عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

"الحصانة البرلمانية" بعيدًا عن "القُبة".."عُرف مصري" فريد لمخالفة "دولة القانون"

تحيا مصر

تبقي الحالة المصرية في تعاطيها مع ملف الحصانة البرلمانية فريدة من نوعها، رغم الضوابط والتدابير الدستورية المنظمة لها، كون الأمر دائمًا ما يكون له أبعاد أخري، ليست بعيده عن أفكار وقناعات المصريين في العديد من الملفات التى دائما ما تكون أيضا مختلفة عن جميع دول وتجارب العالم الأخري، حيث الثقافة المصرية جزء كبير منها مرتبط، بأن الحصانة ما هي إلا سبيل للحماية من أجل الشروع فى مخالفة القانون في حد ذاته، وقد تكون تراكم وتوريث هذه الثقافة لدي الأجيال المتعاقبة هو ما ينال منها نوعًا ما، ومن ثم نري العديد من النماذج النيابية الغير مسؤولة والمتورطة فى مخالفات القانون، وبلاشك المجلس دائما ما يكون رادع وحاسم فى تطبيق القانون ولائحته مع مثل هذه النماذج.

إقرأ أيضا ..السجن المشدد و20 مليون جنيه غرامة.. عقوبة الامتناع عن تنفيذ الحجب للمواقع المروجة للأكاذيب والمحرضة علي الدولة

وفق هذه القناعات المصرية، أصبحت الحصانة البرلمانية، بوجهين لدي المرشحين في أي عملية انتخابية، ولكنها بلاشك ذو وجه واحد لدي الجهات المعنية بتطبيق القانون وإدارات المجالس النيابية فى مصر، صاحبة التاريخ البرلماني الكبير والأكبر بالمنطقة، حيث يتجاوز الـ150 عامًا، حيث الوجه الأول أرتبط بالأعراف وأن المواطن يذهب لدخول البرلمان من أجل تحقيق الحماية والحصول علي الحصانة من أجل السير مخالف فى الطريق، والسير بلا رخصة، ومخالفة القانون في كل شيئ، بزعم إمتلاكه للحصانة، والوجه الأخر للحصانة وهو الوجه الوحيد بحسب القانون والدستور، أنها من أجل الحماية داخل أروقة المجلس للقيام بمهامه البرلمانية علي مستوي التشريع والرقابة وهذا جزء أطلق عليه المختصين الجانب السياسي من الرقابة.

الجانب الثاني من الوجه الأخر للحصانة بحسب الواقع المصري، ذات صلة بالإطارات الإجرائية، حيث أنه لا يجوز القبض علي النائب البرلماني إلا متلبسا فى جريمة، ليس أكثر ولا أقل، وفيما عدًا لا يجوز الإقتراب منه إلا من خلال إجراءات إذن بسماع أقواله، في تحقيق ما يجري معه أو يكون هو طرف فيه، ومن ثم جميع الإطارات الإجرائية منصوص عليه وفق بالدستور والقانون واللائحة الداخلية المنظمة لعمل كل مجلس.

إقرأ أيضا المستشار محمود إسماعيل عتمان آمينا عامًا لمجلس الشيوخ

بمرور الوقت الواقع المصري دائما ما تعود علي أن يفرض "العُرف" علي "القانون"، ويكون العرف هو السائد عن القانون، ومن ثم أصبح عرف الحصانة البرلمانية لدي قطاع ليس قليل من المصريين بأنه من أجل الحماية لمخالفة القانون، ومن ثم تكون الحروب دروس علي الفوز بعضوية أي من المجالس النيابية، وهو أمر بدأت الدولة المصرية تدركه بشكل جيد خلال الأونة الأخيرة وتعمل علي التوعية السياسية والبرلمانية، من أجل أن يكون نائب البرلمان ذو كفاءة وقدرة علي القيام بمهامه البرلمانية تشريعيا ورقابيا، وفق التقاليد البرلمانية والقانون الذي يمكن من أداء مهامه من خلال الحصانة بأبعادها السياسية والإجرائية فقط دون الإقتراب من الأعراف التى قد تكون أساس لمخالفة القانون.

