النائب محمد فؤاد يكتب: أي مرأة يمثل قومي المرأة؟
ADVERTISEMENT
انتظرت مدة أظنها كافية لأرى اعتذار من المجلس القومي للمرأة عما اقترفه في حق عدد من السيدات المتضررات من قانون الأحوال الشخصية، حينما حاولوا حضور إحدى جلسات المجلس لمناقشة مشروع القانون المقدم منه، إلا أنه يبدو أن المجلس لن يفعل، بل على العكس بادر بمغايرة الحقيقة وإصدار بيانات تنفي وجود أي منع أو ضرر على السيدات.
الواقعة فعلا تستحق التأمل، فمجلس قومي أنشأته الدولة لدعم المرأة وتمكينها، جعل من حراسه ساتر يمنع به المجلس دخول من يمثلهن ومهمته الأسمى الحماية وتوفير الرعاية لهن، بما يمثل مخالفة صريحة لدور المجلس ويتطلب موقف من الجهات المعنية تجاهه.
علاوة على ذلك خرج علينا أحد أعضاء المجلس، ينفي وجود أي جلسات مع النائبات في اليوم الذي حدثت فيه الواقعة، و يقول أن الاجتماع كان يخص وفد أفريقي يزور قومي المرأة، فهذا العضو تناسى أصدار المجلس بيانا في نفس اليوم، بما ينفي هذه الرواية التي يحاول المجلس أن يصدرها ويضع أعضاءه في موقف حرج يتطلب التوضيح العاجل.
دعك من هذا، -عزيزي القارئ- وأحيلك وأعضاء قومي المرأة، إلى الفيديوهات التي وثقن بها السيدات المتضررات ذلك الغبن الواقع عليهن، ومحاولة احتواء الموقف من خلال لقاء السيدات وبحث التهدئة والوعد بالمشاركة في الجلسات المقبلة، إضافة إلى محاولة الترويج كذبا بأن حضور السيدات كان بفعل فاعل كما و لو كان المجلس لا يمثل كل النساء!
لقد شرفت بتنظيم حوالي 30 حوار مجتمعي حول قانون الأحوال الشخصية في غالبية المحافظات، وكنت حريصا كل الحرص على تمثيل جميع الأطراف المعنية بالقانون من رجال وسيدات أجداد وجدات وغيرهم، لأنني باحث عن الحقيقة اسمع إلى الجميع وأحاول وضع قانون يعلي مصلحة الطفل في الأساس ويحقق العدالة بين الأطراف المعنية به، إلا أنني أتعجب بالفعل من موقف قومي المرأة، ورفضه الاستماع إلى أطراف يعانون من القانون، و منهم سيدات من المفترض أن المجلس دوره تحقيق طلباتهن.
الأدعى من ذلك أن المجلس حاول خلال الأيام الماضية، إصدار إحصائيات جديدة عن حالات الطلاق في المجتمع، تخالف المنطق في حسابها، وكذلك تتضارب مع الإحصائيات التي ساقها المجلس ذاته، وذلك ربما بهدف التهوين من الحاجة لتغيير القانون الحالي.
إن رفض المجلس، حضور كافة أطراف القانون جلسات الحوار المجتمعي حول الأحوال الشخصية المقدم منه، يعتبر نقطة سلبية توصم طرحه بالانحياز لطرف معين، وتشير إلى نهاية واحدة، وهي أن القانون يمثل اعتداء على حقوق المتضررين منه واستمرار لنفس الفلسفة التي أفسدت القانون الحالي، بالإضافة إلى افتقاد المجلس، منطقية التحاور مع مخالفيه الرأي وعدم امتلاكه حجج على مواقفه بالقانون.
فقانون كالأحوال الشخصية، بالطبع لن يخرج إلا بعد الاستماع إلى جميع أطرافه ودراسة الاعتراضات على القانون الحالي، وصياغة مواد تنطلق من هدف واحد وهو مصلحة الصغير، وليس محاولة الحفاظ على مكتسبات أفسدته، فالطفل ليس مكتسب ولن يكون، وكذلك دعم المرأة - الذي أؤيده بشدة- لن يكون بإعطاء قومي المرأة رخصة لإستمرار حالة قطع الأرحام المنتشرة بالمجتمع من اجل الحفاظ على مكتسبات زائلة.