عاجل
الأحد 24 نوفمبر 2024 الموافق 22 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

أميرة العادلي تكتب: طيف فرج فودة

أميرة العادلي تكتب:
أميرة العادلي تكتب: طيف فرج فودة

كانت قاعة المحكمة شبه خالية لم يحتل المقاعد الخشبية التي  تحمل رائحة الزائرين يوميا إلا عددا قليل.

تحيا مصر 

تجلس هناك أمرأة تبكي وهي تنظر إلي ابنها المتهم بسرقة رجل أربعيني لا يملك من الدنيا سوي بضعة أموال يحصل عليهم في مقابل عمله في أحدي الشركات حتي يستطيع أن يشتري بعض المخدرات ليذهب في عالم أخر من التبلد معلقا خيباته واخفاقاته علي المجتمع، وبجوارها شابة في بداية الثلاثينات تتطلع إلي زوجها المتهم في قضية نشر أخبار كاذبه، وأمامهم رجل في نهاية العقد الخامس يتحدث مع شابة في بداية العشرينات لم تنفك عن البكاء  أملين أن يرأف القاضي بحال أمها التي وقعت ايصالات أمانة حتي تكمل زواجها  الذي تحول إلي مأساة بعد القبض علي الأم .

مقال جديد للنائبة أميرة العادلي عضو مجلس النواب بعنوان: طيف فرج فودة

يفصل بين هؤلاء جميعا مجموعة من أصحاب الأرواب السوداء  الذين لا يكف هاتفهم المحمول عن الأزعاج.

 بين الهدوء والرتابة بعض الهمهامات ونظرة بين الحين والأخر إلي ميزان العدالة الذي يعلو المنصة  في مشهد ينتظر فيه الجميع كلمة تحدد أيامه القادمة.

ومن مشهد رتيب إلي مشهد لا يخلو من الضجيج تكتظ فيه القاعة بالبشر رجال ونساء صحفيين وإعلاميين ومحاميين. 

وأمام قفص الإتهام يحجب الرؤية عن ثلاثة من الشباب هم قتلة فرج فودة عدداً من الحرس.

يقف في أخر القاعة طيف لرجل اخترق الرصاص كبده لتتنهي حربه التي كان بطلها الأفكار بإعلان وفاته دون وفاة أفكاره التي يقرأها جيلا بعد جيل.

طيف فرج فودة ومتابعة اقوال المتهمين

كسر الضجيج قول الحاجب محكمة  ليقف الجميع  ويسود الصمت، يمر الوقت ببطأ  بينما يتابع طيف فرج فودة  أقول المتهمين وشهادة الشهود ، فمن قتله لا يقرأ ولا يكتب ، لم يحصل علي القدر الكافي من أي شئ  تعليم وصحة وعدالة بل كان فريسة لبراثن التطرف.

أما من شهدوا فقد استباحوا دمائه في حرب كان سلاحها الورقة والقلم .

انتهت محاكمة قتلة فرج فودة ولكن لم تنتهي أسباب قتله ،   بكلمه استباحوا قتله, بكلمة استباحوا قتلنا جميعا فيا لها من كلمة، انتهت محكمة القتلة وظلت محكمة الضمير منعقدة .

تتوالي السنوات والأحداث والجرائم, ومازالت الحرب قائمة لمجرد التفكير في تجديد الفكر الديني .

نعم الفكر الديني وليس الخطاب الديني فلا تترك الأصل و تنشغل بالفرع.

الخطاب الديني أداة للتعبير عن الفكر الديني الذي يحتاج إلي تجديد ومراجعة ونبذ حقيقي للعنف والتطرف وإعلاء للمواطنة والتسامح واحترام الرآي ومواجهته بالرآي.

مواجهة فكرية وتجديد الافكار

المواجهة الفكرية مسؤلية الجميع  فلن ينتهي الإرهاب بقوة السلاح فقط بل نحتاج الي حريات ، وتنوير ،انفتاح علمي وسياسي ،تجديد في الأفكار ، وقبول الأخر ، عدالة إجتماعية ، مناقشات جادة حول استراتيجية الدولة في مواجهة الفكر المتطرف وتجديد الفكر الديني  .

إن التصدي للفكر المتطرف وأسبابه  يحتاج إلي إرادة، إرادة غير منقوصة أو عابئة بتبوهات قديمة إرادة يحكمها المسؤلية والضمير.

اللعب على المشاعر الدينية

وكما قال فرج فودة المسألة كلها باختصار أنه عندما تفلس الأحزاب ويفلس السياسيون يلعبون على المشاعر الدينية لأنها المدخل السريع لمشاعر الناس وليس عقولهم وهذا الخلط بين الدين والسياسة هو الخطر.

إن فصل الدين عن السياسة وأمور الحكم، إنما يُحقق صالح الدين وصالح السياسة معاً.

تابع موقع تحيا مصر علي