مجدى البرى يكتب: التعليم والدروس الخصوصية.. فى الاتجاه المعاكس
ADVERTISEMENT
مثلت تصريحات السيد وزير التربية والتعليم رضا حجازى، بالجلسة العامة للبرلمان خلال الأيام الأخيرة بشأن مسألة تقنين أوضاع الدروس الخصوصية، سواء على مستوى طرح مجموعات التقوية لشركات خاصة أو إعطاء رخص لمراكز الدروس الخصوصية "السناتر" من أجل ممارسة نشاط الدروس الخصوصية بشكل رسمى، سيرا فى الاتجاه المعاكس.
الحكومة ظلت طوال الوقت تطارد سناتر الدروس الخصوصية وتتعهد بالقضاء عليها ثم فجأة يأتى المسؤول الأول عن التعليم فى مصر ليتحدث عن تقنين الدروس بينما كنا منذ سنوات قليلة ننتظر من الحكومة مشروع قانون لتجريمها.
قد يبرر البعض هذا الطرح فى ضوء الحديث المستمر من الحكومة على إعطاء مساحة أكبر للقطاع الخاص لمشاركة الحكومة فى كل أعمالها وتحركاتها، ولكن قد يكون هذا الأمر مقبولا فى عديد من الملفات ولكن عندما نتحدث عن التعليم فالأمر مختلف، فبحكم الدستور فإن التعليم مسئولية مباشرة للدولة بحسب المادة 19 من الدستور والتى نصت على أن التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية. والتعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي، تزيد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها.
هذا ما ينص عليه الدستور، وقد نختلف أو نتفق حول درجة تطبيق الدولة للنص الدستورى على الوجه الأكمل، ولكن ما يجب التوقف أمامه بشكل مباشر وجاد هو السعى من جانب الدولة للتنصل من مسئوليتها تجاه التعليم وفتح المجال أمام توطين ظاهرة الدروس الخصوصية، والتى سبق وأن حاربتها الدولة على مدار السنوات الماضية، ووصل الأمر بأن توافق مجلس الوزراء على إقرار مشروع قانون يعتبر إعطاء المعلم لدروس خصوصية جريمة جنائية، إلا أن هذا المشروع لم يكتب له التنفيذ على أرض الواقع.
مجدى البرى يكتب: التعليم والدروس الخصوصية.. فى الاتجاه المعاكس
الواقع القانونى للدروس الخصوصية فى مصر يتمثل فى أن هذه الظاهرة رغم تداعياتها السلبية الكبيرة إلا أنها غير مجرمة بحكم القانون، ولا توجد أى عقوبات جنائية على أى معلم يقوم بممارسة هذه الظاهرة السلبية صاحبة التداعيات الخطيرة على العملية التعليمة، وأنها بحكم قانون الخدمة المدنية جريمة تأديبية من منطلق تعارض المصالح من جانب المُعلم الذى يمارس هذه الظاهرة وهو ما كان يحدث على مدار السنوات الماضية، حيث كانت تقوم الحملات بمداهمة سناتر الدروس الخصوصية ويتم غلقها والقبض على المدرس، ثم يتم الإفراج عنه دون اتخاذ أى إجراءات ضده من جانب جهات التحقيق ويحال الأمر إلى الإدارة التعليمية والمنوط بها تطبيق عقوبات تأديبية تبدأ من خصم شهرين من راتب المدرس وتتضاعف العقوبة بعد ذلك عند ضبط المدرس مرة أخرى، بأن يتم استبعاده من التدريس أو نقله خارج محافظته مع عمل ملف ضريبي للمدرس لحصر أمواله وذلك بالتنسيق بين الشؤون القانونية لوزارة التربية والتعليم ومصلحة الضرائب، لعمل قضية تهرب ضريبي للمدرس داخل السنتر التعليمي للدروس الخصوصية.
وأمام حديث وزير التربية والتعليم بشأن مسألة التقنين يكون الأمر بحاجة لمراجعة ودقة ودراسة وحوار شامل بين جميع الأطراف حتى يتم التوافق على سياسة عامة واضحة بشأن دور الدولة فى التعليم ومشاركة القطاع الخاص ونوعية المشاركة التى ترتقى بالعملية التعليمية ودور المدرسة، فهناك العديد من المدارس الخاص التى تقوم بدور هام فى العملية التعليمية. نحتاج أن نكون أمام بيئة تشريعية واضحة منظمة لهذا الأمر الذى يقضى على الدروس الخصوصية فى ضوء دور الدولة لمهمتها التعليمة بشكل واضح وتعظيم دور المدرسة.