تفاصيل صادمة في نتائج تحقيقات النيابة العامة في حادث تصادم قطاري سوهاج
ADVERTISEMENT
أعلنت النيابة العامة المصرية منذ قليل، نتائج التحقيقات في حادث قطاري سوهاج، حيث كشف التحقيقات عن توقف القطار المميز بين محطتي سكة حديد المراغة وطهطا لعدة دقائق ثم تحرك وتجاوز مزلقان السنوسي قبل توقفه مرة أخرى حتى قدوم القطار الإسباني القادم من محطة سوهاج واصطدامه بالقطار المميز.
وكان سائق القطار المميز قد ادعى في التحقيقات ظهور إشارات ضوئية بشاشة التحكم بكابينة القيادة ، مما أدى لإنخفاض معدل ضغط الهواء بالأنابيب الواصلة بين عربات القطار مما أوقفه أليًا، وأحالا أسباب هذا الانخفاض إلى سحب أحد مقابض الخطر بأي من العربات، أو غلق أحد صمامات تحويل الهواء المضغوط بالمكابح –الجزرات، ومع بدء ارتفاع معدل ضغط الهواء تحرك القطار متجاوزا مزلقان السنوسي، ثم توقف مرة أخرى بموقع التصادم، مؤكدا إيقافه جهاز المكابح والتحكم الألي أثناء الرحلة بدعوى تعطيله حركة القطار، ومن جانبها قامت النايبة العامة بتقديم أقوال سائق القطار المميز ومساعده إلى اللجنة الهندسية المشكلة لبحث حقيقة الأمر من الناحية الفنية.
ومن جهة أخرى قرر مساعد القطار الإسباني توليه قيادة القطار وقت وقوع الحادث ، مدعيا سيره على سرعة خمسة وتسعين كيلومتر في الساعة قبل موقع التصادم، ولكنه شاهد توقف القطار المميز على مسافة خمسمائة إلى ستمائة متر، وقرر استخدام المكابح اليدوية لإيقاف الجرار ولكنه لم يتوقف وحدث التصادم، ومن جانبه أكد سائق القطار الإسباني أنه هو من تولى قيادة القطار وقت وقوع الحادث وسيره على سرعة تسعين كيلومتر في الساعة ، مقرا بإيقاف بإيقاف جهاز المكابح والتحكم الآلي (ATC) بالقطار، مدعيا بأن هناك تعليمات شفاهية من الهيئة القومية للسكك الحديدية بعدم تشغيل هذا الجهاز.
وأكدت تحقيقات النيابة العامة أن رئيس قسم المراقبة المركزية بأسيوط كان قد ترك مقر عمله وقت وقوع الحادث، بالرغم من مسئوليته عن مراقبة حركة القطارات بموقع التصادم، كما أسفرت التحقيقات مع أثنين من المراقبين بقسم المراقبة بأسيوط بإخلالهما بمهام عملهما، حيث تأخر أحدهما بتنبه سائق القطار الإسباني بتوقف القطار المميز، بينما يحاول الأخر الاتصال بسائق القطار الإسباني لتنبيهه، بعد محاولتان للاتصال بسائق القطار الإسباني قبل وقوع الحادث.
كما انتقلت النيابة العامة إلى برجي مراقبة محطتي المراغة وطهطا الواقع الحادث بينهما-، وشاهدت بشاشات المراقبة إضاءات السيمافورات بشريط السكة الحديدية بين المحطتين قبل وقوع الحادث، فتبينت إضاءة سيمافورين يقعان قبل موقع التصادم بنحو كيلومترٍ وثلاثمائة وعشرة أمتار، أحدهما مضيء بلون أصفر يعني وجوب تهدئة السرعة، والآخر بالقرب من محل التصادم مضيء بلون أحمر يعني لزوم التوقف، وذلك على خلاف ما زعمه مساعد سائق القطار الإسباني.