الإطار السياسى والإجرائي 

الحصانة بإطاراتها السياسية والإجرائية من أجل أن يمارس العضو مهامه تحت القبة برلمانيا بمستويات التشريع والرقابة، ومن ثم لا يجوز التعسف معه من أجهزة ومؤسسات الدولة تجاه ما يقوم به من إجراءات وتصريحات وأقوال تحت القبة حتي يؤدي مهمته بكل حرية، وفى الشارع لا يجوز أن يتم القبض عليه إلا متلبسا بجريمة، ولكن العرف السائد عن الحصانة البرلمانية بأنه من أجل كسر كل شيئ ومخالفة كل شيئ وهو أمر يخالف القانون، وأجهزة الدولة ومجلس النواب فى فصله التشريعي الجاري كان حاسم فى كل الملفات ذات الصلة بالحصانة ولم ولن يتستر علي أحد وسعي لتطبيق القانون واللائحة علي جميع الطلبات التى قدمت له بشأن الحصانة.

بجانب ذلك لدي النائب المصري عرف سائد أيضا من خلال الحصانة في أنه يقوم بعمل زيارات ميدانية للجهات والمصالح الحكومية ويعمل علي تفعيل دوره الرقابي ميدانيًا، وهو أمر في الأساس مخالف للقانون واللائحة، حيث الدور الرقابي للنائب من خلال أدوات رقابية مقدمة للوزير المعني، والجميع تابع ما حدث من النائب إلهامي عجينه عضو مجلس النواب عن محافظة الدقهلية، بإحدي المستشفيات، ومن ثم كان دوره أن يمارسه من خلال أداه رقابية وليس إحداث مشكلة مع الموظفين والعاملين من الأطباء، وهذه الأمور من الإطارات التى تأتي في إطار الأعراف، حيث طوال السنوات الماضية ومن باب التعاون والتنسيق بين السلطات التنفيذية والتشريعية يتم عمل زيارات وتنسيقات بين النواب وكافة أجهزة الحكومة، خاصة أن السلطات التنفيذية الأدني دائما ما تحتاج النواب لدعمهم أمام الوزير المعني بتوفير موارد المالية أو توفير معدات أو غيرها من الإحتياجات، ومن ثم الأمر كله في إطار التعاون الذي تحول لعرف بدء يتم استغلاله بشكل سيئ من خلال الحصانة.
السؤال الذي قد يطرح في هذا الإطار وخاصة ذات الصلة بالمراقبة الميدانية، بأنه بهذا الشكل يكون أداء النائب الرقابي علي ورق من خلال أدوات فقط؟ وهو أمر صحيح ولكن ذلك بجانب أدوات رقابية أخري، من عمل زيارات ميدانية للجان النوعية بشكل رسمي، وأيضا تشكيل لجان تقصي حقائق، والجهات المعنية مطلوب منها الرد بشكل رسمي علي كا ما يثار، وغيرها من كافة الأدوات الرقابية الأخف حيث البيان العاجل حتي الاستجواب والذي يتم وصفه بأنه الأغلظ دائما.

كيدية طلبات رفع الحصانة ومرتضي منصور

السؤال الثاني الذي قد يثار أيضا حول ملف الحصانة فى مصر، متعلق بالفصل التشريعي الجاري لمجلس النواب، برئاسة د. علي عبد العال، وعدم حسمه لعشرات طلبات رفع الحصانة المقدمة ضد النائب مرتضي منصور، وقد يكون الرد الأوقع والأقرب للحقيقة في أن المجلس محكومة بلائحة ودستور، ومنوط به النظر في كيدية الطلبات من عدمها دون التطرق لما في الطلب من أدله، وما وقع في ذهن المجلس علي مدار السنوات الماضية أن كل التحركات ضد النائب مرتضي منصور ذات صلة بالكيدية من خصومه، والدليل علي ذلك بأنه فى أواخر دور الانعقاد الخامس بمجرد طلب النائب مرتضي منصور الإذن له للحديث والإدلاء بأقواله أمام النائب العام وافق المجلس، وذلك فيما تدواله المواطنين من فيديو يسيئ فيه مرتضي لعدد من الجهات.


