دفع مرتبه كاملا لمراسلة الملك سعود واعتذر لعبد الناصر وودع مبارك.. مواقف خالدة للشعراوي وحكام العرب في ذكرى رحيله
ADVERTISEMENT
تحل اليوم ذكرى رحيل إمام الدعاة، الشيخ محمد متولي الشعراوي، الذي رحل عنا عالمنا في 17 يونيو 1998، تاركًا ورائه إرثا ضخما من المؤلفات والمواقف التي سطرها التاريخ بأحرف من نور، عبرت كلها عن وسطية الدين الحنيف ودعت إلى التسامح والترفع عن الموبقات وسوء الأخلاق.
عرف عن الشيخ الشعراوي مواقف وآراءه كثيرة، كان لها تأثيرها الممتد إلى وقتنا هذا، عكست في مضمونها سماحة الإسلام وانفتاحه على الحضارات المختلفة، بما يحافظ على الثوابت الدينية التي أنزلها الله تعالى على رسولنا الكريم.
لكن بعيدا عن المواقف والآراء التي تيمز بها الشيخ الشعراوي، فقد كان لإمام الدعاة العديد من المواقف التي ربطته بقادة الدولة المصرية وكذلك الملك السعودي، والتي سطرها التاريخ أيضًا، لتعكس مكانة هذا العالم الرباني.
عندما حلم الشعاروي بعد الناصر
بعد فترة من موت جمال عبد الناصر قام الشيخ الشيخ الشعراوي بالاتصال بجريدة الأهرام يطلب من أحد مسؤوليها صحفيا ومصورا يرافقونه إلى زيارة ضرورية سيقوم بها بعد دقائق.
مرت الأيام وسجل الناس على إمام الدعاة موقفه حتى جاء العام 1995 ويتصل الشيخ الشعراوي أو مساعدوه بمندوبي الصحف ليلحقوا به على عجل إلى ضريح عبد الناصر في مسجده بمنشية البكري، وهناك قرأ الفاتحة وتوقف عند القبر يخاطب الزعيم ويعتذر منه ويدعو له.
وقال للصحفيين والمصورين الذين سجلوا وصوروا الزيارة: “لقد أتاني عبد الناصر في المنام ومعه صبي صغير وفتاة صغيرة والصبي ممسكًا بمسطرة هندسية كبيرة والبنت تمسك سماعة طبيب، ويقول لي: ألم يكن لدى حق أيها الشيخ؟ فقلت له بلي يا عبدالناصر أصبت أنت وأخطأت أنا”!
إمام الدعاة وكلمة تاريخية أمام مبارك
في عام 1996 نجا الرئيس السابق حسني مبارك من محاولة اغتيال على يد متطرفين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وعندما عاد مبارك إلى أرض الوطن، حرص على تهنئته عدد من رموز الفكر والدين.
وعندما حان دور الشيخ الشعرواي وجه كلمته إلى الرئيس مبارك قائلا: «:إني يا سيادة الرئيس أقف على عتبة دنياي لأستقبل أجل الله، فلا أريد أن أختم حياتي بنفاق، وسأقول كلمة موجزة للأمة كلها حكومة وحزبًا ومعارضة ورجالًا وشعبًا سلبي، أريد منهم أن يعلموا أن الملك كله بيد الله يؤتيه من يشاء فلا تآمر لأخذه، وكيد للوصول إليه، فلن يحكم أحد في ملك الله إلا بمراد الله، فإن كان عادلًا فقد نفع بعدله، ومن كان جائرًا ظالمًا قبحه الله في نفوس كل الناس فيكرهون كل ظالم، وانصح كل من يجول في ذهنه أن يكون حاكمًا بأن لا يطلب الحكم، ولكن يجب أن يطلب له، حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال من طلب إلى شيء أعين عليه، ومن طلب شيئًا وكل إليه».
وخاطب «الشعراوي» «مبارك» قائلًا: «ياسيادة الرئيس، لعل هذا يكون آخر لقاء لي بك، فإذا كنت قدرنا فليوفقك الله، وإذا كنا قدرك فليعنك الله على أن تتحمل».
وقف نقل مقام سيدنا إبراهيم
كشفت مقاطع فيديو، عن قرار الملك سعود – رحمه الله – بعدم نقل مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام خلال توسعة الحرم المكي الشريف في عام 1954، بعد رسالة تلقاها من الشيخ محمد متولي الشعراوي – رحمه الله.
وأرسل الشيخ الشعراوي برقية من خمس صفحات إلى الملك سعود، عرض فيها المسألة من الناحية الفقهية والتاريخية، واستدل في حجته بأن الذين احتجوا بفعل الرسول جانبهم الصواب، لأنه رسول ومشرع وله ما ليس لغيره وله أن يعمل الجديد غير المسبوق، واستدل أيضاً بموقف عمر بن الخطاب الذي لم يغير موقع المقام بعد تحركه بسبب طوفان حدث في عهده وأعاده إلى مكانه في عهد الرسول.
وقال الشيخ الشعراوي في برقية: “يا جلالة الملك سعود لا يصح نقل مقام إبراهيم من مكانه لأنه مكان ومكين أي أن مكان المقام محدد والحجر الذي كان يصعد عليه أبونا إبراهيم عليه السلام محدد أيضا، ولا يصح نقله إلى الخلف” ، وروى له قصة سيدنا عمر بن الخطاب عندما جاء سيل في الحرم وأزاح الحجر من مكانه وهو سيل (أم نهشل) فحرص سيدنا عمر على أن يعيده في نفس مكانه دون تغيير أو تبديل.
وكان هناك من الصحابة من سبق أن قاس المسافات التي بين الكعبة وبين موقع المقام، وهو المطلب إبن أبي وداعة السهمي وهي مذكورة في كتب السيرة، وحرص سيدنا عمر على إعادة الحجر إلى مكانه وإبقاء المقام كما كان.
ووصلت البرقية إلى الملك سعود – رحمه الله – ليجمع العلماء وطلب منهم دراسة برقية الشعراوي، فوافقوا على كل ما جاء في البرقية، فأصدر الملك قراراً بعدم نقل المقام، ووجه بدراسة مقترحات الشعراوي لتوسعة المطاف، حيث اقترح الشيخ أن يوضع الحجر في قبة صغيرة من الزجاج غير القابل للكسر، بدلاً من المقام القديم الذي كان عبارة عن بناء كبير يضيق على الطائفين.