سلمان الفارسي .. قصته ولماذا لقب بالباحث عن الحقيقة ؟
ADVERTISEMENT
يعد الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه، واحداً من أكثر الأسماء رواجا عبر محركات البحث المختلفة، حيث يكثر التساؤل عن بعض جوانب حياته وحكمه وكيف ساهم في ترسيخ ودعم نشأة الدولة الإسلامية رفقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن خلال التقرير التالي نرصد بعض الجوانب من حياة الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه، وأبرز ما ورد في شأن واقعة حفر الخندق.
الصحابي الجليل سلمان الفارسي في سطور
يعرف كثير من المسلمين من سيرة سلمان الفارسي رضي الله عنه، أنه صاحب المشورة الكريمة في حفر الخندق، في الغزوة المعروفة بغزوة الخندق، حيث أشار سلمان الفارسي رضي الله عنه على النبي محمد صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق، حيث سمع رضي الله عنه بقدوم جيش كبير من المشركين إلى المدينة، فكان مما أشار به على النبي صلى الله عليه وسلم أن يحفر خندقاً حول المدينة، إلا أن هناك جوانب عديدة قد لا يعرفها البعض عن سلمان الفارسي رضي الله عنه.
وسلمان هو أحد رواة الأحاديث، وأول الفرس إسلاماً، ومولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد بقرية جي التابعة لأصبهان عام 568م، وكان رضي الله عنه رجلاً قوياً، طويل الساقين، كثير الشعر، حيث وصفه الذهبي بقوله: «كان لبيبًا حازمًا، من عقلاء الرجال وعُبّادهم ونبلائهم».
إسلامه
تنقل سلمان في خدمة العديد من الأساقفة وكان آخرهم عالماً من علماء عمورية الروم ببلاد الشام، والذي أوصاه عند موته بالذهاب إلى الحرم، حيث سيبعث فيها نبي، ذاكراً له علامات من بينها أن بين كتفيه خاتم النبوة، ويأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، وأنه سيبعث بدين إبراهيم عليه السلام من أرض العرب.
وسمع سلمان ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة، ثم قدومه إلى المدينة، فجاء إلى النبي وهو وقتئذ في قباء ومعه شئ من التمر، مخبراً إياه بأنه قد أتى به كي يأكله الصحابة لأنهم فقراء، فلما أخذها النبي ولم يأكل منها تحقق من العلامة الأولى، ثم جاءه مرة أخرى وأخبره بأنها هدية فأكل النبي صلى الله عليه وسلم فتحققت لديه العلامة الثانية، ثم تبع سلمان بعد ذلك النبي في جنازة ليبحث عن العلامة الثالثة التي تتمثل في خاتم النبوة، فلما علم النبي مراده فكشف له عنه.
تحرره من العبودية
حث النبيّ محمد -عليه الصلاةُ والسلام- سلمان على تحرير نفسه من العُبوديّة بالمُكاتبة بعد أن كان عبداً عند رجلٍ من اليهود، فذهب إلى سيده يعرض عليه المُكاتبة، فكاتبه على أن يغرس له ثلاثمئة، وقيل: خمسُمئة من صِغار النخل، مع أربعين أوقيّة من الذهب، ثُمّ ذهب إلى النبيّ محمد -عليه الصلاةُ والسلام- وأخبره بما تم الاتفاقُ عليه بينهُما، فأخبر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- الصحابة الكِرام بأن يُعينوه في مُكاتبته، فجمعوا له النخلات وحفروا معه، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يضع النخل في الحُفر بيده، فقال سلمان: "فما ماتت واحدةٌ منهُنّ"، ثُمّ جاءه رجل معه مثل بيضة الدجاجة من ذهب، فأخذها سلمان وباعها، فكانت أربعين أوقيّة ذهباً، ثُمّ أعطاها لسيّده اليهوديّ، وحرّر بها نفسه من رق العُبوديّة.
وقد ذكر البُخاريُّ في صحيحه أن سلمان تنقّل في عُبوديته بين بضعة عشر من الأسياد، فأثنى عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال كما جاء في الحديث الذي يرويه أبو هريرة: (كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَأُنْزِلَتْ عليه سُورَةُ الجُمُعَةِ: {وَآخَرِينَ منهمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بهِمْ} قالَ: قُلتُ: مَن هُمْ يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حتَّى سَأَلَ ثَلَاثًا، وفينَا سَلْمَانُ الفَارِسِيُّ، وضَعَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَهُ علَى سَلْمَانَ، ثُمَّ قالَ: لو كانَ الإيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا، لَنَالَهُ رِجَالٌ -أوْ رَجُلٌ- مِن هَؤُلَاءِ).
سلمان وحفر الخندق
كان سلمان الفارسي -رضي الله عنه- هو من أشار على النبي محمد -عليه الصلاةُ والسلام- بحفر الخندق في غزوة الخندق،وكان ذلك لمّا سمع المُسلمون بِقدوم جيش كبير من المُشركين إلى المدينة، فبدأ النبي محمد -عليه الصلاةُ والسلام- يُشاور أصحابه، فأشار عليه سلمان بحفر الخندق في الجهة التي يخشى منها المُسلمون قدوم جيش المشركين، وكانت هذه فكرة الفرس في حُروبهم، ولم يكُن للعرب عهدٌ بها، فاقتنع النبي محمد -عليه الصلاةُ والسلام- بفكرته، وبدأ مع المُسلمين بحفر الخندق في الجهة الشماليّة للمدينة؛ لأن باقي الحدود كانت مليئة بالنخل والبيوت ولا يمكن للمشركين الدخول منها، وعاون أصحابه وكان يُشجعهم ويذكّرهم بالآخرة.
ومما قاله سلمان الفارسي رضي الله عنه : «إذا مات السخي، قالت الأرض والحفظة : رب تجاوز عن عبدك في الدنيا بسخائه، وإذا مات البخيل قالت : اللهم احجب هذا العبد عن الجنة كما حجب عبادك عما جعلت في يديه من الدنيا».
وفاته
توفي سلمان الفارسي رضي الله عنه في خلافة عثمان بن عفان بالمدائن سنة 33 هـ، وقيل سنة 36 هـ، وكانت له زوجة من قبيلة كندة اسمها بُقيرة، وقيل أن له بنت بأصبهان لها نسل وبنتان بمصر.