رئيس مجلس النواب، د. علي عبد العال، دائما ما يقول أن المجلس لا يتستر علي أحد مهما كان وأنه ملتزم بالدستور واللائحة فى ملف الحصانة، وظهر ذلك بشكل واضح فى ملفات النواب الذين تورطوا فى قضايا فساد، سواء في الجيزة أو القاهرة، وغيرها من الحالات الأخري المتعلقة بالأحكام القضائية، ومن ثم يكون وضع الحصانة البرلمانية المصرية دائما ما يكون خاص، حيث عرف سائد به العديد من الإشكاليات وفى حاجة للتعديل والتغلب علي إشكالياته وقانون ودستور منظم لها في الإطار الأخر من ناحية الجانب السياسي والإجرائي.

ضوابط اللائحة

اللائحة الداخلية لمجلس النواب تنظم كل ضوابط الحصانة حيث المادة 355 بأن لا يُسأل عضو مجلس النواب عما يبديه من آراء تتعلق بأداء أعماله فى المجلس أو فى لجانه.مادة 356 تنص أيضا علي أنه لا يجوز فى غير حالة التلبس بالجريمة، أثناء دور انعقاد مجلس النواب، أن تتخذ ضد أى عضو من أعضائه أية إجراءات جنائية فى مواد الجنايات والجنح سواء فى مرحلة التحقيق أو الإحالة إلى المحاكمة، إلا بإذن سابق من المجلس فى كل منها. وفى غير دور انعقاد المجلس، يتعين لإتخاذ أى من هذه الإجراءات أخذ إذن مكتب المجلس، ويخطر المجلس عند أول انعقاد بما اتخذ من إجراء فى هذا الشأن.

مادة 357 يقدم طلب الإذن برفع الحصانة عن العضو إلى رئيس المجلس، ويجب أن يتوافر فى الطلب الشروط الآتية: أولاً: إذا كان مقدماً من إحدى الجهات القضائية: 1-أن يكون مقدما من النائب العام أو من المدعى العام العسكرى، بحسب الأحوال. 2-أن يبين الطلب الواقعة المنسوبة للعضو المطلوب رفع الحصانة بسببها، والمواد المؤثمة لهذه الواقعة. 3-أن يبين رقم القضية المقيدة ضد العضو، وما اتخذ فيها من إجراءات فى مواجهة الغير، وصورة من أوراق ومستندات القضية. ثانيًا: إذا كان مقدما ممن يريد إقامة دعوى مباشرة, ويجب أن تتوافر فى الراغب فى إقامتها الصفة والمصلحة، وأن يقدم طلبا برفع الحصانة، مرفقا به صورة من عريضة الدعوى المزمع إقامتها، مع المستندات المؤيدة لها، ومبينًا فيها على وجه الوضوح الواقعة المنسوبة للعضو والمواد المؤثمة لها. ولا يعتبر طلبا بالإذن برفع الحصانة كل طلب لم يستوفِ الشروط المُشار إليها.

