عمرو عزت حجاج يكتب: ماذا جرى لمصر؟ أقباطاً ومسلمين
ADVERTISEMENT
نتابع ما يجرى الأن من تفرقة بين المصريين بسبب الدين فنفزع .. نطالع صفحات التاريخ المصري فنرى كم كانت مصر متسامحة وسمحة إزاء كل أبنائها مهما اختلفوا في الديانة .. فنزداد فزعا ، إذ نجد أننا نتردى ولانتقدم ، وأن البعض من مدعى التدين يفسدون على مصر تقاليدها وتراثها العريق في التآخي بين الديانات .. وفى إعلاء وحدة الوطن والمواطنين على دعاوى التفرقة .
الزمن المصري الأسود
عزيزي القارئ ما رأيك أن نعود سويا في رحلة قصيرة إلى الماضي الحديث ؟
رحلة إلى العصر العثماني ؟ .
ذلك العصر الذى وصف بأنه الزمن
المصري الأسود لنجد أن وحدة الوطن ووحدة المواطنين والمساواة بينهم كانت هدفا لكل
عقلاء مصر وفى مقدمتهم رجال الدين مسلمين و أقباط ، ونطالع سويا وثيقة هامة نورد
بعضا منها لعلها تكون حجة لنا عندما نقول أن الأمور تتردى .. وأن البعض من مدعى
التدين ومن المتصدرين للحديث بإسم الدين لايرقون ألى مستوى رجال دين أجلاء عرفتهم
مصر في أيام محنتها فكانوا عونا لها ولم يكونوا وبالا عليها كما يفعل البعض.
إقرأ أيضاً: عمرو عزت حجاج.. أصغر المؤرخين المصريين سناً
الوثيقة صورة أمر شريف أحضره
جماعة النصارى الشاكين بالمنصورة .. ويسأل هؤلاء النصارى : " ماذا يقول
السادة العلماء رضى الله عنهم في طائفة من النصارى ساكنين بمدينة المنصورة
بأملاكهم عن أباءهم وأجدادهم .. وفى كل وقت يتعرض لهم جماعة بالاذية والإضرار،
ويتعللون عليهم بأنهم يعلون بناءهم على أبنية المسلمين .. وإنما يقصدون ذلك ظلمهم بغير وجهه الشرعي ، فهل
والحالة هذه يجوز للجماعة المذكورين أذية طائفة النصارى بالتساويف الباطلة عليهم
والتعللات الواهنة ".
قضاة المذاهب الأربعة
وقد عرضت هذه الشكوى على قضاة المذاهب الاربعة ..
فماذا كانت الفتوى التى أصدروها ؟
عبدالمنعم البشبيشى قاضى المذهب الحنفي " لايجوز
للجماعة المذكورين أذية طائفة النصارى المذكورين بالتساويف الباطلة والتعللات
الواهنة ، ويحرم عليها ذلك ، ويثاب ولى الأمر على منع من يتعرض لهم بغير وجه شرعى
... والله اعلم .
محمد بن قمر الباب شيخ المذهب المالكي فقد قال في فتواه " يحرم من
سوف على جماعة النصارى أو سعى في أذيتهم أو ظلمهم أو تغريمهم شيئا ظلما لقول
الصادق الصدوق عليه أفضل الصلاة وأذكى السلام من أذى ذميا أو أنقص ماله كنت حجيجه
يوم القيامة .. والنصارى المذكورين التصرف في بنايتهم ، وإن عرف من تسبب في غرمهم
كان لهم الرجوع عليه بجميع ما غرموه .. وعلى من له ولاية الأمر كف القهر عن الرعية
المذكورين فهم وأن كانوا نصارى فإنهم من جماعة الرعية وكل راع مسئول عن رعيته "
.
الشيخ حمدان المقدسي مفتى المذهب الحنبلي " لا يجوز
للجماعة المذكورين أذية طائفة النصارى المذكورين بالتساويف الباطلة عليهم ، ويحرم
عليهم ذلك لكون الذميين المذكورين معصومين ولايجوز لأحد أذيتهم بغير وجه شرعي
" .
الشيخ محمد المرحومى مفتى المذهب الشافعى والذى
كان أكثر صراحة ووضوحا بل وأكثر حدة على كل من يحاول أذية النصارى .. فقال"
لايجوز للجماعة المذكورين أذية طائفة النصارى المذكورين ولا إصرارهم ولاظلمهم ولا
التسبب في تغريمهم .. ولا التعلل عليهم بالاوهام الباطلة الواهنة ، بل يحرم على
الجماعة المذكورين ذلك بل وعقاب كل من يتعرض النصارى بالأذية بالعقاب الشديد اللائق
بحالهم ، الزاجر لهم ولأمثالهم عن قبيح أفعالهم بما يراه الحاكم باجتهاده من حبس
أو ضرب أو نفى أو غير ذلك " .
هذه هى فتوى شيوخ المذاهب الأربعة الصادرة في عام ١٠٨٢ هجرية .. في ظل
العهد الذى إعتادنا أن نسميه بالعهد الأسود .. فهل لنا أن نسأل عن حالنا في عهدنا
( غير الأسود ) وعن موقف رجال الدين أو بعضهم مما يجرى أمام أعينهم من محاولات
رسمية وغير رسمية للتفريق بين المواطنين بسبب الدين والعمل على بث بذور الفتنة بينهم
.
ماذا جرى لمصر ؟
يظل السؤال بغير إجابة ، أو بالدقة يظل البعض محاولا جهد طاقته التستر
على الإجابة .. لكن سنواصل نحن السؤال .. وسنواصل .. ولن نمل .
*عضو مجلس الشيوخ