«مركز مستقبل وطن للدراسات الاستراتيجية» يعد دراسة حول جهود مصر في مكافحة التغيرات المناخية
ADVERTISEMENT
أعد «مركز مستقبل وطن للدراسات الاستراتيجية» ، دراسة حول جهود مصر في مكافحة التغيرات المناخية، حيث أوضحت الدراسة أن قضية التغيرات المناخية واحدة من أهم القضايا التي تشغل العالم أجمع؛ لخطورة تأثيرها والذي يشمل جميع الدول، وعلى الرغم من الجهود الدولية المبذولة لمواجهة تغير المناخ وتوالي المؤتمرات الدولية بهذا الشأن، وصولا إلى مؤتمر 26 cop، والذي العقد في العاصمة الأسكتلندية جلاسكو عام 2021، بحضور 197 دولة، إلا أن الملفات العالقة ظلت كما هي دون حل، ولم يتم التوصل لاتفاق جذري بشأنها، مما جعل الجميع في انتظار لما سيسفر عنه المؤتمر القادم27 cop ، والمقرر انعقاده شهر نوفمبر 2022، في مدينة شرم الشيخ، بعدما تم إعلان اختيار مصر لاستضافة الدورة القادمة من المؤتمر.
«مركز مستقبل وطن للدراسات الاستراتيجية» يعد دراسة حول جهود مصر في مكافحة التغيرات المناخية
ويتناول هذا التقرير عرضا لقضية التغيرات المناخية؛ من حيث الواقع الحالي، وما يشهده الملف من تطورات، والجهود المصرية المبذولة في مجال مكافحة التغيرات المناخية، وأهمية اختيار مصر لاستضافة مؤتمر 27 cop، والفرص والتحديات أمام نجاح المؤتمر.
أولا: قضية التغيرات المناخية .. الواقع والتطورات:
تعرف ظاهرة تغير المناخ بإنها "التقلبات المناخية التي لوحظت خلال فترات زمنية مماثلة، والتي ترجع بشكل مباشر أو غير مباشر إلى النشاط البشري الذي يغير في تكوين الغلاف الجوي للكرة الأرضية"، وفقا لتعريف الأمم المتحدة. وهذه التقلبات والتحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس قد تكون تحولات طبيعية، على سبيل المثال، من خلال التغيرات في الدورة الشمسية. ولكن منذ القرن التاسع عشر، كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيس والمباشر لظاهرة تغير المناخ، ويرجع ذلك - أساسا إلى حرق الوقود الأحفوري مثل القدم والنفط والغاز كمصادر أساسية للطاقة
فقد نتج عن حرق هذا النوع من الوقود انبعاثات غازية تعمل مثل غطاء أو طبقة حول الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس، ورفع درجات الحرارة، وهو ما يعرف بظاهرة " الاحتباس الحراري"، وبعد غارا (ثاني أكسيد الكربون والميثان)، هما المكون الأساسي والنسبة الكبري لهذه الانبعاثات. إذ تأتي - غاليا- من خلال الأنشطة والاستخدامات اليومية لمصادر الطاقة (الفحم والنفط والغاز) في النقل والصناعة والمباني والزراعة وأنشطة أخرى كثيرة هي المصدر الرئيس لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، كذلك تعد مدافن القمامة مصدرا رئيسا لانبعاثات غاز الميثان، والذي ينتج عن التحلل البكتيري للمركبات العضوية.
ففي كل عشر ثوان يتم ضخ أكثر من عشرة آلاف طـن مـتـري مـن غـازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، ومنذ العام 1970، وحتى الوقت الحالي بلغت الخسائر الناتجة عن التغيرات المناخية ما يقارب 3.6 تريليون دولار، في حين أن المبالغ المقدرة عالميا للتعامل مع تداعياتها ستصل لنحو ما بين 150 إلى 300 مليار دولار حتى العام 2030.