وقد عاينت النيابة العامة النقطة التي تُرى منها إضاءة السيمافور الأحمر والقطار المتوقف بشريط السكة الحديدية؛ وحددت -بالاستعانة بخبراء هيئة المساحة المصرية- وقوعها على مسافة خمسمائة وخمسة وثلاثين مترًا من موقع التصادم، وأجرت من تلك النقطة ثلاث عشرة محاكاة لاستخدام كافة أنواع المكابح اليدوية بجرار مماثل للمستخدم بالقطار الإسباني حال سيره على سرعة تسعين كيلومترًا في الساعة، فأسفرت النتائج عن توقف الجرار في كل مرة قبل نقطة التصادم، وستعرض النيابة العامة تلك النتائج على اللجنة الهندسية المشكلة لبحثها من الناحية الفنية واستخلاص النتائج النهائية.
وقد تلقت النيابة العامة إفادة من كل من مدير عام صيانة البنية الأساسية ومدير عام التشغيل على الشبكة بالهيئة القومية لسكك حديد مصر بمنطقة أسيوط؛ تضمنت تأكيد أن منطقة الحادث ليست من مناطق فك الارتباط التي يمكن فيها إيقاف جهاز المكابح والتحكم الآلي (ATC) بمحافظة سوهاج، وأكدا مُقدما تلك الإفادة في التحقيقات أن تلك المنطقة تعمل بنظام التقاطر الكهربائي الذي يستلزم تشغيل هذا الجهاز -على خلاف ما زعمه سائقا القطارين ومساعداهما.
هذا، وقد أسفرت مشاهدة النيابة العامة لتسجيلات آلات المراقبة بمحطة سوهاج الكائنة قبل محل الحادث يوم وقوعه عن جلوس مساعد سائق القطار الإسباني بمقعد القيادة، واستلامه بدلًا عن السائق النموذج سبعة وستين (٦٧) حركة الصادر من المحطة، والثابت فيه السرعة المقررة بمنطقة الحادث والتي كانت لا تجاوز تسعين كيلومترًا في الساعة، فتحفظت النيابة العامة على النموذج وتبينت فيه الإمضاء باسم السائق بما يفيد الاستلام، فاستكتبت السائق ومساعده على هذا الإمضاء وأثبت تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي كتابة المساعد الإمضاء بدلًا من السائق، وبمواجهة الاثنين بتلك النتيجة أقرا بواقعة التزوير، وتمسك كل منهما بقيادته القطار وقت الحادث، وقد كلفت النيابة العامة الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية بفحص نتائج مشاهدة آلات المراقبة المشار إليها للتأكد من صحة ظهور مساعد سائق القطار الإسباني فيها باستخدام تقنية القياسات البيومترية، فتأكد ظهوره بها.
وكان تقرير مصلحة الطب الشرعي وسؤال محرره في التحقيقات قد أسفرا عن عدم تناسب الإصابات المشاهدة والموصوفة بسائق القطار الإسباني ومساعده، مع ما ادعياه في التحقيقات من بقائهما بالكابينة الأمامية للجرار إبان التصادم، وأنه من الجائز تصور مغادرتهما الكابينة قبل وقوعه، وشكلت النيابة العامة لجنة ثلاثية من أطباء مصلحة الطب الشرعي للتأكد من صحة تلك النتيجة، فانتهت اللجنة -بعد معاينة موقع الحادث في حضور السائق ومساعده وبإشراف النيابة العامة إلى صحة ما انتهى إليه التقرير السابق، مُضيفة تصورين آخرين لما حدث هما إما تواجد السائق ومساعده بالممر الفاصل بين الكابينتين الأمامية والرئيسية وقت التصادم، أو تواجدهما بالكابينة الرئيسية اللاحقة على الأمامية- في ذلك التوقيت، قاطعة بعدم جواز بقائهما بالكابينة الأمامية حسبما زعما، وأسفرت نتائج تحليل تعاطي المواد المخدرة الصادرة من وزارة الصحة عن تعاطي كل من مراقب برج محطة المراغة جوهر الحشيش المخدر، وتعاطي مساعد سائق القطار المميز ذات الجوهر وعقار الترامادول.
وكان الحادث قد أسفر عن وفاة عشرين شخصًا، وإصابة مائة وتسعة وتسعين، ونتج عنه تلفيات بالقطارين بلغت قيمتها خمسة وعشرين مليونًا، وثمانمائة وتسعين ألفًا، وخمسمائة وثلاثة وثمانين من الجنيهات.