الاعتداء عليها، بل حرَّم كل الطرق والوسائل التي قد تؤدي إلى ذلك؛ فحرم النظرة، والخلوة، والخضوع في القول؛ لأنها كلها قد تؤدي إلى الاعتداء على الأعراض.
التحرُّش الجنسي بالأطفال
وأكد فضيلة المفتي، أن من صور انتهاك الأعراض جريمة "التحرُّش الجنسي بالأطفال"، ومفهومه: هو جعل الطفل محلًّا لوقوع أفعال وسلوكيات جنسيَّة عن طريق التلامس، أو غيره من الحواس كالسمع والبصر، وسواءٌ أكان يفهمها أو يعيها، أو لا.
والتحرُّش الجنسي بالأطفال يُعَدّ من أشنع الأفعال وأقبحها في نظر الشرع الشريف، وكبيرةً من كبائر الذنوب تنأى عنها كل الفطر السويَّة، وانتهاكًا صارخًا للقيم الإنسانية في المجتمع، فهو قتلٌ للطفولة، وانتهاكٌ للبراءة، وهو أيضًا -إلى كونه فعلًا فاحشًا- غدرٌ وخيانةٌ؛ لأن الصغير لا يَعِي ولا يَفهَم ما يَقعُ عليه.
كما أنَّ أهل الصغير لا يَتَحَرَّزُون مِن تَركِهِ مع الكبار؛ لأن الأصل أنه غير مُشتَهًى، واشتهاؤه إنما هو على خلاف الفطرة السليمة، فلا يصدر هذا الفعل إلا عن ذوي النفوس المريضة والأهواء الدنيئة التي تَتَوجَّه همَّتُها إلى التلطُّخ والتدنُّس بأوحال الشهوات بطريقةٍ بهيميةٍ، وبلا ضابطٍ عقليٍّ أو إنسانيّ، ولا يفكر فيه -فضلًا عن ممارسته- إلا الشُّذاذُ الذين نُزِعَت الرحمةُ من قلوبهم، بالإضافة إلى أنه من أفعال الفحش والتفحُّش التي يُبغضُ اللهُ عزّ وجلّ صاحبَها، وصدر بشأنها الوعيد الشديد في الشرع الشريف؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيء»، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ».
ومن هنا، فإن على أُولِي الأمر أن يتصدوا لهذه الجريمة النَّكراء بكلِّ حزمٍ وحسمٍ، وأن يأخذوا بقوةٍ على يدِ كلِّ مَن تُسَوِّل له نفسُه تلويث المجتمع بهذا الفعل المُشِين.