ثانيا: الجهود المصرية المبذولة لمكافحة التغيرات المناخية:
جاء الحد من مشكلة التلوث الهوائي في قائمة أبرز أولويات رؤية مصر التي جعلت البعد البيئي محورا أساسيا في كافة القطاعات التنموية والاقتصادية، من خلال مجموعة من البرامج البيئية، وكان أبرزها تطوير السياسات اللازمة للحد من تلوث الهواء ومكافحة التغيرات المناخية وحماية البيئة، من خلال الحد من أحمال تلوث الهواء، ومنها غاز أول أكسيد الكربون المنبعث من عوادم السيارات، التي تعد مسؤولة عن 23% من العوامل المؤثرة على نوعية الهواء بالقاهرة الكبرى، كما يتضح من الشكل التالي:
دمج الاقتصاد الأخضر في الخطط والاستراتيجيات الوطنية:
دمجت الدولة المصرية أهداف الاقتصاد الأخضر في الاستراتيجيات والسياسات والخطط والبرامج الوطنية، فقد تضمنت استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، البعد البيئي كأحد أبعادها الثلاثة؛ حتى تتواكب استراتيجية البيئة مع أهداف التنمية المستدامة الأممية، خاصة مع الأهداف الخاصة بالعمل المناخي والحياة تحت الماء والحياة البرية، والهدف الخاص بالطاقة النظيفة وبأسعار معقولة والهدف الخاص بالمياه النظيفة والنظافة الصحية .. وغيرها من الأهداف.
وظهرت العديد من الكوارث الطبيعية التي عصفت بمناطق عدة حول العالم خلال الفترة القصيرة الماضية: نتيجة لتغير المناخ، نتج عنها تأثر عدد كبير من دول العالم، وخاصة العالم المتقدم، على سبيل المثال، الولايات المتحدة الأمريكية، عانت من حدوث ما يقرب من 18 كارثة مناخية، بما كلفها ما يزيد عن 100 مليار دولار في عام 2021 فقط، فضلا عن الخسائر البشرية، وتضمنت مجموعة الكوارث التي وقعت نتيجة تغير المناخ، وقوع موجة جفاف شديد، وحدوث فيضانات، وعواصف شديدة، وحرائق الغابات في الغرب الأمريكي، وموجة الطقس شديد البرودة في تكساس وأجزاء من الجنوب، فضلا عن إعصار "إيدا" الذي ضرب منطقة جنوب شرق لويزيانا، وأجزاء من مناطق الشمال الشرقي، وهو أكثر الكوارث كلفة؛ حيث أدى إلى خسائر بنحو 4.5 مليارات دولار.
وتضرر عدد كبير من دول العالم أيضا بنوبات الطقس المتطرف والظواهر المناخية الحادة مثل الفيضانات التي ضربت بألمانيا وبلجيكا وسويسرا، نتيجة ارتفاع منسوب مياه الأنهار، وكذلك فيضانات ضربت الصين وأستراليا، وبلغت تكلفتها ما يقرب من 8 مليارات دولار، بالإضافة إلى ما عانته القارة الأوروبية، وخاصة جنوب أوروبا والبحر المتوسط، ومنها إيطاليا واليونان وتركيا من نوبات ارتفاع كبير في درجات الحرارة فاقت 47 درجة مئوية، مما أدى إلى اندلاع حرائق للغابات سبيت خسائر اقتصادية وبشرية كبيرة جدا.
وأصبح العالم أجمع معرضا لخطورة شديدة إذا استمر النهج البشري على ما هو عليه، مما دعا دول العالم إلى الجلوس على طاولة واحدة في محاولة لإنقاذ الوضع عبر اتخاذ مجموعة من الإجراءات تحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وخلال مؤتمر باريس 2015، توصلت دول العالم إلى اتفاقية تاريخية لمكافحة تغير المناخ. وتسريع وتكثيف الإجراءات والاستثمارات اللازمة لتحقيق مستقبل مستدام منخفض الكربون، أطلق عليها (اتفاقية باريس للمناخ)، وقع عليها حيتها 175 دولة، وانضم إليها العديد من الدول ليصبح هناك 184 دولة منضمة إلى الاتفاقية، في محاولة للحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ومواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أبعد من ذلك إلى 1.5 درجة مئوية.