النائب محمد فؤاد يكتب: وزير الاتصالات وخطيئة المحاباة
ADVERTISEMENT
يبدو أن الدكتور عمرو طلعت قد نسى أنه ترك عمله في "الشركة العالمية" وأصبح في منصب وزير الاتصالات، فلا يزال يتعامل كونه رئيس الشركة، فمن ناحية عمل على تعيين قيادات من هذه الشركة في وزارته، ومنهم مساعدته المهندسة هالة الجوهري التي شغلت قبل ذلك منصب رئيس مراكز الشرق الأوسط وإفريقيا بالشركة العالمية، ومن ناحية أخرى –وهي الأدهى والأخطر- نجد موقف الشركة العالمية المثير للجدل في مناقصة حكومية ضخمة والتي تداخلت فيه الاحداث بشكل لا يقبله عقل ولا يمكن تمريره دون مسائلة.
فوزير الاتصالات الحالي، اقترب من شبهة محاباة شركته التي عمل بها قبل ذلك لمدة 20 عاما، وبدا وكأنه لا يقف على مسافة واحدة من الجميع.
بدأت الواقعة، عندما طرحت الحكومة المناقصة المحدودة رقم 1 لسنة 2018-2019، والمتضمنة اختيار برنامج أساسي متكامل لمصلحة الضرائب المصرية، وتم آنذاك تشكيل لجنة فنية للبت في المناقصة من الناحية الفنية واختارت عدد من مقدمي العطاءات وطلبت منهم تقديم نموذج مُصغر للعرض المٌقدم من جانبهم يستعرض النظام الإلكتروني ومدى ملاءمته للمهام المطلوبة، وقررت اللجنة اختيار عدد من الشركات رأت ملاءمة العرض المقدم من جانبهم فنيًا.
حتى هنا لا توجد أزمة فالأمر يسير في شكل الطبيعي وفي إطاره القانون الصحيح، إلا أن وزير الاتصالات تدخل عاجلا باستبعاد هذه اللجنة الفنية وقرر تشكيل أخرى، و التي رفضت كافة العروض المقدمة من الشركات وقبول فقط العرض المقدم من شركته السابقة، وذلك دون سبب مُعلن، يبعده عن التساؤلات التي لا مفر منها سواء من الجهات الرقابية أو حتى الشركات التي تم استبعادها من المناقصة.
حيث أن الواقعة تمثل مخالفة صريحة لنص المادة (40) والمادة (15) من قانون المناقصات والمزايدات 89 لسنة 1998، والذي تسري أحكامه على هذه المناقصة، وكذلك أيضًا الفقرة الأخيرة من نص المادة (23) من اللائحة التنفيذية لذات القانون، والتي ألزمت اللجنة أن تبين بالتفصيل الكافي أوجه النقص والمخالفة للشروط والمواصفات في العطاءات التى تسفر الدراسة عن عدم قبولها فنيًا، وهو ما تجاهلته اللجنة الثانية التي شكلها الوزير، كما أن الواقعة مخالفة فجة للمادة (29أ) من اللائحة التنفيذية لذات القانون والتي نصت على أن تلغى المناقصة قبل البت فيها إذا لم يبقى بعد العطاءات المستبعدة إلا عطاء واحد.
أعلم أن هناك ظروفا تتطلب من المسئول اتخاذ قرار سريع، بهدف التعجيل من تنفيذ الأمر، إلا أنه في القطاع العام هناك ضوابط ملزمة لا يمكن تجاهلها بأي حال، كما أن الإسناد المباشر بهدف انجاز المشروع، كان يمكن اللجوء إليه لتبرير المخالفة حال عدم إطلاق مناقصة من البداية إلا وأننا قد أطلقنا مناقصة فلا يجوز أن نحرص على ترسيتها على شركة بعينها.
إذا أراد الوزير أن يرد الجميل لشركته السابقة فهو حرّ في ذلك طالما أنه يدفعه من ماله الخاص، إلا أن أموال الشعب ليست ملكه ولا ملك غيره يتصرف بها كيفما يشاء وإلا وقع في جريمة سياسية قبل أن تكون قانونيه تستوجب الإقالة فورا –إذا صحت.
الحكومة ذاتها ليست معفية من المسائلة، وأطالب رئيس الحكومة بتشكيل لجنة عاجلة للتحقيق في الأمر، واستيضاح تفاصيله كاملة -خاصة وأن الوزير ليس وحده في وزارة الاتصالات من تربطه علاقة سابقة بالشركة التي تم قبول عرضها فقط-، وبالطبع إعلان نتيجة التحقيق كذلك للرأي العام فهو المتضرر ومن حقه أن يعرف النتيجة.
ولا أجد ما أختم به الحديث، خيرا من حكمة الإمام علي، رضي الله عنه: «من وضع نفسه في مواطن الشك لا يلومن من أساء به الظن».