الدكتور أحمد أبو دومة يكتب: مهنة توشك أن تتلفها الهموم
ADVERTISEMENT
لم يتخيل رواد هذه المهنة وهم يضعون لبنتها التعليمية الأولى منذ ما يقرب من مائتي عام فى مدرسة الصيدلة والطب فى منطقة أبو زعبل سنة ١٨٢٧ ولا حتى وهم يسلمون رايتها الى اسلافهم لتنتقل عبر محطات عدة إلى قصر العيني مندمجة مع كلية الطب وصولًا إلى اعتبارها كلية بذاتها فى العام ١٩٥٥ تحت قبة جامعة القاهرة ( فؤ اد الأول سابقًا).
رحلة طويلة
لم يتخيل هؤلاء أنه بعد هذه الرحلة الطويلة والسنوات الممتدة العامرة بالتميز، أن يصل الحال بمهنتهم الراقية ذات البعد الإنساني إلى هذا الحد من المعاناة فى آخر عشرين عام مع بداية الألفية الجديدة.
محطات تواجه المهنة
ولعلنا هنا عبر هذه المنصة الرائعة يجدر بنا أن نلقى الضوء حول عدد من المحطات السلبية التى تواجه هذه المهنة ونقرع جرس إنذار سواء لصانع القرار أو المجتمع المصرى لتحمل المسئولية فى تصحيح مسار مهنة تعتبر واحدة من خطوط الأمن القومي لأى دولة.
١ -ظاهرة زيادة أعداد الصيادله يعتبرها الكثيرون من المتابعين والمهتمين بالشأن الصيدلى السبب الأصيل لأزمات معاناة المهنة وتعود نشاة الأزمة مع افتتاح كليات الصيدلة بالجامعات الخاصة وكانت دراسة الصيدلة هى الفرخة التى تبيض ذهبا لهذه الجامعات، حتى أن المقارنة بين أعداد طلاب الصيدلة وأعداد طلاب باقى الكليات كانت تفضى إلى نتيجة أن طلاب صيدلة يمثلون وحدهم ٥٠ ٪ أو ما يزيد من طالب الجامعة كلها.
حجم الأزمة
ونستطيع أن نقترب أكثر من حجم الأزمة إذا ما عرفنا أن أعداد الصيادله المقيدين فى سجلات نقابة الصيادلة منذ بدء تأسيسها وحتى عام ٢٠٠٠ لم يصل إلى رقم ال ٥٠ الف صيدلى، فى حين أن أعداد الصيادلة المقيدين بنهاية عام ٢٠٢٠ وصل إلى ما يزيد عن ٢٧٥ الف صيدلى.
وإذا ما عرفنا أن المعدل العالمي لعدد الصيادلة بالقياس إلى عدد السكان هو صيدلى لكل ٤٠٠ مواطن ١: ١٤٠٠ فإن المعدل فى مصر قد وصل إلى صيدلى لكل ٤٢٥ مواطن ١: ٤٢٥.
وعلى ذات المنوال فإن مصر وكنتاج طبيعى لزيادة أعداد الخريجين زادت فيها الصيدليات العامة إلى ما يربو عن ٧٥ ألف صيدلية بمعدل صيدلية لكل ١٢٠٠ مواطن بينما يقف المعدل العالمي عند صيدلية واحدة لكل ٤٥٠٠ مواطن. وقد اثر هذا المنحنى المتصاعد فى أعداد الصيادلة تأثيًرا بالغ السوء على الوضع المهنى وكذلك الفرص التوظيفية لهم وتدنى مستوى دخولهم ويتعاظم الأمر سوءا إذا ما لمسنا حجم التقصير الذى لعبته هذه الكليات عندما لم تكلف نفسها حتى باستحداث برامج تعليمية ودراسية جديدة تستطيع فتح مجالات عمل أمام خريجيها.
وكان أمرا مؤسفًا أن يتكرر كل عام مناوشات بين وزارة الصحة رافضة تكليف الدفعة الجديدة وتمسك الخريجين وأولياء أمورهم ومن قبلهم نقابة الصيادلة بأحقيتهم فى العمل الحكومي.
وهنا ينتظر الصيادلة تدخل حاسما من الدولة المصرية نحو تخفيض كبير فى أعداد المقبولين بكليات الصيدلة سواء الحكومية منها أو الخاصة يقترب إلى ٧٥ ٪ من عدد المقبولين الحالى سنويًا، ووقف منح الترخيص باستحداث وإنشاء كليات صيدلة جديدة لمدة ١٠ أعوام على الأقل. ويبقى للحديث ومحطات سلبية جديدة بقية فى حلقات أخرى.
الدكتور أحمد أبو دومة عضو مجلس نقابة صيادلة مصر