عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

الاحتجاجات مستمرة.. دماء «مهسا أميني» صداع في رأس النظام الإيراني

الاحتجاجات الإيرانية
الاحتجاجات الإيرانية على مقتل مهسا أميني

تواجه إيران عاصفة غضب داخلية ملتهبة تتفاقم كل ساعة بسبب مقتل فتاة كردية تدعى مهسا أميني، ٢٢ عامًا، من منطقة كردستان بعدما اعتقلتها شرطة الأخلاق، ولا تزال التظاهرات مستمرة حتى فجر اليوم الأحد 2 أكتوبر 2022، كما شهدت البلاد تظاهرات ليلية في مسقط رأس القتيلة واحتجاجات في العاصمة طهران ومدن إيرانية، ومسيرات لدعم المحتجين الإيرانيين بمدن غربية عديدة؛ أبرزها في لوس أنجلوس الأمريكية.

تحيا مصر

وقد أسفر قمع الاحتجاجات الغاضبة في إيران عن مقتل 83 شخصًا على الأقل، إثر الإعلان في 16 سبتمبر الماضي عن وفاة "أميني"، وسط تصريحات للرئيس إبراهيم رئيسي بأنه "لن يسمح بالفوضى في البلاد"، على حد قوله.

شرارة الغضب

اندلعت الأحداث بعد مقتل الفتاة الكردية التي جرى توقيفها يوم الثلاثاء 13 سبتمبر 2022 خلال زيارة لأقاربها فى العاصمة طهران واقتيادها مع أخريات إلى قسم الشرطة بواسطة "شرطة الأخلاق" المسئولة عن التأكد من ارتداء النساء الحجاب المناسب، وعقب اعتقالها بمدة نُقلت للمستشفى لدخولها فى غيبوبة إثر تعرضها للضرب المبرح؛ ما أسفر عن وفاتها، وهو الأمر الذي استغلته قوى دولية، بينها الولايات المتحدة، بشكل مثالي في وضع طهران تحت الضغط بسبب الأوضاع الحقوقية في توقيت حساس يشهد الاتفاق النووي الإيراني حالةً من الجمود في المحادثات.

وتُعرف شرطة الأخلاق الإيرانية بأنها إحدى أدوات "نظام الملالى" لقمع النساء في إيران وإجبارهنّ على ارتداء الحجاب ومنعهن من ارتداء معاطف فوق الركبة أو سراويل ضيقة وسراويل جينز والملابس ذات الألوان الفاقعة والضيقة التي تصف جسد النساء، فضلًا عن فرض الحجاب الإجباري، ومَن تُخالف تتعرض لممارسات الضرب والاعتقال والاحتجاز. 

غضب وتبريرات

فى 17 سبتمبر الجارى، خرجت تظاهرات غاضبة فى إيران تنديدًا بالحادث وخلعت إيرانيات غطاء الرأس احتجاجًا بعد دفن "أمينى"، كما صرخت النساء: "الموت للديكتاتور"، و"الموت للجمهورية الإسلامية"، و"الموت لولاية الفقيه"، في إشارة إلى المرشد "علي خامنئي".

ولم تتوقف محاولات تبرير الحادث من جانب الجهات الإيرانية عند ما قاله وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي إن الفتاة الكردية كانت تعاني من مشاكل صحية سابقة، وأجريت لها عملية جراحية في الدماغ حين كانت في الخامسة من العمر، إذ أجمعت سلطات الدولة الإيرانية على أن الوفاة طبيعية، بينما نفى والد القتيلة المعلومات جملةً وتفصيلًا، مؤكدًا أن ابنته كانت "بصحة ممتازة"، وحمّل الدولة مسئولية إزهاق روحها.

اتصالات بعائلة القتيلة

حالة الغليان التي شهدتها مناطق من إيران - عقب مقتل مهسا أميني – تجري على أشدها في شوارع محافظة كردستان ومناطق شمال غرب وجنوب الدولة الفارسية، وأسفرت المواجهات الدامية والاحتجاجات والاشتباكات عن وفيات وإصابات بالغة في صفوف المحتجين، فضلًا عن قص بعض النساء شعرهن احتجاجًا على ممارسات شرطة إيران، ما دعا الرئيس إبراهيم رئيسي لإجراء اتصال مع عائلة القتيلة مهسا أميني، والهدف تلطيف الأجواء وتفويت الفرصة ضد أي استغلال خارجي للحدث قد يضر بالقرارات الإيرانية، لا سيما في الملف النووي، ويجعل الإدارة الإيرانية تتصرف تحت ضغوط دولية زائدة. 

