ياسر حمدي يكتب: هل صارت مواقع التواصل الإجتماعي خطر يهدد المجتمع؟
ADVERTISEMENT
قولًا واحدًا نعم، لقد أصبحت السوشيال ميديا من أخطر ما يهدد المجتمعات لسوء إستخدامها، وباتت جرائمها متعددة، وراح ضحيتها العديد من الأرواح البريئة، وسالت بسببها دماء ذكية من شهداء الوطن، بل طالت أنيابها الخبيثة الحريات الشخصية، وصرنا عراه أو شبه عراه في المجتمع.
في أسبوع واحد تسببت في مأساة حقيقية أودت بحياة واحدة وطلاق الثانية في واقعتين تتكرر وستتكرر بسب إختراق السوشيال ميديا لمجتمعنا وخصوصيتنا، زهقت روح بسنت الفتاة البريئة؛ الحاملة لكتاب الله بسبب فيديو مفبرك من معدومي الضمير لإبتزازها، وطلقت معلمة الدقهلية بسبب وصلة رقص؛ ودوسة على زر من شخص أحمق، والجاني الرئيسي مواقع التواصل الإجتماعي، وعقول المرضى والأشرار الذين يستخدمونها فيما يخالف الأعراف الإجتماعية والقوانين الإنسانية والجنائية.
ياسر حمدي يكتب: هل صارت مواقع التواصل الإجتماعي خطر يهدد المجتمع؟
فتاة الغربية ذات ال 17 عامًا والتي انتحرت في قرية كفر يعقوب بكفر الزيات بعد أن حاول أحد الأشخاص ابتزازها بصور مفبركة بعد أن رفضت ابتزازه بمقابلته غرامياً، ثم قام مدرس الكيمياء المستقيل بالتنمر عليها، وقال لها بقيتي تريند رقم واحد أكتر من بتاع شيماء، أمام زملائها، لتعود بعد ذلك لمنزلها وتناولت الحبه القاتله وتوفيت، وهزت الحادثة الرأي العام.
وتركت رسالة أبكت العالم كله وهي تقول: «ماما يا ريت تفهميني، أنا مش البنت دي اللي في الفيديو، ودي صور مفبركة والله العظيم وقسما بالله دي ما أنا، يا ماما أنا بنت صغيرة، مستهلش اللي بيحصلي ده، أنا جالي اكتئاب»، وتسبب النشر على مواقع التواصل الإجتماعي في فضيحة ومأساة حقيقية لم يرحمها فيها المجتمع.
حادث معلمة الدقهلية
نفس الأمر يمكن إسقاطه على حادث معلمة الدقهلية؛ فهي كانت ترقص مع مجموعة من زملائها يقومون برحلة نيلية في القاهرة، هي لم ترقص في المدرسة أو في مكان مفتوح للجميع، لكن الذي حدث أن أحد الحاضرين معدومي الضمير، أشرار الترند، قام بتصويرها ووضع الفيديو على مواقع السوشيال ميديا، وشغلت القضية الرأي العام، ودمرت حياتها، وبكل تأكيد فإن الجاني الحقيقي هي منصات التواصل.
قضية بسنت وغيرها الكثير من قضايا الانتحار لعدد كبير جدًا من الفتيات في مصر والعالم، كان السبب الرئيسي فيها هو ترند السوشيال ميديا الغول الذي يلتهم حياة الأبرياء، ويهدد المجتمع بشكل كبير، وأصبح لا يمكن السكوت عنها، بسبب الكوارث الإنسانية التي تسببها التكنولوجيا من عدم احترام حقوق الإنسان، وتدمير الأسر.
لو أن الفيسبوك غير موجود، فلم يكن المجتمع ليعرف أو يشعر بهذه القضايا أصلًا، ولم تساهم هذه المواقع في نشر الفوضى المجتمعية التي أصبحنا عليها الآن، ولم تكن خصوصيتنا مخترقة أمام الجميع، ولم يكن هناك أشرار يبتزوا الأبرياء بدون وجه حق، ولم تحدث هذه الفجوة الكبيرة بين أفراد الأسرة بسبب الانطواء على هذه المواقع، ولم تنتشر فضائح الترند التي تسببت في دمار بيوت الكثير من الناس وكانت السبب الرئيسي في إزهاق أرواح الملايين من البشر.
لا ننكر دور التكنولوجيا فهي مهمة جدًا في حياة العالم، وأسدت للبشرية خدمات جليلة، وسهلت التواصل والإتصال، ووفرت الوقت والجهد والمال، لكن لها دور خطير وقاتل أحيانًا، فوسائل التواصل الإجتماعي لها دور خطير في هذه الجرائم، بل إن هذه الوسائل هي الفاعل الأصلي في هذه الجرائم بلغة القانون.
إن وسائل التواصل الإجتماعي بحد ذاتها، لا تحدث الانقسام في المجتمع، لكنها تعمقه، وتلعب دوراً سلبياً بالخلافات الثقافية في المجتمعات.. ولأن الأطراف المختلفة ترى حقائق مختلفة، فإنها لا تتشارك في هذه الوسائل للتوصل إلى حل توفيقي؛ فكل جانب يسمع فقط ما يعجبه ويراه جيداً لا لشيء إلا على أساس الكذب وسوء النية والقذف، ومجال أقل للتعاطف، لأن الناس يمتصون بشكل مضطرب التفاهات والفضائح والاحتقان، فإنهم يغفلون عما يهم المجتمع الذي يشتركون فيه.
والسؤال الأهم هنا كيف نواجه هذا الخطر المؤكد؟ هناك عدة طرق الأولى تشريعية على مستوى المجتمع والأخرى سلوكية على مستوى الأفراد.. فأهم الحلول هو تطبيق التشريعات التي تطبق على وسائل الإعلام القديمة، مثل التشهير، وقوانين الملكية والحقوقية، والإبتزاز، لتكون شركات التواصل الإجتماعي مسؤولة ومحاسبة عما يظهر على منصاتها أيضًا.. والمشكلة أن هذه الطرق لا تحبذها المواقع لأنها تؤثر على حجم جمهورها، لذا يتعين فرضها بموجب القانون، مع تغليظ العقوبة على الأفراد الأشرار الذين يسيؤون لإستخدام هذه المنصات، وفرض عقوبة رادعة مع غرامة مالية كبيرة على من يقوم بتصوير الناس خلسة ونشرها على هذه المواقع سواء بحسن أو بسوء نية، مع شن حملات توعوية بشأن الجرائم الإلكترونية، وإستحداث مكاتب للجريمة الإلكترونية بكل أقسام الشرطة، مع قيام كل الأشخاص والناس بعدم الثقة فيما يسمى بالأصدقاء على هذه المنصات، وحذف كل الصور الخاصة وعدم نشرها على السوشيال ميديا، فوسائل التواصل الإجتماعي يتم إساءة استخدامها، وتقوم هي بالانسياق مع تلك الإساءة فتفاقمها لأن هدفها الانتشار.