مفتي الجمهورية يوضح حكم عمل زفة للاحتفال بثبوت عذرية الفتاة
ADVERTISEMENT
ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية، يقول السائل فيه: انتشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو احتفالًا لفتاة بـ(عذريتها)، والهتاف بشرفها وعفتها؛ مما أثار جدلًا واسعًا حول الأمر؛ فهل للعذرية أثر على النكاح؟ وهل العذرية دليل على شرف الفتاة وعفتها؟
حكم الاحتفال بثبوت عذرية الفتاة
وحول هذا أكد فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن عمل الزفة المذكورة للاحتفال بثبوت عذرية الفتاة بعد الكشف الطبي عليها مخالف للمسلك الأخلاقي النبوي، الآمر بحسن الظن بالمؤمنين والمؤمنات والستر على شئونهم الخاصة، والعذرية لا ترقى إلى عدِّها قرينة على ثبوت عفة المرأة ولا نفيها.
فمن المقرر شرعًا أن غشاء البكارة قد يزول بسبب اندفاع دم الحيض أو الركوب على شيء حاد أو نحو ذلك، وعَدَمُها ليس عيبًا يفسخ به النكاح، والدليل على شرف الإنسان وعفته: أخلاقُه وتقواه وسلوكه الحسن بين الناس.
البكارة أمر اعتباري لا حسي
وأوضح فضيلة المفتي، أن العذرية مصطلح يُطلَق ويراد به في الأغلب: عدم ممارسة المرأة الجماع من قبل، وتثبت العذرية في زعم العامة بالاختبار والتحقق من وجود غشاء بكارة سليم، على التوهم الشائع من أنَّ غشاء البكارة لا يمكن أن يتمزق إلا نتيجة ممارسة الجماع.
والمقرر في الفقه الإسلامي أنَّ البكارة -وهي أعم من العذرية- أمر اعتباري لا حسي؛ فهو لا يرتبط ارتباطًا عضويًّا بوجود غشاء العُذْرة؛ إذ قد يزول غشاء العُذْرة وتظل البنت بكرًا حقيقةً وحكمًا كما إذا زال بغير الوطء؛ بوثبة، أو حِدَّة حيض، ونحو ذلك، وبذلك وردت الآثار عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين، ونصّ على ذلك أصحاب المذاهب المتبوعة؛ من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
روى سعيد بن منصور في "سننه" واللفظ له، وابن أبي شيبة في "المصنف": أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَجِدْهَا عَذْرَاءَ، كَانَتِ الْحَيْضَةُ أَحْرَقَتْ عُذْرَتَهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ عَائِشَةُ رَضِيَ الله عَنْهَا، "أَنَّ الْحَيْضَةَ تُذْهِبُ الْعُذْرَةَ يَقِينًا" ولفظ ابن أبي شيبة: "إِنَّ الْعُذْرَةَ تَذْهَبُ مِنَ الْوَثْبَةِ وَالْحَيْضَةِ وَالْوُضُوءِ".
زوال العذرية ليس عيبًا يرد به عقد النكاح
وأشار فضيلة المفتي، إلى أن المعمول به إفتاء وقضاء أنَّ زوال العذرية أي زوال غشاء البكارة ليس عيبًا يرد به عقد النكاح، كما هو مذهب الحنفية، حتى لو اشترط الزوج البكارة في العقد، وهو رواية عن الإمام أحمد.
وهو ما جرى عليه قضاء محكمة النقض؛ حيث جاء في الطعن رقم (760) سنة (67 ق) أحوال شخصية جلسة 9/ 2/ 2002م: [المُقَرَّر شرعًا أنَّ الزوج ليس له خيار الفَسخ إذا وجد في امرأته عيبًا ما؛ لأنه يَقدر أن يدفع الضرر عن نفسه بالطلاق] اهـ.
وأما من الناحية الأخلاقية: فقد اتضح أن وجود غشاء البكارة ليس دليلاً على تمام العفة أو عدمها؛ فكما هو مقرر شرعًا أن غشاء البكارة كما تقدم قد يزول بسبب اندفاع دم الحيض أو الركوب على شيء حاد أو نحو ذلك، وأن منظومة الأخلاق الإسلامية والإنسانية لا يستدل فيها على مدى عفة الأنثى بوجوده ولا بعدمه.
وإن من أجل القيم الأخلاقية التي تحكم العلاقات الأسرية والعائلية ما دعا إليه الشرع من الستر على الناس والعون على الفضيلة، روى الإمامان أبو داود والنسائي في "سننيهما" عن علي بن أمية رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم مبينًا جزاء الستر: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله يَوْمَ القِيَامَةِ» متفق عليه.