نفحات ليلة القدر.. أخفاها الله ليجتهد الصائم في طلبها.. وخُصصت في العشر الأواخر من رمضان
ADVERTISEMENT
«ليلة القدر».. ليلة ينتظرها المسلمون كل عام، يُصنع بها المعجزات ويتسارع بها الأشخاص على طلب الدعاء من الله عز وجل، هي ليلة خير من ألف شهر، تأتي في العشر الأواخر من رمضان، يكون دعائها المأثور «اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى».
فيتسارع المسلمون في شهر رمضان لإتمام مهمتهم على أكمل وجه تجاه الله سبحانه وتعالى، بمجهود مضاعف عن باقي شهور السنة، فهذا الشهر أنزل الله عليه السكينة والهدى للإتقاء بالخير والبر والتعاون، فهي الأيام المبروكة المليئة بالعبادات والروحنيات الهامة التي يحتاجها جميع البشر لإكمال باقي الشهور.
شهر رمضان أنزل الله فيه القرآن ليكون هدى للمتقين ورحمة للعباد المسلمين وعتق من دخول النار، وخصص الله عز وجل آخر عشر أيام من هذا الشهر الفضيل ليجتهد المسلم فيه بالعبادات والصلاة والدعاء والصيام والذكر، تلك الأيام التي فيها ليلة القدر، فهي ليال مباركة ولها نفحات ربانية تغير مصير كثير من القرارات التي يتخذها القلب، فيدخل روحنيات هذه الأيام المباركة لقلب الإنسان يوصل له مكاسب الله عز وجل للإنسان فيريح قلبه ويرتاح عقله.
يستعد المسلمون من مختلف البلدان للعشر الأواخر من شهر رمضان المبارك لاستقبال هذه الأيام المباركة، والتي يكثر فيها العبادات وقيام الليل والدعاء وقراءة القرآن والتهجد تقربًا إلى الله سبحانه وتعالى، أملا في إدراك أفضل الليالي وهي ليلة القدر، التي تعني المغفرة وقبول الأعمال والعتق من النار، والعبادة فيها خير من عبادة ألف شهر، وفيها تنزل الملائكة إلى الأرض يسلمون على المؤمنين الصائمين، ويتسغفرون لهم، وللعشر الأواخر من رمضان فضلا عظيما على المسلمين، لذلك يحاولوا اغتنام الفرصة للأيام المباركة لمعرفة فضل العشر الأواخر من الشهر الفضيل والأعمال المستحبة فيها.
ولعل من أفضال العشر الأواخر أن بها ثواب كبير ويحرص فيها كل مسلم للحصول على نفحات الرحمن من الرحمة والمغفرة والعتق من النار، لوجود الليلة المباركة الوترية « ليلة القدر» فيها.
وعن عائشة رضى الله عنها، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"، وتعتبر تلك نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين عن العشر الأواخر من رمضان عن موعد ليلة القدر.
وعن تفسير حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان، إن النبي صلى الله عليه وسلم أوضح لنا موعد ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، حيث ذكر كلمة الوتر أي الأرقام الفردية في العشر الأواخر من رمضان، وتحل ليلة القدر وفقًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم أيام 21، 23، 25، 27، 29 من شهر رمضان الكريم.
ليلة القدر هي ليلة مباركة ميزها الله تعالى وأرفع من شأنها عن باقي أيام العام؛ حيث أُنزل فيها القرآن الكريم وذلك كما جاء فى قوله: "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ"، وفى نفس السياق قال عنها الحبيب صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، فهي ليلة مليئة بكل معاني الحب والسلام.
أخفى الله عز وجل هذه اليلة المباركة « ليلة القدر» في أيام شهر رمضان؛ تشجيعا للصائمين على مضاعفة العمل والعبادات وزيادة النفحات الروحانية من الشهر الفضيل، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجتهد في طلبها في العشر الأواخر من رمضان، وأرجح ما ذهب إليه العلماء أنها ليلة السابع والعشرين.
وتأتي الليالي الوترية في العشر الأواخر من رمضان في عام 2023 كالتالي: «ليلة 21 رمضان تبدأ من مغرب الثلاثاء 11 أبريل، حتى فجر الأربعاء 12 أبريل، ليلة 23 رمضان تبدأ من مغرب الخميس 13 أبريل، حتى فجر الجمعة 14 أبريل، ليلة 25 رمضان تبدأ من مغرب السبت 15 أبريل، حتى فجر الأحد 16 أبريل، ليلة 27 رمضان تبدأ من مغرب الإثنين 17 أبريل، حتى فجر الثلاثاء 18 أبريل.
ليلة 29 رمضان تبدأ من مغرب الأربعاء 19 أبريل حتى فجر الخميس 20 أبريل».
وحث النبي صلى الله عليه وسلم على اغتنام العشر الأواخر من رمضان، بالخير والطاعات والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة والدعاء، بالإضافة إلى تحري ليلة القدر في ليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان، فقال صلى الله عليه وسلم: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان».
ومن علامات ليلة القدر، أن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها. وقال الحسن قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة القدر: «إِنَّ مِنْ أَمَارَاتِهَا: أَنَّهَا لَيْلَةٌ سَمْحَةٌ بَلْجَةٌ، لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، تَطْلُعُ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ».
ويوجد لليلة القدر دعاء خاص بها إذ استشعرها الإنسان، فورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، بِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»، ومن أدعية الليلة المباركة في العشر الأواخر من رمضان: «رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ، رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ،رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ* رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ».
أما عن الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من رمضان، فقد أكدت دار الإفتاء أن يجد ويجتهد المسلم في العبادة بكثرة الصلاة وقراءة القرآن والذكر والاستغفار؛ حتى يعفو الله ويغفره ويرحمه خاصا بطلوع الليلة المباركة فيها شفاء ليس له بديل، وتساءل العديد عن عبادات للمرأة الحائض أو النفساء في ليلة القدر فكشفت أميرة سيد يونس، الواعظة بالأزهر الشريف بأن المرأة التي لها عذر يمنعها من الصلاة وقراءة القرآن والصوم فيمكن أن تكثر من الاستماع للقرآن وتردد معه آياته، كما يجوز لها التكبير والاستغفار والدعاء وكثرة الصلاة على النبي.