التهديدات النووية.. أداة روسيا لردع أوروبا والأمان النووي «حلم بعيد»
ADVERTISEMENT
عادت فكرة التهديدات النووية والتحريض على استخدام أسلحة ردع نووي لحماية روسيا من أي تهديدات غربية تطل على ساحة الأحداث الدولية من جديد، آخرها تصريحات رمضان قديروف الرئيس الشيشاني عن ضرورة استخدام الجيش الروسي أسلحة نووية محدودة لردع أوروبا التي تساند أوكرانيا بالأسلحة والعتاد والأموال في حربها ضد موسكو.
وتعاظم الحديث عن منطقة أمن نووي في الأسابيع الأخيرة مع استهداف محطة زابوريجيا النووية جنوبي أوكرانيا بقذائف مدفعية وتبادل الاتهامات بين موسكو وكييف بالمسئولية عن تعريض أمن المنطقة الأوروبية لخطر الإشعاعات النووية القاتلة وسط مخاوف من تكرار تسرب إشعاعي على غرار كارثة "تشير نوبل".
قدرات الأسلحة النووية التكتيكية
تعد الأسلحة النووية التكتيكية التي طالب رمضان قديروف روسيا باستخدامها عبارة عن رؤوس حربية نووية صغيرة ذات أنظمة خاصة ومصممة للاستخدام والإطلاق من ساحة المعركة أو لتوجيه ضربة محدودة للعدو، يبلغ مدى الأسلحة النووية التكتيكية الروسية أقل من 500 كيلومتر برًا وتصل إلى 600 كيلو متر جوًا وبحرًا.
وتصل القدرة التدميرية لأصغر الأسلحة تصل إلى كيلو طن واحد، فيما تبلغ القدرة التدميرية لأكبر الأسلحة إلى 100 كيلو طن، ولا تتسبب في تداعيات إشعاعية واسعة النطاق وإنما تأثيرها في مناطق محدودة، ووفقًا للاستخبارات الأمريكية فإن روسيا تمتلك ترسانة نووية بينها 2000 سلاح نووي تكتيكي ويمكن تحميلها على أنواع مختلفة من الصواريخ المجنحة وقذائف المدفعية ومتاح إطلاقها من الطوربيدات والسفن.
اقتراح غير مجدي
قال الباحث في الشأن الدولي أحمد سلطان إن الحديث عن منطقة أمن نووي في أوكرانيا يتزامن من آن لآخر مع تلويح موسكو باستخدام أسلحة نووية حال تعرض الأمن القومي الروسي للخطر، وروسيا ترى أنها تلوح بهذا السلاح من مبدأ الحق في الدفاع عن النفس مع استمرار الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في تزويد جيش أوكرانيا بالأسلحة والذخائر والدعم المالي اللازمين لاستمرار الحرب.
وأضاف أحمد سلطان في تصريحات خاصة لموقع "تحيا مصر" أن مسألة إنشاء منطقة أمن نووي في تقديري غير مجدية حال تفاقمت الأوضاع في الصراع الدائر حاليًا بين روسيا وأوكرانيا المدعومة من الدول الغربية؛ فضريبة استخدام أسلحة نووية في أي نزاع لن تدفع فاتورته قارة أوروبا وحدها وإنما دول العالم.
وتابع الباحث في الشأن الدولي قائلًا إنه في الإستراتيحية العسكرية يعد التهديد باستخدام السلاح النووي بمثابة جهاز "يوم القيامة" وإذا قامت دولة نووية كبرى روسيا أو غيرها باستخدام أسلحة نووية ضد أي دولة أو تكتل في أي أرض لن تكون هناك منطقة أمن نووي على الإطلاق وسيعاني العالم.
أداة ردع
يرى رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع والأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية ببروكسل سيد غنيم أن الاتحاد الروسي يعدّ الأسلحةَ النووية، على وجه الحصر، "وسيلةً للردع"، ويعدّ استخدامها تدبيرًا متطرفًا وقسريًا، كما أنه يبذل، بحسب مرسوم الرئيس، كل الجهود اللازمة للحد من التهديد النووي، ومنع تفاقم العلاقات بين الدول التي يمكن أن تثير صراعات عسكرية، بما في ذلك الصراعات النووية.
وكتب سيد غنيم عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": يمارس الاتحاد الروسي الردع النووي ضد دول منفردة، أو ضد تحالفات عسكرية تعدّ الاتحاد الروسي عدواً محتملاً، ويهدف الردع إلى ضمان أن يكون الخصم المحتمل على دراية تامة بـ"حتمية الانتقام" في حالة العدوان على الاتحاد الروسي أو حلفائه، ويتم ضمان الردع من خلال وجود قوات جاهزة للقتال، ووسائل قادرة على استخدام الأسلحة النووية من أجل إحداث ضرر "غير مقبول" لعدو محتمل في أي حالة.
أما بالنسبة إلى توقيت استخدام الردع، فيتم تنفيذه "بصورة مستمرة" في أيام السلم، وفي أثناء التهديد المباشر بالعدوان، وفي زمن الحرب، وصولًا إلى بداية استخدام الأسلحة النووية.
الاختيار الأخير
في سياق متصل، توقع الباحث في العلاقات الدولية أحمد العناني في تصريحات خاصة لـ"تحيا مصر" أن اللجوء إلى استخدام السلاح النووي باعتباره سلاحًا إستراتيجيًا وخطيرًا لن يكون إلا خيارًا أخيرًا لدى القيادة الروسية التي تدرك جيدًا مغبة استخدام السلاح النووي سواءً في "القارة العجوز" أو خارجها.
وقال أحمد العناني إن استخدام الأسلحة النووية تكلفته مدمرة سواءً لروسيا أو غيرها من الدول، ولا أظن أن فكرة إقامة منطقة "أمن نووي" ستكون قابلة للتحقق لأنها بعيدة المنال حيث تقتضي بالضرورة إقامتها تخلي كل الدول مالكة الأسلحة النووية عن تلك الترسانات المدمرة وهو ما سترفضه روسيا قطعًا.