دراسة بمركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية عن الحرب الأهلية في الكاميرون
ADVERTISEMENT
تناولت دراسة نشرها مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، الحرب الأهلية بالكاميرون وأزمة إمبازونيا التي تطالب بالانفصال عن الكاميرون وقد أعدت الدراسة إيمان الشعراوي الباحثة المتخصصة في الشأن الافريقي بجامعة القاهرة.
وجاء في الدراسة أنه على مدى السنوات الست الماضية، تحولت الكاميرون الواقعة في منطقة وسط الغرب الأفريقي إلى منطقة صراعات ونزاعات فُقد خلالها الكثير من الأرواح والممتلكات، وذلك في ظل وجود أزمة إنسانية تعصف بالاستقرار السياسي والاقتصادي للكاميرون، ومواجهة للجماعات الإرهابية بوكو حرام في أقصى الشمال وميليشيات من جمهورية إفريقيا الوسطى في الشرق، وإعلان بعض المناطق الانفصال عن الكاميرون مما يؤثر على كيان الدولة وحدودها الثابتة منذ الاستقلال.
الإخفاق في إدارة التعددية الثقافية
وأضافت الدراسة أن عملية إعادة التوحيد بين الكاميرون الإنجليزي والكاميرون الفرنسي القائمة على المركزية والاندماج القسري، والإخفاق في إدارة التعددية الثقافية تسببت في شعور الأقلية الناطقة بالإنجليزية بالتهميش لذلك في عام 2016 بدأ الصراع الانفصالي في إقليمي الشمال الغربي والجنوب الغربي الناطقين بالإنجليزية، عبر إحتجاجات سلمية لمدرسين ومحامين على ما وصفوه بتهميشهم من جانب الحكومة الوطنية، والمطالبة بمنح اللغة الإنجليزية الاعتراف الكامل ووضع نهاية للتمييز المنهجي ضدهم، إلا أن قوات الأمن قابلت هذه الاحتجاجات باستخدام العنف.
وسرعان ما تحولت هذه الاحتجاجات إلى اشتباكات مسلحة بين مختلف الجماعات الانفصالية الناطقة بالإنجليزية والحكومة المركزية ، ثم في عام 2017 أعلن الزعيم الانفصالي سيسيكو جوليوس أيوك تاب انفصال الكاميرون الإنجليزي كدولة مستقلة تحت اسم جمهورية "أمبازونيا"، وهو ما رفضته الحكومة الكاميرونية، واستمرت المعارك بين الطرفين بالشكل الذي تحولت فيه إلى حرب أهلية.
تداعيات الحرب الاهلية
وتطرقت الدراسة للتداعيات التي نتجت عن هذه الحرب الأهلية والتي اعتبرتها أحد المهددات التي تواجهها منطقة الغرب الأفريقي، وربما يكون محدد للجغرافيا السياسية في هذه المنطقة، وذلك بسبب تشابه النزاعات الانفصالية في دول الجوار، بالشكل الذي قد يشجع هذه الحركات للانفصال عن دولهم، فضلًا عن العدد الكبير من اللاجئين الناتج عن هذه الحرب، وبحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد نفي 45 ألف كاميروني إلى نيجيريا، وداخل مناطق النزاع ، نزح أكثر من 75000 شخص ، مع اختطاف وذبح العشرات من الزعماء التقليديين وكبار رجال الأعمال والمسؤولين الإداريين ، وتم إجبار ما يقرب من 737000 كاميروني على الفرار من منازلهم بما في ذلك 439000 شخص في الجنوب الغربي و 298000 شخص في الشمال الغربي بسبب استهداف قراهم وحرقها ونهبها، كما قتل أكثر من 1000 جندي وأكثر من 6000 مدني.
سيناريوهات الحرب الاهلية
وانتهت الدراسة بأربع سيناريوهات للحرب الأهلية في الكاميرون، حيث تمثل السيناريو الأول: (الحرب الأهلية الممتدة)، في ظل تعقد الأوضاع وإصرار كل طرف على تحقيق المعادلة الصفرية من خلال الحصول على جميع المكاسب وإقصاء الطرف الاخر، وعدم الاستعداد لتقديم أي تنازلات في سبيل التوصل لمصالحة وطنية، يعني هذا السيناريو بإطالة أمد الحرب الأهلية بما يؤثر على الاستقرار السياسي والامني داخل الكاميرون ودول الجوار، أما السيناريو الثاني: (التدخل الدولي) يمكن أن تساعد الاستجابة الحازمة من المجتمع الدولي في تجنب تدهور الصراع ، من خلال التأكيد على حق الناطقين باللغة الإنجليزية في تمثيل سياسي أفضل و مراعاة الاختلافات الثقافية واللغوية ، خاصة أن فرنسا شريك إستراتيجي للكاميرون، كما أن الولايات المتحدة الشريك الأمني الأكثر أهمية، وموطن الجزء الأكبر من الناطقين بالإنجليزية في الكاميرون في الشتات.
أما السيناريو الثالث : (نجاح الحكومة الكاميرونية في القضاء على الانفصاليين)، ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال تطويق الانفصاليين والقبض عليهم ومحاصرتهم بالتعاون مع دول الجوار في تسليم جميع المعارضين الذين يقيمون على أراضيهم ، وعلى الرغم من أن هذا السيناريو قد يترتب عنه تهدئة الأوضاع نسبيًا، إلا أنه لن يؤدي لحل الأزمة بشكل جذري وذلك لعدم حل المشاكل الرئيسية التي تسببت في ظهور الدعوات بالانفصال مما سيجعله استقرار وهدوء هش، أما السيناريو الرابع : (انفصال "أمبازونيا") غير مرجح حدوث هذا السيناريو.
واختتمت الدراسة المنشورة في مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية بعدد من التوصيات من ضرورة التأسيس الفوري لوقف إطلاق النار، والإفراج عن السجناء الانفصاليين المحتجزين والسماح بعودة المنفيين،و فتح حوار سياسي شامل بدون شروط مسبقة يضم جميع الجهات بما فيهم الانفصاليين لمناقشة تكوين الدولة والإصلاحات للنظام الانتخابي لإنشاء حكومة وطنية تضم كافة الأطياف ويمثل فيها الناطقين بالانجليزية، واستدعاء نظام المصالحة الرواندي "الغاكاكا" ، الذي يمثل شكل من أشكال العدالة للتعامل مع الأشخاص المتهمين بالجرائم بشكل سريع، وفي نفس الوقت ينهي رواسب الحرب الأهلية، بما يساهم في تحقيق المصالحة الوطنية.
الدكتورة نرمين توفيق المنسق العام لمركز فاروس
ويسعى مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، والذي تعمل الدكتورة نيرمين توفيق كمنسق عام له، إلى تقديم محتوى بحثي معرفي من شأنه إثراء القاريء بالمزيد من التحليلات للاستشارات والدراسات الاستراتيجية وبالتحديد عن القارة الافريقية، كما يسعى إلى فهم الواقع والسياسات في أفريقيا وعلاقتها بالعالم وعلاقة العالم بها ، والتعرف على الاسباب التي تجعل القوة العالمية دائمة التوجه نحو أفريقيا ، فضلًا عن التواصل مع الكتاب الأفارقة وغيرهم من المتخصصين بالمراكز الفكرية الافريقية والدولية المتخصصة لإثراء مركز فاروس بالمزيد من المعرفة الافريقية .