عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

ياسر حمدي يكتب: السيرة النبوية.. لرسول الإنسانية (١٢)

الكاتب الصحفي ياسر
الكاتب الصحفي ياسر حمدي

أعزائي القراء والمتابعين الكرام في كل مكان، كل عام وحضراتكم بخير بمناسبة شهر رمضان الكريم، أعاده الله عليكم وعلى مصرنا الغالية والأمتين العربية والإسلامية بالخير واليمن والبركات، عملًا بقوله تعالى «لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ»، وتماشيًا مع ما قامت به الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية من إطلاق حملة «أخلاقنا الجميلة»، لاستعادة القيم الأصيلة، والأخلاق النبيلة، فقد قررت أن أتشرف بكتابة سلسلة مقالات يومية خلال هذا الشهر الكريم عن السيرة العطرة لخير البرية تحت عنوان «السيرة النبوية.. لرسول الإنسانية».

هذه السلسلة الرشيدة خلاصة أبحاث دقيقة، وقراءات عميقة لأمهات الكتب الغنية لكبار العلماء والكتاب في السيرة المحمدية، لنتعرض خلالها لحياته الثرية، ونشأته البهية، وأخلاقه العظيمة، وصفاته الشريفة، ومواقفه النبيلة.. هذه المقالات أبتغي بها مرضات الله حتى نقتضي به، ونتأسى جميعًا بأخلاقه الجميلة، فقد قال إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، فعلينا أن نتحلى بصفاته الحميدة، ونسير على دربه، لتسود فيما بيننا مكارم الأخلاق لأهميتها للفرد والأسرة، والمجتمع، وننعم بالمحبة والسلام.

مقالي الثاني عشر في سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تحت عنوان «أحداث معركة أحد»، ذكرنا في المقال السابق بعنوان «غزوة أحد» أن العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغ النبي سرًا باستعداد قريش لحربه، فاستعد جيش المسلمين ووضع النبي الكريم الخطة التكتيكية لمواجهة قريش، واستعد الجميع من جيش المسلمين للمواجهة المرتقبة وتنفيذ خطة النبي صلى الله عليه وسلم للوصول إلى النصر المبين على جيش المشركين.

سلكت قريش مع حلفائها الطريق الغربية الرئيسية، وعند وصولهم إلى الأبواء اقترحت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان على الجيش أن يقوم بنبش قبر أم الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه رفض الطلب لما قد يكون له من عواقب وخيمة.. وتابع الجيش مسيره حتى اقترب من المدينة المنورة، فعبر من وادي العقيق الذي يقع شمال المدينة المنورة بجانب أحد، ثم انحرف إلى جهة اليمين حتى وصل مكانًا يدعى عينين في منطقة بطن السبخة عند قناة على شفير الوادي، وعسكر هناك.

وعندما علم المسلمون بتقدم قريش وحلفائها، أمر الرسول عليه الصلاة والسلام السكان بالبقاء في المدينة، بحيث إذا أقامت قريش في معسكرها كانت إقامتهم بلا فائدة، وإذا قرروا دخول المدينة يدافع عنها الرجال في مداخل الأزقة، والنساء على سطوح البيوت، ووافقه على هذا الرأي «زعيم المنافقين» عبد الله بن أبي سلول كي يستطيع الانسحاب من المعركة دون أن يعلم أحد بذلك.

عندما تقارب الجمعان وقف أبو سفيان ينادي أهل يثرب بعدم رغبة مكة في قتال يثرب واستناداً إلى سيرة الحلبي فإن عرض أبو سفيان قوبل بالاستنكار والشتائم وهنا قامت زوجته هند بنت عتبة مع نساء مكة يضربن الدفوف ويغنين: «نحن بنات طارق نمشي على النمارق إن تقبلوا نعانق وإن تدبروا نفارق فراقاً غير وامق»، وجعلت هند تقول: «ويهاً بني عبد الدار ويهاً حماة الأديار ضربًا بكل بتار»، فتقدم رجال من بني عبد الدار من قريش، وكانت فيهم سدانة الكعبة ولواء قريش، وعقد جيش مكة ثلاثة ألوية لواء مع طلحة بن أبي طلحة العبدري القرشي ولواء مع سفيان بن عويف الحارثي الكناني ولواء مع رجل من الأحابيش من كنانة.

وأعطى الرسول صلى الله عليه وسلم راية جيشه لمصعب بن عمير وهو أيضًا من بني عبد الدار من قريش، وجعل الزبير بن العوام قائدًا لأحد الأجنحة، والمنذر بن عمرو قائدًا للجناح الآخر، ورفض الرسول عليه الصلاة والسلام مشاركة أسامة بن زيد وزيد بن ثابت في المعركة لصغر سنهما، ودفع الرسول سيفه إلى أبي دجانة الأنصاري وكان مشهورًا بوضع عصابة حمراء أثناء القتال، وكان مشهورًا أيضًا بالشجاعة والتبختر بين الصفوف قبل بدء المعركة، وقال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم - واستناداً إلى السهيلي في كتابه «الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية»: «إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن».

بدأت المعركة عندما هتف الرسول صلى الله عليه وسلم برجاله «أمت، أمت» واستطاع المسلمون قتل أصحاب اللواء من بني عبد الدار من قريش، فاستطاع علي بن أبي طالب قتل طلحة الذي كان حامل لواء قريش، فأخذ اللواء بعده شخص يسمى أبو سعد، ولكن سعد بن أبي وقاص تمكن من قتله، وآخر من حمل اللواء صوأب وهو عبد حبشي لبني عبد الدار، فلما قتل رفعته عمرة بنت علقمة الحارثية الكنانية زوجة غراب بن سفيان بن عويف الكناني فلاثوا به وبقي اللواء مرفوعاً وفي هذا يقول حسان بن ثابت: «فخرتم باللواء وشر فخر .. لواء حين رد إلى صؤاب - جعلتم فخركم فيه بعبد .. وألأم من يطا عفر التراب - ظننتم، والسفيه له ظنون .. وما إن ذاك من أمر الصواب - بأن جلادنا يوم التقينا .. بمكة بيعكم حمر العياب».

وقال أيضًا: «إذا عضلٌ سيقت إلينا كأنها .. جدايةُ شركٍ مُعْلَمات الحواجب - أقمنا لهم طعنا مبيرا منكِّلا .. وحزْناهُم الضرب من كل جانب - فلولا لواءُ الحارثيةِ أصبحوا .. يُباعونَ في الأسواق بَيْعَ الجلائب».. وفي هذه الأثناء انتشر المسلمون على شكل كتائب متفرقة، واستطاعت نبال المسلمين من إصابة الكثير من خيل أهل مكة، وتدريجيًا بدأ جيش مكة بإلقاء دروعهم وتروسهم تخففا للهرب وآخر.

وفي هذه الأثناء صاح الرماة الذين تم وضعهم على الجبل «الغنيمة، الغنيمة» ونزل 40 منهم إلى الغنيمة بينما بقيت ميمنة خالد بن الوليد وميسرة عكرمة بن أبي جهل ثابتة دون حراك وفي هجمة مرتدة سريعة أطبقت الأجنحة على وسط المسلمين وتمكنت مجموعة من جيش مكة من الوصول إلى موقع الرسول صلى الله عليه.

تابع موقع تحيا مصر علي