مادة 358 تنص علي أن يحيل الرئيس الطلب برفع الحصانة فور وروده إلى مكتب المجلس لفحص الأوراق ولبيان مدى توافر الشروط المشار إليها فى المادة 357 من هذه اللائحة فى طلب رفع الحصانة, فإن انتهى المكتب إلى عدم توافر الشروط المذكورة فى الطلب، قام بحفظه وعَرض الأمر على المجلس دون أسماء، وإذا انتهى المكتب إلى توافر الشروط المتطلبة، أحال الرئيس الأمر إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لإعداد تقرير عنه للمجلس, وينظر المجلس التقرير على وجه الاستعجال للبت فى طلب الإذن برفع الحصانة. وفى جميع الأحوال, يخطر كل من العضو، وطالب رفع الحصانة، وجهة التحقيق المختصة بما تم فى الطلب من إجراءات, كما تخطر لجنة القيم بما تم للإحاطة.

إقرأـ أيضا الحبس 5سنوات وغرامة الـ300 ألف جنية.. عقوبة جديدة لفبركة وتركيب الفيديوهات والصور

مادة 359 ليس للعضو أن ينزل عن الحصانة، وللمجلس أن يأذن للعضو بناءً على طلبه بسماع أقواله إذا وجه ضده أى اتهام ولو قبل أن يقدم طلب رفع الحصانة عنه، ولا يجوز فى هذه الحالة اتخاذ أية إجراءات أخرى ضد العضو، إلا بعد صدور قرار من المجلس بالإذن بذلك طبقا لأحكام المواد السابقة.

مادة 360 لا يجوز، إلا بعد موافقة المجلس، اتخاذ إجراءات أو الاستمرار فى إجراءات إنهاء خدمة عضو المجلس العامل فى الجهاز الإدارى للدولة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام وما فى حكمهم بغير الطريق التأديبى، كما لا يجوز اتخاذ أية إجراءات تأديبية ضده أو الاستمرار فيها. ويقدم طلب الإذن باتخاذ إجراءات إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبى أو باتخاذ الإجراءات التأديبية قبل العضو أو الاستمرار فى أى من هذه الإجراءات من الوزير المختص إلى رئيس المجلس. ويجب أن يرفق بالطلب مذكرة شارحة لأسباب الطلب مع أوراق التحقيقات أو المستندات أو البيانات التى يستند إليها. ويحيل الرئيس الطلب ومرفقاته خلال ثلاثة أيام إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لإبداء الرأى خلال عشرة أيام فى شأن الإذن باتخاذ الإجراءات التأديبية قِبَل العضو أو السير فيها أو فى إجراءات إنهاء خدمته بغير الطريق التأديبى. ويجوز لمكتب المجلس إحالة الطلب المذكور فى ذات الوقت إلى لجنة القيم، لدراسة موقف العضو وإبداء رأيها خلال المدة السابقة فى شأنه لمكتب المجلس.

مادة 361 لا تنظر لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ولا المجلس فى توافر الأدلة أو عدم توافرها للإدانة فى موضوع الاتهام الجنائى أو التأديبى أو فى الدعوى المباشرة من الوجهة القضائية، ولا فى ضرورة اتخاذ إجراءات الفصل بغير الطريق التأديبى قبل العضو، ويقتصر البحث على مدى كيدية الادعاء أو الدعوى أو الإجراء، والتحقق مما إذا كان يقصد بأى منها منع العضو من أداء مسئولياته البرلمانية بالمجلس. وفى كل الأحوال، يتعين البت فى طلب اتخاذ الإجراء الجنائى ضد العضو خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ إخطار المجلس وإلا عُد الطلب مقبولاً. ويؤذن دائما باتخاذ الإجراءات الجنائية أو التأديبية أو برفع الدعوى الجنائية المباشرة متى ثبت أن الدعوى أو الإجراء ليس مقصودا بأى منهما منع العضو من أداء مسئولياته البرلمانية بالمجلس. كما يؤذن دائما باتخاذ الإجراءات المتعلقة بإنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبى قبل العضو متى تبين أنها لا يقصد بها الكيد له بسبب مباشرته لمسئولياته البرلمانية أو تهديده أو منعه من مباشرة هذه المسئوليات بالمجلس.

تابع موقع تحيا مصر علي