نشأت حمدي يكتب: اللقاء الأخير.. رسالة لن يقرأها صاحبها
ADVERTISEMENT
في عام 2003 طلبني مكتب التجنيد بمركز كفر صقر لتأدية شرف الخدمة العسكرية وكان أهم الأوراق المطلوبة مني لتقديمها الي جانب شهادة المؤهل طبعا البطاقة الشخصية.
في تلك الفترة كانت بطاقة الرقم القومي إصدار ورقي ، وورق البطاقة سهل جدا إلا أنه يتمزق وأحيانا كثيرة يتم طمس البيانات الشخصية المدونة عليها ، وعندما توجهت لمكتب التجنيد رفض المكتب استلام الأوراق لعدم وضوح معالم الصورة والكتابة الموجودة علي البطاقة.
وجدت نفسي في مأزق حقيقي وكنت بين خيارين إما أتخلف عن موعد التحاقي بالتجنيد، "افقد دفعة " أو أسابق الزمن في استخراج بطاقة جديدة خاصة أن مدة الموعد المحدد مسبقا كانت لا تكفي لاستخراج بطاقة جديدة.
وقتها كنت في ورطة حقيقية فعندما ذهبت للسجل المدني طلب موظف السجل مجموعة من الأوراق التي ستستغرق مدة لا تقل عن ١٠ أيام للانتهاء منها مثل القيد العائلي وشهادة ميلاد وغيرها من الأوراق حيث كان الشعار السائد بين الموظفين " فوت علينا بكرة " وعندما تنتظر بكرة كان يجب عليك ان تنتظر لعدة أيام.
أقترح علي بعض الاصدقاء الاستعانة بشاب من قريتنا له علاقة قوية برئيس مكتب السجل المدني بكفر صقر ومعروف عنه تقديم يد العون للجميع وأنه لن يتأخر عن مساعدتي وسينجز مهمتي في استخراج البطاقة في أسرع وقت ومن حسن حظي ان ذلك الشاب الذي يصغرني في السن والذي لم يلغ عمره وقتها 17 عاما أعرفه جيدًا وتربطني به علاقة قوية به بكل أشقاءه وكان بمثابة أخي الأصغر فعندما عرضت عليه مشكلتي رد بابتسامة الواثق باذن الله غدا تنتهي من تسليم الأوراق وتقدم أوراقك في الوقت المحدد وهو الأمر الذي تم بنجاح ولم أتخلف عن موعد شرف الخدمة العسكرية وتم ترشيحي كضابط احتياط ولكن حصلت دفعتي كلها وقتها علي تأجيل.
وكأن القدر رتب لي لقاء به فكنت منذ اسبوع علي الأكثر في حفل زفاف وجمعني لقاء بهذا الشاب الخدوم ، وبينما كنا نتعاتب عن تقصير كلا منا في حق الآخر.. قلت له مهما تقصر فأنا الذي قصرت معاك فأنني لن أنسي فضلك عليا دائما ولا أنسي اطلاقا ما قدمته من أجلي في وقت لم يكن لي أي معارف في الدولة ولكنه رد بطريقته الشيك في التعامل " يا باشا انت بتحب تجاملني وخلاص "وقلت له انني قريبا سأنشر صورتي معك اليوم اي التي التقطت في حفل الزفاف وأحكي عن ذلك الموقف الذي ساعدتني فيه حتي يعلم الجميع انك بطبعك رجل خدوم وهذة شهادة حق يجب أن تسجل لك.
منذ ساعات قليلة تلقيت اتصال بأن هاني سيد احمد ذلك الشاب الذي كان يمد يده بالخير للجميع قد توفاه الله ،ولم يمهله القدر لقراءة تلك السطور التي أصر وقتها علي عدم نشرها، بدعوي انني أصبح لي معارف كُثر ولا يصح ان اقول انه خدمني وهو يصغرني في السن.
لم أكن انا الوحيد الذي مد له ذلك الشاب الخدوم الذي لقي ربه منذ ساعات يد العون ، ولكن كان دائما يساعد كل من يلجأ اليه فكان رحمة الله ميسور الحال لا يتواني لحظة في مساعدة الفقراء أو أي محتاج.
تلقيت فاجعة رحيلك التي نزلت علي مسامعي أخي الصغير الغالي علي قلبي كالصاعقة، ولكن سأظل ما حييت أدعو لك بالرحمة والمغفرة ، ونسأل الله ان يلهم ذويك الصبر والسلوان وان يرحمك برحمته الواسعة ويسكنك فسيح جناته.