النائب حسانين توفيق يكتب: تعديلات الثانوية العامة من الرفض للسحب
ADVERTISEMENT
جاء قرار الحكومة مؤخرا، بسحب مشروع القانون بتعديل قانون التعليم المتعلق بنظام الثانوية العامة التراكمى، ليؤكد أهمية دور وإختصاصات مجلس الشيوخ في إبداء رأيه فيما يعرض عليه من ملفات ومشروعات قوانين هامة، حيث قرر المجلس بأغلبية أعضاءه رفض مشروع القانون في شهر أبريل الماضى حينما عرض عليه، بناء على رأى لجنة التعليم والبحث العلمى والإتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالمجلس، التي أوصت برفض القانون بناء على عدد من الأسباب التي ذكرتها في تقريرها الذى عرض على المجلس.
بالطبع كان لموقف مجلس الشيوخ الرافض لمشروع القانون، دورا رئيسيا في قرار الحكومة بسحب مشروع القانون من مجلس النواب، قبل ان يتم مناقشته بمجلس النواب واتخاذ قرارا بشأنه، سواء بالرفض أو الموافقة، وهو الأمر الذي يحسب للحكومة في إعادة مراجعة موقفها بشأن التعديلات على القانون.
وهنا أريد أن أوضح عدد من النقاط الهامة في ذلك الأمر والتي أعتبرها بمثابة دروس مستفادة، منها أهمية دور مجلس الشيوخ في دراسة القضايا والتشريعات الهامة للمواطن، وكذلك شجاعة الحكومة في قرارها بإعادة مراجعة موقفها، مع التأكيد على أن جميع مؤسسات الدولة تسعى للمصلحة العامة، مع إختلاف وسيلة كل منها.
قرار مجلس الشيوخ برفض مشروع القانون المقدم من الحكومة، لم يأتي من فراغ أو بهدف المزايدة على الحكومة أو تقليل من دور وزارة ما، بل جاء نتيجة دراسة متأنية لآثار التعديل وقناعة كاملة لدى الأعضاء بأن الآثار ستكون سلبية على الأسر المصرية في ظل الوضع الحالي.
وبصفتى عضوا بلجنة التعليم والبحث العلمى والإتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس الشيوخ، التي أوصت برفض مشروع القانون، عرضت رؤيتى وقناعتى خلال مناقشة القانون باللجنة، حيث أرى أن ذلك النظام التراكمى في الثانوية العامة، قد تكون فكرة مثالية وهدفها نبيل، إلا ان تطبيقها على أرض الواقع حاليا سيكون له آثار سلبية يمكن وصفها بالكارثية دون مبالغة، وذلك لأن تطبيق نظام الثانوية العامة التراكمى دون إجراء إصلاحات جذرية في المنظومة التعليمية، لن يكون له نتائج سوى زيادة الأعباء الاقتصادية والإجتماعية والنفسية على الأسر المصرية.
ذلك لأن ذلك النظام ببساطة، سيضطر الأسر إلى زيادة الإعتماد على الدروس الخصوصية، التي مازال يعتمد عليها الطالب في ظل منظومة التعليم الحالية، ولنا ان نتخيل ان نحو ٨٠ في المائة من المصريين ينفقون أكثر من ٦٠ في المائة من دخولهم الشهرية على التعليم ولاسيما "سنة الثانوية العامة"، من خلال الإنفاق على الدروس الخصوصية والكتب الخارجية وغيرها.. وبالتالي كان الأمر بمثابة كارثة حال إستمرار الأسرة في هذه المعاناه النفسية والمادية لمدة ثلاث سنوات وعلى عدة امتحانات في كل عام، اى ان الثانوية العامة التي كانت تنتهى في امتحان واحد أو امتحانين مثل نظامها الحالي، كانت ستتحول إلى عدد كبير من الإمتحانات على مدار ثلاث سنوات، ما سيكون له أثر كارثى.
وبالطبع.. أرى إن رفض القانون وسحبه من جانب الحكومة، ليس هو الحل الأفضل للأزمة، فهذه مجرد مسكنات إلى أن يتم التدخل لإصلاح المنظومة و القضاء على الدروس الخصوصية التي تزداد توحشا يوما بعد يوم..ولو وقفنا جميعنا نسأل عن السبب الذى يدفع الأسر والطلاب إلى الدروس الخصوصية؟ ..سنجد الإجابة واضحة لنا ببساطة وهى " لايوجد تعليم جيد في المدارس يكفى حاجة الطلاب والسبب الرئيسي في ذلك هو المعلم الذى نجده غير مهتم أو غير قادر على القيام بدوره" .. وأرى ان حال وجود تعليم عال الجودة كما نص الدستور، لما ظهرت الدروس الخصوصية.
وأرى انه لكى تنجح فكرة مشروع القانون، يتطلب وجود تعليم عال الجودة داخل مدارسنا، وذلك من خلال تطوير المناهج التعليمية ، وخاصة تطوير المحتوى، وتطوير طرق التعليم والتواصل مع الطلاب ورفع مستوى المعلم ماديا وعلميا من خلال تدريب المعلمين بشكل رفيع المستوى ورفع درجاتهم العلمية، كالحصول على ماجستير بالإضافة الى دراسات موسعة في العلوم التربوية والمواد الدراسية
وكذلك تطوير البنية التحتية المتمثّلة في شبكات الإنترنت عالية الجودة ورفع كفاءة شبكات الاتصالات و غيرها من أدوات البنية التحتية. وبالتالي من الأفضل البدء في تهيئة البيئة المحيطة أولا، قبل تطبيق ذلك النظام الجديد.
النائب حسانين توفيق
عضولجنة التعليم والإتصالات
مجلس الشيوخ