رسالة إلى أمريكا 

من جانبهم، ردّ المسئولون الإيرانيون على الانتقادات الأمريكية لأوضاع حقوق المرأة في إيران، فقد لفت وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان إلى أن حقوق الإنسان لها قيمة متأصلة بالنسبة لإيران - على عكس من يتخذونها أداة ضد من وصفهم بالخصوم، وقال عبد اللهيان: "على أمريكا أن تنهي الإرهاب الاقتصادي بدلًا من ذرف دموع التماسيح".

أيضًا علق المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني، على تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي بشأن مهسا أميني، قائلًا: نرفض رفضًا قاطعًا أي تصريحات للمسئولين الأمريكيين تهدف للتدخل بالشئون الداخلية الإيرانية، وإذا كانت الحكومة الأمريكية قلقة على الشعب الايراني، فعليها أن توقف حصارها أحادي الجانب الجائر وغير القانوني على الإيرانيين منذ عقود، وكذلك سياساتها الظالمة ضد هذا الشعب.

وفي هذا السياق، يقول الباحث بمركز فاروس للدراسات الإستراتيجية يوسف بدر في تصريحات خاصة لموقع "تحيا مصر": لا شك أنها رسالة جديدة يبعث بها الرئيس الإيراني في مواجهة التصريحات الدولية التي أشارت بأصابع الاتهام إلى ممارسات الشرطة والقبضة الأمنية الإيرانية تجاه النساء، ومحاولة من إبراهيم رئيسي لوضع حدود تمنع استغلال الحادث بصورة تنال من طهران دوليًّا التي تعاني مأزقًا خانقًا إثر تعثر المفاوضات بينها وين الغرب بخصوص إحياء الاتفاق النووى.

وأضاف يوسف بدر قائلًا: إن واشنطن تدرك جيدًا ضرورة الضغط على إيران عبر المعارضة الخارجية من الخارج التي تتصل بلوبيات ضغط في الداخل الإيراني تعمل على المساعدة في استغلال الأحداث وتحريك الشارع ضد إدارة إبراهيم رئيسي.

تحقيق محايد

حاولت السلطات امتصاص غضب الإيرانيين، وأعلن رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف تشكيل لجنة تقصي حقائق، فيما وصفت الشرطة الإيرانية الوفاة بأنها "حادث مؤسف" لا ترغب أن يتكرر، لكنها تنفي أن تكون "أميني" قد تعرضت لسوء معاملة.

وفي مشهد نادر، وجّه النائب البرلماني الإيراني جلال رشيدي كوشى، يوم الثلاثاء 20 سبتمبر الماضي، انتقادًا لشرطة الإرشاد، كما نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن النائب قوله إن أعمال شرطة الإرشاد لا ينتج عنها إلا "الإضرار بالبلاد".

في حين حذرت صحيفة "إيران" الحكومية من تحول القضية إلى توتر داخلي بعد ما خرجت مظاهرات في طهران بعدد من الجامعات وفي مدينة مشهد، بحسب وكالتى أنباء فارس وتسنيم.

كما أعربت الأمم المتحدة عن "قلقها" حيال "رد قوات الأمن العنيف" على المحتجين على وفاة "أميني"، كما دعت نائبة مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان، ندى الناشف إلى إجراء تحقيق محايد في وفاة الفتاة أثناء احتجازها لدى ما يعرف بـ"شرطة الإرشاد" في إيران.

الولايات المتحدة الأمريكية التي تعيش توترًا زائدًا الأيام الأخيرة في علاقاتها مع الإدارة الإيرانية، وعلى رأسها إبراهيم رئيسي بسبب تعقد محاولات إحياء الاتفاق النووي، لم تفوّت حادث مقتل "مهسا أميني" دون استغلال، وطالبت على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض، الإثنين 19 سبتمبر الماضي، إيران بوقف استخدام العنف ضد النساء اللاتي يمارسن حقوقهن الأساسية.

تابع موقع تحيا مصر علي